دردشة حب

بقلم: جمال عبد الناصر

Painting by Antonio Guzman Capel 

1-“الجزء الأول”

كَتبت برسالة نصية .

” أود أن أخبرك بسر أخفيته عنك لفترة, افتح الإنترنت ولا تتأخر”.

هرعت لكي أفتح الإنترنت بكل شوق, لكي أعرف ماهو سرها المخفي.

ودارت بيننا دردشة ورسائل شيقة وجميلة.

هي:- آلوه آلوه

وينك ..

أنا:- نعم أسمعك, “أرسل أرسل” بلغة عسكرية لاسلكية كما اعتدت أن أضحكها برسائلي.

هي:- ايش تتوقع السر

أنا:- لو كنت أعرف لما فتحت الإنترنت, احكِ بسرعة قبل أن يتبخر الشغف من مشاعري, ويصيب التعب أعصابي.

هي:- مذ عرفتك, جعلت قلبي معلقا بحب “الضالع” أكثر من مسقط رأسي “صنعاء”.

أنا:- ظننتك ستقولِ إنك وقعتِ بحبِ امممم

هي:- لم يجمعني بك منذ البداية غير الحب, ولن يفرقني عنك غير الموت.

حبنا لم يكن سراً لكي أخفيه عنك وأصارحك اليوم به, أعلنت حبِي لك ضمنياً عند أول ضغطة إعجاب على أحد منشوراتك في الفيسبوك.

أنا:- ياويلي امممم عندما تقع بشباك أنثى جميلة وكاتبة بالوقت نفسه.

هي:- صحيح إن حب الكاتبات الجميلات صعب,  ولكن أنت جعلتني أرمي سيفي وأرفع الراية البيضاء أمامك, لأنك الوحيد الذي هزمتني بصفائك ونقائك وعذوبة فكرك.

وقفت عاجزة أمامك بدون شعور عند بداية أول دردشه, وأدركت من يومها أنك سوف تسيطر على روحِي بسرعة كما سيطرت “طالبان”على أفغانستان .

أنا:- اممم من ياترى يكون “الاحتلال الأمريكي” الذي خرج من قلبك, بعد سيطرة “طالبان”؟!!

هي:- لم يتجرأ أحد على احتلال قلبي سواك, فرضت واقعا بعالمي يصعب على أنثى تجاوزه.

قبل مجيئك كان قد احتل قلبي الحزن وغزاني الألم, وعند قدومك أدركت أن شرارة الثورة والكفاح  انطلقت لتحريري من الوجع الذي كان يتملكني.

أنا:- متناقضة في أقوالك, قلت في البداية إني احتلال, وبالأخير قلت إني أعلنت تحريرك.

المحتل لا يسعى لتحريرك, بل لاستعبادك,  وأنا لا أعرف هل كلامك مدح أم ذم.

هي:- اممم أنت استقلال بهيئة احتلال, ساهمت باستقلالِ من الوجع, ولكن احتليت قلبي, ولم أعُد كاملة السيادة في مشاعري.

فعند خروجك يعود احتلال الوجع لقلبي, وفي بقائك أصير مستقلة ومحتلة بك.

أنا:- بلاش فلسفة, لا تخليني أسبح بعالم باريسِ والواقع صومالِ اممم.

خلينا نرجع لموضوعنا الأول, عن حبك وتعلقك “للضالع”.

2-“الجزء الثاني”

هي:- لقد زاد حبِي “للضالع” مذ عرفتك, ولم أرها يوماً كما يروج لها أعداؤها في مواقع التواصل الاجتماعي.

أنا:- إذن لم تحبِ “الضالع” بفطرتك العربية من قبل.

ياترى إذا كتب لنا القدر الفراق”هل ستكرهِ الضالع وترينها كما قال عنها أعداؤها”.

هي:- معاذ الله إنني سأكره الضالع يوماً.

بلاد العرب أوطاني, كما كانت حالتك في الفيس و الوتس من قبل.

أنا:-   ماسرك لحب الضالع, ولماذا في هذا الوقت؟

هي:- أولاً- لأنك أنت منها وإليها تعود جذورك.

 وثانياً- الضالع جزء من وطني العربي, أحبها مثلما أحب صنعاء وعدن وبغداد والقاهرة ودمشق وحلب والخليج والمغرب العربي جميعا.

زاد إعجابي وحبي لها عندما عرفتك وعندما أسقطت الضالع المشروع الفارسي في 2015 و 2019, في الوقت الذي تساقطت عواصم ومدن عربية بلمح البصر كأوراق الخريف.

أحببت مدينتك بشدة عندما انتصرت للعرب والأمة وسقطت بيد الفرس بيروت وبغداد ودمشق وصنعاء والموصل والفلوجة والرمادي وحلب.

أنا:- وماذا بعد؟

هي:- لقد أخبرتني من قبل عن قريتك الريفية ولم أعُد أتذكر اسمها.

أنا:- عجيب أمرك,  نسيت اسم منطقتي الريفية,  فكيف بالتفاصيل التي أخبرتك عنها؟!!

هي:-بالنسبة للتفاصيل فهي معلقة على مدخل قلبي, كما هو معلق نصر الضالع على أبواب التاريخ.  أما الأسماء فليست لدي ذاكرة خارقة لتحتويها, لأن اسمك وحروفك قد ملأت ذاكرتي.

أنا:- وما الأمر الذي شغلك في تذكر منطقتي الريفية؟

هي:- بصراحة أود أن أسمع تفاصيلها بلسانك, لأنك أيقظت العروبة والكفاح عندما حدثتني عنها من قبل.

حدثني لعلِ الهمم والعزائم في داخلي ترتفع بعد أن زاد الأسى في روحِي, ولم يعد هناك بصيص أمل لعودة العالم العربي لتاريخه الضارب في الأعماق, والذي سطره أجدادنا القدماء.

أنا:- أنا ياعزيزتي من منطقة أو بالأصح ” قرية الحود “

قريه يحتويها أناس قلما نجد لهم مثيل في التاريخ.

موطن الصمود وأبطال الميادين

رجال العلم ومنابع الدعوة

مسقط الفداء ومهبط التضحية

الضالع عامة والحود خاصة “طقوس الجنائز فيها أكثر من طقوس الأعراس”.

“العزاءات فيها أكثر من الأفراح”

” أصوات سيارات الإسعاف فيها أكثر من أصوات سيارات الزفاف”

“تتلقى الانتصارات ولم تصاب بوباء الهزائم المتفشي” .

“شباب الحود” لا تجدهم فوق الأرض إلا في الجامعات والمدارس, وأما في الجبهات أو تحت الثرئ شهداء .

في التضحية لا تعلوها إلا “الجزائر” بلد المليون شهيد.

وفي العلم والعلوم والرقي والاجتهاد لم يزيد بمقامها إلا “بغداد” عاصمة الدولة العباسية في العهد الأول  .

وفي حبي لها لايضايها إلا حبك.

أما بالنسبه لمدينك الأسيرة بيد الفرس “صنعاء” فهي تاج على رأس كل عربي, لأنها أصل العرب, ولأنك فيها ومنها وإليها, وعندما تعود لحضن العرب, أعدك أنني سوف أزورها, ونمارس طقوس الحب كما يفعل العشاق, ونحتفل بالنصر كما يفعل الأحرار.

هي:- عزيزي- لك كل الحب, وللحود كل الشرف,  وللضالع كل الفخر.

أنا:- عزيزتي- الحب لك ولصنعاء معاً .

والسلام لقلبك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى