تلاتة بالله العظيم: سوهاج أرض مصرية!

د. مصطفى رجب | أكاديمي مصري

إذا زرت حلايب وشلاتين والواحات الداخلة وغيرها تشعر أنك في جمهورية مصر العربية بدلائل كثيرة منها الأعلام وضباط الشرطة وجنود المرور.

وهذه المظاهر (الحضارية) موجودة أيضاً في محافظة سوهاج، ومع ذلك فلا تشعر وأنت تتجول في المحافظة وتعيش فيها أنك في مصر، بل في موزمبيق،ولهذا الشعور ثمانية وخمسون سبباً هي :
1- أن رؤساء الوزارات لا يزورون سوهاج، فالدكتور عاطف صدقي الذي حكم مصر (10) عشر سنوات زارها مرة واحدة والدكتور نظيف لم يزرها قط. لأنه كان رجلا عمليا ولا يتحرك إلا لعقد صفقات أو معاينة نشاط . . والمحافظة بحمد الله (رايقة) جداً ولا يوجد ما يعكر صفو هدوئها من مشاريع أو أنشطة أو ما شابه ذلك .
2- كما أن اسم المحافظة لا يظهر في نشرات أخبار التليفزيون الحكومي إلا عند وقوع كوارث من الوزن الثقيل مثل السيول والزلازل، وفي هذه الحالة لا يظهر اسم المحافظة في النشرة كحق إعلامي دستوري، وإنما يظهر اسم المحافظة وطبيعة الكارثة وتتركز الصور والتعليقات على ما تفضلت به الحكومة من عطايا ممثلة في البطاطين والبطاطا التي توزع – بعد النشرة – على المحاسيب لا المضارين .
3- يشيع بعض الخبثاء أن الحكومة لا تعرف حتى الآن أين هي سوهاج على الخريطة بالضبط فلا هي شرق التفريعة ولا هي غرب التفريعة ، والدليل على أن الحكومة لا تعرف موقع سوهاج يمكن تقسيمه إلى ثلاثة أدلة دامغة هي :
3/أ – أن كتاب (الشخصيات القومية البارزة) الصادر عن هيئة الاستعلامات المصرية، ينسب مدناً سوهاجية شهيرة مثل (جرجا) إلى محافظة قنا، وينسب مدناً تتبع قنا إلى سوهاج.. وكله تمام!.
3/ب – أن سوهاج في أجهزة وزارة الثقافة تتبع ما تسميه الحكومة (إقليم وسط وجنوب الصعيد)، وفي أجهزة وزارة الإعلام تتبع سوهاج ما تسميه الحكومة (جنوب الصعيد) ومعنى ذلك أن الحكومة تحتاج إلى حصص تقوية مكثفة [بعد إذن د.وزير التعليم] في الجغرافية لكي تفهم ما أول الصعيد وما آخره. وأين يقع وسطه بالضبط. “وشر الأمور الوسط” – يا إخوانا!! – في أحيان كثيرة [كما هو الحال مع الغوازي مثلاً] .
3/جـ – أكثر من 70 % من الوزراء لم – ولن – يزوروا سوهاج وبالتالي فإنهم أغلبية الحكومة وعلى ذلك فالحكومة – بالأغلبية – لا تعرف أين تقع سوهاج. فقد ظل حسين بهاء الدين وزيرا أربع عشرة سنة لم يزر سوهاج ويوسف والي 22سنة وصفوت الشريف 20 سنة….إلخ
فهل تستطيع الحكومة أن تكذب هذه الادعاءات وتنشر بياناً واضحاً بتواريخ زيارات الوزراء للمحافظات المخالفة في جدول مقارن توضح به أسباب الكوارث التي أدت للزيارات بالنسبة للوجه القبلي عموماً وسوهاج خصوصاً؟ وهناك وزراء لم يزوروا سوهاج قط لا في الكوارث ولا في الأفراح والليالي الملاح، ولن يخطر ببالهم ذلك فهل يستطيعون أن يقفوا أمام البرلمان أو الصحافة ويعلنوا أنهم غير مسؤولين عما يخصهم في سوهاج؟
4- إن التيارات السياسية (البرلمانية) والشعبية والتنفيذية في محافظة سوهاج قيادات(تاريخية) بالفعل عمرها جميعاً من عمرسيدي (أبو الهول) وزير شؤون البتاع،وبالتالي فإن (استقرارها) أعطى الحكومة انطباعاً خالداً بأن محافظة سوهاج ما هي إلا بضع عائلات تحكم قطعاناً من الناس الخفاف اللطاف اللي زي السكر!. والأمور على هذا النحو مستقرة ومستريحة ويا قاعدين يكفيكم شر الجايين .
5- أن من يظنون أنهم أصحاب نفوذ من أبناء سوهاج ممن يتحكمون في أقدار الناس هنا، يعطون كل القيادات الوافدة ، انطباعاً يومياً دؤوباً بأنهم هم وحدهم (أصحاب البلد) وأن أسلافهم الصالحين كانوا من دعاة الاستقرار . ومن ثم فإن أي قيادة ترغب في التغيير أو ترغب في تصويب الأوضاع تدخل غصباً عنها في دوامة ذلك الانطباع المستشري في عقول بقية القيادات الرقابية الوافدة وهو أن من المحال تغيير الحال وليس في الإمكان أبدع مما كان.
والنتائج :
1- أن شعور الجماهير في أنحاء المحافظة تجاه الحكومة هو مزيج من الإحباط والغيظ والألم والشعور بالنبذ والتجاهل مما قد يعرض شعب سوهاج الحبيب للبكاء وتكسير الكبايات وتقطيع اسفنج القطارات اللي فاضل .
2- كما بدأت الجماهير تشعر بأن المحافظات التي ترعرع فيها الإرهاب مثل المنيا وقنا وأسيوط حظيت – كمكافأة – برعاية حكومية واهتمام بالخدمات والتصنيع لخلق فرص عمل حقيقية، وبقيت سوهاج عبئاً على الدولة لا ترى فيها الدولة أي شيء يشجعها على تقديم خدمات حقيقية للجماهير المستكينة الهادئة العاقلة التي لا تسمح – بطبيعتها – بنمو الإرهاب على أرضها وبذلك تكون الجريمة قد أثمرت وكوفئت وهذا بلا شك أكبر خطأ ترتكبه الحكومة .
3- أن الحكومة وإن كانت تدرك ما في سوهاج من ثروة سياحية فإنها لا تجرؤ على وضعها على الخريطة السياحية لأنها ترى ما في المحافظة من عوائق تتمثل في :
– عدم وجود فنادق
– سوء خدمات السكة الحديدية
ويكفي أن نعلن هنا أن علماء الآثار يؤكدون وجود مدينة رومانية كاملة مدفونة تحت أرض مدينة المنشاة بسوهاج تحتاج إلى مؤازرة دولية ضخمة كما حدث في نقل معابد فيلة لإخراجها إلى النور وفي ذلك ما فيه من ثروة أثرية/سياحية .
و إذا ظهر هذا المقال – ومرت عليه شهور العدة الحكومية الشرعية-ولم تظهر أية نتائج سوى بضعة تصاريح بأنه جاري العمل في (إنشاء نقطة مطافي) على النيل فهذا مما سيسعدنا أكثر نحن أبناء المحافظة . إذ سوف نتأكد بالفعل من أن الحكومة تحبنا لدرجة أنها تنسانا من كثرة التفكير فينا بمنطق أن الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى