تعالوا نتحاكم امام هذه اللحظة
يونس العموري | فلسطين
تعالوا نتحاكم أمام هذه اللحظة التي أصبحت مخزية وقد تكون مخجلة ومهينة بحق إنسانيتنا وفلسطينيتنا، تعالوا نحاور ذواتنا امام شجر الزيتون المقاوم في ظل الحقد على التين والزيتون وحكايا الجدات، تعالوا نرى المشهد من جديد، وتعالوا نعاود فهم ما يحدث، أو بالأحرى محاولة استيعاب المفردات الجديدة بقواميس الإيمان المطلق لإمام العصر الجديد، وواقعية الحكم الرشيد، تعالوا ندقق النظر بعيون ذابلة ومحبطة بمشهد الفرار والهروب والقتل من وطن يُقال إنه الوطن.
تعالوا نقول ما يجب ان يُقال… لا ما تريدون ان تسمعوا ما يُقال…. من أنتم؟؟ ومن أين لكم كل هذا الحقد؟؟ وكل هذه الظلامية؟؟ كيف لنا أن نصدق أمنكم وأمانكم؟؟ في شطري الوطن المسلوب الإرادة ، والمُتصارع على سلطة السراب فيه ، وكيف لنا أن نتعايش وإياكم في ظل القتل والضرب والصراخ والضجيج؟؟ ما هي عقيدتكم وتوجيهاتكم؟؟ إن كنتم من المؤمنين بالمعجزات وصناعة المعجزة فشعب فلسطين بحد ذاته معجزة، وأن يقف بوجه الجلاد والمغتصب للحلم معجزة المعجزات، ولا يستحق منكم كل هذه البشاعة والتفنن بافعال ظالمة بتهمة الاعتراض على صراخكم وضجيجكم.. ولا تحاولوا ان تقولوا ما تقولون من فبركات اعلامية وعبارات أصبحت معلومة ومعروفة ونغمة من نغمات من ينطق باسمكم حيث سئمنا من سماعنا لمقولة لكل من يختلف معكم او معهم إنه من فلول التيار الظلامي أو ذاك الخياني.
تعالوا نناجي الرب بحضرة الإنكسار والظلم، وإن كان القهر سيد الموقف، ولا داعي لأن نمارس خداع الكلام المعسول والممزوج بدبلوماسية الكذب والتكذيب، ولنصارح فقراء أرصفة الشوارع والجوع، ومن يجوبون الحواري بحثا عن حقيقة وجودهم، وهل باتت أسماؤهم وكنى عائلاتهم من مرادفات ابليس الجديد؟؟… وعذرا لشاعر قال ما قال بحضرة الرب حينما ضاقت رقعة جغرافية الوطن عليه وولى الأدبار هاربا بعتمة ليل غاب القمر ليلتها ليكون فعل الهروب ممكنا، وانشد مناجيا رب وطنه والاوطان متمنيا على ابواب سنته الجديدة ان يكون للوطن معنى وان يكون لإنسانيته حقيقة يفهمها الأخر، فحينما يصبح هذا الوطن سجنا والسجان رفيق الأمس، وحينما يتحول الوطن مرتعا لممارسة القهر في وضح النهار، ومملكة لأمراء المجون، يصير كل شيء مباحا، وانهيار مداميك ما يسمى بالقيم والاخلاق والمحرمات فيه الكثير من وجهات النظر… فنيرون أحب روما وأحرقها، والحجاج حفظ كلام الله وقصف الكعبة…
تعالوا لنقول كلمتنا بوجه التنين ولمرة واحدة، وليكن من بعد ذلك الطوفان. سئمنا التحليل والتعقل وممارسة أقصى درجات الضبط والحكمة، وربما يتطلب الموقف ان نصبح المجانين بوضح النهار، وجنون الجماهير فيه الكثير من التعقل حينما تعجز القيادات بليلها…
هي كلمة الجماهير الآن وهي كلمة من يجب ان يقول كلمته في ظل اشتداد الهجمة وانسداد الأفق، فلا يمكن ان يتوقف هذا العبث إلا حينما يدرك الشعب، كل الشعب وبكل أطيافه السياسية والثقافية والدينية والاجتماعية، بأنه آن الأوان لطردهم من بيوتنا ومن احلامنا ومن على موائدنا…
هي كلمة للتاريخ وليغضب من يغضب، فلم يعد يهمنا غضب حفنة من الظالمين وحفنة من المتطرفين والعنصريين، فهم الحاقدون على الأفكار المبدعة المحلقة بعنان السماء… وهم من يخافون من أن يصبح الوطن وطنا فعليا للكل ومن لا يرى الوطن إلا بعيون لغة الدولار والبزنس، يرتعبون من الفكر الحر، يرتعبون من قصيدة حب ومن ظفيرة سمراء ترقب سويعات الغروب على شاطىء البحر المائج أو من قصيدة صوفية تحاول مناجاة الله بعيدا عن الشهوة والملذات بالعسل الموعود وحوريات العين….
فحينما يصبح القتل على هوية الانتماء السياسي أمرا فيه وجهة نظر يصبح كل شيء مباحا، ويصير الدم رخيصا وله من يبرره ويبرر سفكه على أرصفة الشوارع، وعندما يتمنطق المتحدثون بأغلظ البيانات المزمجرة تحريضا للذبح من الوريد للوريد تسقط كل المحرمات لتسقط معها كل الاخلاقيات التي من شأنها ضبط إيقاع وحركة الإنسان ليبقى إنسانا.
هي إذن المرحلة التي لابد من ان نعبرها من جديد، بمحطة جديدة وبوقائع جديدة يحملها فعل القتل الرخيص ما بين رفاق القهر.. فهل من الممكن ان نقف مكتوفي الأيدي تجاه ما يحدث بالظرف الراهن على الساحة الفلسطينية؟؟ سؤال اعتقد أنه برسم الشعب كل الشعب… وهل من الممكن أن نقف أيضا على الحياد تجاه الصراع الدموي الذي لابد له ان يكون ما بين امراء مراكز القوى الراهنة ، والذي أخذ شكل العداء ومحاولة كل طرف تصفية الآخر واجتثاثه نهائيا؟؟ سؤال أعتقد أنه برسم النخب والقيادات التي تسمي نفسها مسؤولة عن هذا الشعب بصرف النظر عن الأطر التي تتقوقع فيها…. وما هي خارطة الطريق للخروج من هذه الأزمة؟؟ التي باتت تلقي بظلها عند الحديث عن أي تغير حكومي ممكن او حتى التعديل البسيط او تدوير الزاويا لقادة الأجهزة الأمنية او حتى تغير سفراء دولة فلسطين ، حيث نرى هنا احتدام صراع الامراء لتعزيز مناطق النفوذ .
ونظل نحن بالتحليل غارقين ، منتظرين لإعلان المراسيم المتوافقة ومصالح امراء الصراع ، والتوزان يظل هو المعادلة الحاكمة بمنطق الحسابات اللحظية حتى يقضي الله امرا كان مفعولا….