رسالة لأحرار جلبوع
بقلم : سبأ جرار | فلسطين
عندما طالعتنا أخباركَ عبر الشاشات والمحطات، ارتسمت صورتك وامتزجت مع صورة أصحاب الكهف فوق جنين، وبَديْتَ، كأنك تشير بشاهدك الذي عشقه الزناد، فتقول:- حيّا على الكرامة… حيّا على الجهاد.
عندما اختلست العدسات خطفا صورة قدميك الممتدتنان على سرير الكرامة لكل العالم، خطت بوجعك رسالة تقول لهم:- إننا هنا امتدادٌ الحقيقة، وواقع متجذر، وأغصان تلامس السماء، وحياة تأبى الركوع، ثلاثية النصر المؤكد، مهما طال ليل المؤبد.. إنه إنعكاس لحب صنعته مريم، وتركت في الأرض مهداً لن يكون سوى للحق والخلاص.
هو مجد عظيم في تاريخ الامجاد نقشتموه، ورائحة مسك نفذت من المسطحات نثرتموه، هو من دمكم الذي تسرب عنوة حيث حل بكم ترحال الحكايا، ونزل بكم التعب إلى أحضان التراب، هنا الارض محظوظة، مغتبضة، لقد إستراح على ذراتها الزبيدي، وغازل العارضة شمسها من نافذة الزنزانة.
آه لو علمتم شوق الأرض أخت الأرض التي عجزتم بالأمس بلوغها، لكنها اليوم وغدا وبعد غد بإنتظاركم، ليختلط عرق أقدامكم بتراب الزنازين المعشعش في المخيم، لينبت نرجسا وياسمين وشقائق نعمان، ستزهر قبل أوانها، لأنكم الاقمار الستة التي غيرت التوقيت، وأفقدت الزمن دورته.
عندما لا يخجل الساسة والسادة والمدعين من القدوم لعتبات بيوتكم، يستجدون التعمد والتبرك من ماء طهركم، وشذى عطركم، والخلاص دون تضحية
عندما تهدد غزة بأنها ستغضب إذا وصلت السكين إلى نحوركم، وكأن استشهادكم فقط هو ناقوس الخطر، مع أن غضبكم هو ناقوس الحقيقة، الحقيقة الذي تتعرى أمامها كل الأوهام والادعاءات نقول لكل هؤلاء:- كما فدا الله خليله إبراهيم، سيفديهم ويفديك يا زبيدي.
عندما نصنع الحياة،فيخرج من رحم الأمهات هو وهي، ينفرد زكريا والعارضة والايهم والقادري ومناضل والكممجي بالمشهد، وتبقى أيها المتمدد هناك في عناية الله، دامع العينين فرحا عندما يصلك صراخ مواليد الحياة،فتمنحك القوة.
عندما اضاء الزبيديون الماكثون في أزقة العتق والرواية قناديل ألامل والوعد بعودتك ورفاقك، أنعكس ضوؤها على الوجوه، فتبين الحق، وانكشفت الحقيقة، لأن الصدق في المخيم لا يختبئ، ولأن الكرامة في حارة الوشاحي والطوالبة شجرٌ من زيتون.. تنتظرك يا زكريا، فقد حلقت في الامس عيناك القاسيتين فوق جنين، فمنحتها سلاما وعتابا،لشباب خرجوا بحناجرهم ينادونك بأصوات هي ارتداد لنبضات قلوب ستة، ميزهم الله بحب من عنده.
واستجابة لدعوات كل أمهات المحمود، والمحمد، والمناضل، والأيهم، والقادري، والزبيدي؛ لأن فلسطين تمتلك رحما واحدا يسكن في أحشاء كل الأمهات، فتصل الزغاريد من يعبد وكفردان وعرابة والمخيم وبير الباشا بحلن واحد يقول:- بأنكم بأفضل حال، وأجسادكم المرهقة تعيش الألم والفرح وتصنع المجد والحقيقة .
عندما تجف حناجرنا، وتختنق اصواتنا، وتعجز أيدينا عن قذف المعالق في وجه من يستحقونها، لأننا محاطين بالخوف والفساد يكون مباحٌ لنا الخنوع لعروش مستسلمة، ومحرمٌ علينا الكره والرفص
ندرك آلامكم، نعرف عذاباتكم، لكننا نخجل بان نفكر بكم كبشر عاديين نبتهل لكم بالخلاص، بل نطلب لنا الحرية عبركم.. نراكم هناك جسد لستة أرواح، تتحرك، تغضب، تكره، وتصنع الحب مشاعل من كرامة وتصميم.
إنكم أجساد تعيش الحرية في الزنازين، وعلى أسرة الألم، لتقهروا به عدو الله وعدوكم، فنحن على يقين انك يا زكريا لا تتألم، ولا تتوجع، ولا يأن نبضكم إلا بالمجد والحرية، هذا ديدنكم، وهذه هي جيناتكم، وهذه هي أرواحكم، وهذا هو عنوان تاريخيكم الزاخز الطويل، وإنكم يا أصحاب الكهف عائدون.