ثرواتٌ مُهدرة.. وطاقاتٌ مُعطلة!

صبري الموجي| رئيس التحرير التنفيذي لجريدة عالم الثقافة

لاريب أن شباب أى أمة هم الواحةُ الغناء فى صحرائها، والثغر الباسم فى جبينها القاطب، والنسيمُ العليل فى صيفها القائظ؛ لهذا فحرىٌ بأى أمة تريد النهوض والتقدم لتفوز بقصب السبق أن تهتم بشبابها، ليحملوا راية عزها ولواء مجدها.

والمتأمل فى صفحات تراثنا الإسلامى المجيد، يجد مدى اهتمام سلف الأمة بشبابها، فأسامةُ بن زيد يقود جيشا لقتال الروم فيه كبارُ الصحابة، وعلى رأسهم عمر بن الخطاب فاروق الأمة، وعلىُ بن أبى طالب، ينام فى فراش النبى ليلة الهجرة، غير هيابٍ للقتل ولا سيوف العدو، ويتنافس رافع وسمرة فى الانضمام لصفوف المسلمين، ويُصممُ غلامان من الأنصار لم يتجاوزا أربع عشرة سنة على قتل أبى جهل، بعدما علما أنه يسبُ رسول الله، وغيرها الكثير من المواقف المُشرفة لشبابٍ كتبوا أسماءهم بحروف من نور.

والحقيقة أن السببَ فى تخريج هذا الجيل الرائع من الشباب، هو التنشئةُ السليمة، فى ظل قيادات راشدة حرصت على إعطاء الفرصة للشباب، دون إهمال حق الشيوخ والأخذ برأيهم ومشورتهم.

إن المخرج الحقيقى لأزمة أمتنا معقودُ على استثمار شبابها، ومشاركتهم فى الحراك السياسى والاقتصادى، دون تقليل لجهدهم أو استصغارٍ لدورهم.

ولاشك أن شبابنا فى أزمة حقيقية، يتمثل شبحُها المخيف فى البطالة، التى تجعله يتململ فى الفراغ؛ فيسقط فريسة للشات والدردشة، ويهوى فى براثن الإدمان والمخدرات، وحفلات الصخب والمجون.

إن ثراء أى أمة هو مجموع ثرواتها الطبيعية والبشرية، وحتى يُستفاد من الثروة الطبيعية فلابد من استثمار طاقاتها البشرية، دون تركها مُعطلة يأكلها الصدأ، كما هو الحال فى مصر.

فمساحاتُ مُترامية من صحارى مصر القابلة للزراعة، بإمكانها أن توفر آلاف فرص العمل للشباب والخريجين، حالت بيروقراطية الدولة دون استثمارها والاستفادة من عرق الشباب فى استصلاحها.

كثيرٌ من القرى السياحية والمنتجعات، بحاجة إلى مشاركة الشباب، الذين أعطوا لها ظهورهم لعدم وجود قوانين كافية تضمن لهم حقوقهم لدى المستثمرين.

ورغم أن كثيرا من مشروعات الشباب الجادة التى بحاجة إلى دعم الدولة وتمويلها، حبيسة الأدراج لأن أصحابها ( لايُفتحون مُخهم)، ويُقدمون الرشوة المُقنعة، فإن كثيرا من المستثمرين قاموا بتصقيع آلاف الأفدنة، وبيعها كأراضى بناء، أو أقاموا عليها مشروعات استثمارية حققت لهم المليارات، رغم أنهم اشتروها بثمن بخس جنيهات معدودة.

إننا فى مصر نعانى وجود ثروات مهدرة، وطاقات معطلة ، لهذا فلزاما على الإدارة السياسية إن كانت تريد نهضة حقيقية أن تستشرف – من خلال وزارات الدولة – الموقف من كثب، وتقف موقف المراقب؛ لتُقوّم المعوج، وتصلح الفاسد وتأخذ على يد العابث، وتزج بالشباب فى معترك الحراك السياسى و الاقتصادى لأنهم أمل الأمة، وقلبها النابض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى