اقرأ واستمع وشاهد للشاعرة الفلسطينية قمر عبد الرحمن
هيّا نَتفيّأُ تحت زهرِ الياسَمين
لم يُؤمنوا بي، ولم يداروا شمعةَ الحرفِ لديَّ
لقد سلَبوا منّي التعبيرَ عن وجعِ أصابعي
أخرسوا فمَ القلم
وأطفَأوا جسدَ العطاءِ فيَّ
..
كنتُ أقرأُ كلَّ ما يقعُ تحت يديّ
أمرّ مرّ الكرامِ عليه إن كان مملًا
وأهبَهُ الوقتَ إنْ كان يروي ظمأ مقلتّيَّ
لعلّي بالقراءةِ أرمّم ما كسروا فيَّ
كنتُ أحلمُ بنزار ودرويش يتحدّثان إليّ، وأقولُ ما الذي أتى بهما؟ ولِمَ اقتحما حلمي
أيُعقلُ أن يكون تنبؤًا لمستقبلي؟
أم أنّ عقلي الباطن وشى لذاكرتي..
..
لا تركِنوا إلى أحلامكم
ولا تُؤمِنوا بأمانيكُم
إلا باقتران العمل.. واعتناق الأمل
هيّا نتفيّأ تحت زهر الياسمين
لقد اجتمع الإنسُ والجنّ لزرعِ الأشواكِ في طريقي
وأصَرّوا على تفاهةِ قلمي وصديقي
وأنا أمشي وراءَهم على الأشواكِ حافيةً
اقتلعُ الشّوكَ فتُدمى يداي وقدماي
وما كان لشيء أن يُطفىءَ حريقي
..
لولا أنّ واقعي يستفزّني لما كتبت
فكم وعدتُ نفسي ألّا أكتبَ.. وكتَبت
وكلّما أحبطني عدوّي، ينتصبُ الألمُ والأملُ سويًا ويكتبني الصّمت!
..
كم شكوتُ لأبي وندِمت
كم شكوتُ لأمّي وندِمت
في الحقيقةِ، أنا أشكو همّي لقلمي
وهُما (يقرءانِ الهمّ بعينيّ)
هيّا نَتفيّأ تحت زهرِ الياسَمين
كنتُ أمشي درويش وأنا في الطريق إلى بيتي، وبيدِهِ قلمٌ وورقة، يكتب تفاصيلَ حياتي..
وكنتُ أسألُه بانبهارٍ، ماذا تفعل؟
يقولُ: أكتبُ سيرتَك !
نعم.. كان محمود، وكان تفسيرُ هذا الحلمِ محمودًا
لكنّي لم أصدّقهُ.. خشيةَ الغرور
..
كذّبتُ حُلمي مراتٍ ومرات
فحتّى لو كان من عظماء الشّعر فهو قَضى ومَضى
“أوَ يُؤمنُ بي ميّتٌ.. ويُميتُ الحياةَ فيّ حيّ”
إلى أنْ حَلُمَ أبي حلمًا مُشابِهًا
لقد رأى نزار يُمسكُ بيدي تحت شجرةٍ ظليلة
ويقولُ فيَّ قصيدةً طويلة
لم تُسعِفْهُ ذاكِرتَهُ ليحفظَ ما قالهُ نزار
لكنّه استيقظ فرِحًا يملؤُهُ الفخرُ بي،
ليُسجّل مطلعَ القصيدة:
“هيّا نَتفيّأ تحت زهرِ الياسَمين”
نعم قالها نزارٌ لي في حُلُم أبي
كذّبتُ نفسي وحُلُمي.. لكنّي صدّقتُ أبي
فرؤية الحلمِ مرّة.. تعني الصّدفة
وتكرارُ الحلمِ مرّتين.. يعني الإيمان
آمنتُ بنفسي، وقرّرت أن أكتب
هيّا نتفيّأ تحت زهر الياسمين