مسافة أمان

هند يوسف خضر | سورية
مدينة مشبعة بقطرات النّدى ،مغمّسة بعطر الورد ،مسوّرة بحكايات تنطوي بين سطورها رغبات مسافرة وقافلة من الأحلام على قيد الانتظار ،آهات جاثية على عتبات الصّدور تتعلّق بحبال الزّفير لتذهب إلى غير رجعة..
في توقيت الرّحيل القابض على جمر المواجع تظهر شمس السّعادة في آخر النّفق ،ترسل نورها إلى تلك الغرفة المظلمة في القلب ،تلقي بإشعاعاتها الدّافئة فتذيب جليد الرّوح ..
وقف الأمان على مقربةٍ من روح سهى ،لوّح لها بيدين ناصعتيّ البياض ،ابتسم لها سرّاً ،دعاها إلى طاولته لتنعدم بينهما تلك المسافة ، ليداوي جرحاً نازفاً أصابها من جرّاء رصاصة غدر طائشة في ليلةٍ ظلماء ..
الأمان :لم أكن أدري ما الّذي أتى بي إليكِ ،كلّ ما أعلمه أنّ القدر رسم كلّ شيء بيده لأنقذ روحاً من أنياب مخادعة غُرِزت فيها
في بادئ الأمر ،لا لا أريد فأنا أرفض من يداوي هذا الجرح الّذي ترك ندبة أبديّة ،انعدام الثّقة وُلِدت من رحم الغدر ،هذا ما همسته سهى في داخلها ولكنّها منحت نفسها فرصة كي لا يقع الأمان بين براثن حكمها الخاطئ ..
سهى :يبدو لي أنّك مختلفاً ،جئت من وراء البحار محمّلاً بالنّبض و الدّفء ولكن اعذرني فتلك الرّصاصة أردتني قتيلةً وأنا على قيد الحياة ،روحي مشوّهة الملامح ،فهل باستطاعتك تحمّل تقلّباتي و احتواء خوفي ؟
مدّ الأمان يده و مرّرها بلطف فوق حنايا روحها ،استطاع بفاصل زمني قصير أن يعيد إليها ذاتها الّتي أضاعتها في وضح النّهار ،بدأ بإخراج الرّصاصة شيئاً فشيئاً إلى أن نجح في مهمّته …
لقاء آخر مجدّداً ولكن هذه المرّة أقلّ نزفاً
الأمان: بدأت أشعر أنّني أوصلتكِ إلى برّ السّلام ،انتشلتك من ضباب كثيف ومنحت روحك السّكينة بعد الضّجيج يا حبيبتي
عينان مذهولتان وشفاه مفتوحة (هذا ما حدث مع سهى عندما سمعت كلمة حبيبتي )
سهى :حبيبتك ؟
الأمان : أتخافين من الحبّ ؟
سهى: لقد طردتُ آخر ذيول للخوف من داخلي بعد أن عرفتك ، قلبي التفت نحوك و حلّقت روحي فرحاً بك ..
الأمان :إذاً دعينا نذهب للجنون رغماً عن أنف القدر ،نشعل حرائق أرواحنا و نطفئ لهيبها بأيدينا ..
سهى :سآتي إليك في ليلة صيفيّة تولد من خاصرة شمس آب ،سوف نشرب معاً نخب كأس الحبّ ولكن لا أريد لمسافة الأمان بيننا أن تُصاب بعجز أو انكسار ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى