صالون الشاعرة شريفة السيد الأدبي

د. علي زين العابدين الحسيني | كاتب وناثر وقاص أزهري

لم تكن الحياة الأدبية يوماً خاصة بالرجال، أو حكراً عليهم من دون النساء، فعلى مرّ التاريخ كان للنساء إسهامات أدبية كثيرة ومشاركات فاعلة، ومما تذكره كتب التاريخ المنتديات الثقافية والفكرية المنسوبة إلى نساء كثيرات بداية من عصور الخلفاء الراشدين حتى وقتنا المعاصر، مما يفيد أن مشاركة المرأة في الحياة العلمية والأدبية ليس أمراً جديداً أو طارئاً.
شاركت المرأة المصرية في الأندية الأدبية ما بين شاعرة وقاصة وناثرة ومحاورة وناقدة مع مشاركات مطبوعة، واتسعت بسببها دائرة المنتديات الثقافية النسائية، ومنها صالون الكاتبة الكبيرة الآنسة “مي زيادة” الأسبوعي الذي بدأ في مصر عام 1911م لمناقشة الموضوعات الشائقة، واستمر حتى نهاية الثلاثينات، واجتمع في صالونها كبار المفكرين والأدباء والشعراء، كأحمد شوقي ومصطفى الرافعي وخليل مطران وطه حسين ومصطفى عبد الرازق ومحمد رشيد رضا وعباس العقاد، وغيرهم.
ومن الصالونات الحديثة التي لها دور رائد في ترسيخ ثقافة القراءة والإبداع وجهود نافعة في نشر المعرفة والتواصل المستمر مع المثقفين والأدباء صالون “الشباب ولقاء الأجيال” للشاعرة القديرة شريفة السيد، ينعقد هذا الصالون في الجمعة الأخيرة من كل شهر، ويتم فيه مناقشة ما يهم واقع الشباب من النواحي الاجتماعية والفكرية والثقافية والأدبية، كما أنه يفتح المجال لطرح الأفكار الجديدة في مجالي الفكر والأدب، وهو تواصل ثقافي بين فئات متعددة، وفيه نقل خبرات عملية قد لا تجتمع في مكان واحدٍ.
أطلعتني الشاعرة شريفة السيد على فكرة وأهداف صالونها الأدبي، ودعتني للمشاركة فيه، وهي دعوة أتشرف بها وأسعد خاصة أني من المحبين لفكرة إحياء الصالونات الأدبية وضرورتها في صقل المواهب، فهي تغرس في نفوس روادها قيمة الثقافة والشغف بالمعرفة والنقد الأدبي، وتقدم وسيلة التعارف والتواصل وتعدد الصداقة مع الأدباء والمثقفين، وهذا الصالون الأدبي للشاعرة شريفة ما هو إلا امتداد لصفحات مشرقة من حياتنا الأدبية في عصورها الزاهية.
ولمن لا يعرف الشاعرة فقد تخرجت في كلية دار العلوم بالقاهرة جامعة القاهرة، وساهمت في الإشراف والتدقيق والتحرير في بعض الصحف وبعض دور النشر المصرية، ولها عضوية في عدد من المؤسسات الثقافية، منها: عضو اتحاد كتاب مصر، وعضو شعراء العروبة، وجمعية لسان العرب لرعاية اللغة العربية، كما أسست منتدى المبدعات العربيات بالقاهرة، وهي صاحبة فكرة المسرح المقروء.
حازت على بعض الجوائز الأدبية، ونالت العديد من شهادات التقدير والدروع من جهات أدبية مختلفة، ولها إنتاج أدبي غزير مطبوع، وآخر في طريقه للطبع، وشاركت في مهرجانات شعرية كثيرة، ومؤتمرات متعددة تتعلق بالثقافة والأدب والشعر، وقامت بالتحكيم في مسابقات شعرية لأكثر من جهة ثقافية، وأدخلت نصوص من أشعارها للدراسة الأكاديمية في مرحلتي الماجستير والدكتوراه.
تقوم فكرة صالون الشاعرة شريفة السيد على نشر مفهوم الثقافة وجعلها أكثر شعبية، وفتح نوافذ المعرفة على الجميع بغض النظر عن مستوياتهم، ولذلك وجهت دعوتها إلى جميع المشاركين والمحبين خاصة الشباب، فتطرح موضوعاً مهماً شهرياً، وتنتظر المشاركة المجتمعية طيلة الشهر، ثم تعرض المادة العلمية وتناقشها، ويحصل لها بذلك منتج أدبي هائل لا تحتفظ به لنفسها، بل تشرك فيه القراء العاديين؛ إيماناً منها بأن الثقافة للجميع، ولعل من أبرز ثمرات صالونها هو توجيهها للكتاب المبتدئين، وتدريبهم على الكتابة، وفتح المجال لنافذة إعلامية مفتوحة لهم، وهذا جهد كبير لا يقدره إلا من يعرف قيمة الثقافة وأهميتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى