محمد الخولى.. كفاح ونجاح !

 

صبري الموجي/ رئيس التحرير التنفيذي لجريدة (عالم الثقافة)

قصةُ نجاح بدأها بطلُنا منذ نعومة أظفاره، فرضتها عليه ظروفُ الحياة الصعبة، إذ مات أبوه وهو طفلٌ صغير، فرعته أمه وجدته، اللتان وفّرتا من قوتهما كي يُكمل تعليمه، ويُعوضهما آلام  الفقر والحرمان.

 استوعب الطفل محمد عبد اللطيف الخولي الدرس جيدا، ووصل ليله بنهاره جدا واجتهادا، تحصيلا ومذاكرة، حتى تخرج في كلية الحقوق، وعمل بمصلحة الشهر العقاري.

 بدأ السُلم الوظيفي من أوله، ولأنه نشأ فقيرا، فكان يُقدر مصالح الناس خاصة البسطاء، دون إخلال بقوانين العمل، وبإخلاصه في عمله، وتفانيه فى خدمة الجمهور، حظي باحترام وثقة رؤسائه، فكانت تقاريرُ تقديره السنوية لا تقل عن امتياز، مما أسهم في ارتفاعه في السلم الوظيفي، حتى صار رئيسا لمصلحة الشهر العقاري، أعلى درجة وظيفية في مجال عمله.

هو نموذجٌ فريد، أيقن صاحبُه خلال رحلة عمله الطويلة، أن القيادة تكليفٌ، وليست تشريفا، هي انضباطٌ ونظام وعمل جاد.

آمن بدور القدوة، والتى تعنى أن يكون رئيسُ العمل قدوة لمرءوسيه، فكانت حياتُه العملية انضباطا في الحضور والانصراف، تأدية للعمل على أكمل وجه وأحسن صورة، التحاما بالجمهور، وليس الجلوس فى برج عاجى، فجابت شهرتُه الآفاق، وأشاد بكفاءته القاصي والداني، وتوالت له دعوات أصحاب الخدمات، الذين وفدوا إلى مصلحته فذلل لهم كل صعب، ويسر لهم كل عسير.

اتسمت علاقته بمرءوسيه بالود والحميمية، فما رفع على رقابهم سيف الحجاج يوما، بل كان يُؤثر النصح والتوجيه، ويُعلم المخطئ، ويقوم المعوج برحابة صدر ولين طبع، صنعا الأعاجيب.

أيقن خلال رحلة عمله التي زادت على 40 سنة أن القيادة ليست وجها عابسا وجبينا قاطبا، وجزاءات ع ( الفاضي والمليان )، بل هي حزمٌ لا يصل لحد القسوة، ولينٌ لا يصل لحد التسيب، هي الوسطية التي تحقق النجاح.
امتاز بالتواضع والرحمة بكل العاملين بمصلحة الشهر العقاري، من أكبر مسئول إلي أصغر عامل، فحدث أن دخل من باب المصلحة يوما مُتوجها إلي المصعد الكهربي، وإذا بعامل المصعد نائما من شدة التعب، فلم يزعجه أو يوقظه من نومه، بل دلف من باب المصعد، وصغط زر الصعود إلي مقر مكتبه، وسرعان ما جاءه العامل يقدم الأعذار ويطلب عفوه، وإذا بالعامل يجد منه سماحة وبشاشة والتماسا للعذر لم يجد له مثيلا في أقرانه السابقين.

وإلى جوار عمله الذى حقق فيه النجاحات، حرص على العمل الاجتماعي والخيري، فرأس مجلس إدارة إحدى الجمعيات الخيرية بقرية إمياي التابعة لمركز طوخ بمحافظة القليوبية، التي تراعى الأيتام وتكفل الأسر الفقيرة، وتدعم ذوي العوز والأزمات.

هي رحلةٌ طويلة عمل صاحبها في صمت، فلم يطمع يوما فى شهرة، ولم يحرص على منصب، بل رفض منصب رئاسة المصلحة أكثر من مرة، حتي استدعاه المستشار فاروق سيف النصر وزير العدل آنذاك، وأقنعه مساعده بأن المصلحة تحتاج إلى جهده وخبرته، فامتثل الخولي للأمر وقبل التكليف رئيسا لمصلحة الشهر العقاري؛ إيمانا بالواجب الذي يفرضُه عليه الانتماء للبلد.

هي حياةٌ جادة لرجل آمن بأن الآخرة خيرٌ من الأولى، وأن جزاء الله خيرٌ وأبقى، فبدأ بسيطا، وارتقى درجات السلم الوظيفي حتى بلغ الذروة،  وخرج منه للمعاش بسيطا  تاركا وراءه سمعة طيبة وقيما تُدرس يعرفها كل من عمل معه، وعرفه عن قرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى