حكايتى مع موظفة ليلة الخميس.. يوميات كورنيش الاسكندرية (١٢)
محمود عبد المقصود | نائب رئيس تحرير الأهرام
الأوراق كلها سليمة .. بياناتها مقننة أختامها واضحة.. رسومها مدفوعة.. فحصها ووقَّعها موظفون استوعبت منهم كل عقدهم النفسية وسلوكياتهم الروتينية!
وبعد يومين ذهبت لأحصد ما صبرت وتحملت من أجله شأنى فى ذلك شأن كل المواطنين من حولى.. حتى فوجئت بموظف يعرقل رحلتى المكوكية فى نهايتها ويعيدنى بلا مبرر ولا منطق للمربع الأول.. فقلت فى نفسى دون تردد حان وقت إظهار كينونتى المتواضعة وفى هدوء سألته من فضلك أين المدير؟
قالوا عندك هناك !
قلت: أشكرك
وبعد اعتراضات واستجوابات من الحراس
دخلت مكتبه الفخم المكيف المزين ال ال ال
– سيدى المدير هذه (بطاقة عملي/ الكارت) الشخصى فنظر له شذرا ووضعه أمامه على المكتب باستعلاء كشف لى القادم منه
– سيدى المدير عفوا لإزعاجكم
– طلباتك
– والله يا سيدى على مدى ٣٠ عام لم أتجاوز يوما حدود اللوائح والتعليمات لأى مؤسسة أقضى فيها مسألتى الشخصية فأنا أقف فى الطوابير وأشب لأتعامل مع موظفي الشبابيك وأحشر أوراقى من بين الحديد وأتحمل فجاجة الأستاذ ونيس وأنتظر الحاجة زينب لما تخلص كلامها مع زميلتها عن ليلة الخميس!!
– وكل ذلك يا سيدى أتحمله بنفس راضية مرضية.. وبعد قضاء حاجتى سيدى أتوجه للتعرف على مدير المكان لأشكره واحييه أو لأكشف له ماحجبه عنه تبريد التكيف ولمثل هذا أقول له أنزل يا سيدى عند مافيا الشبابيك لترى معاناه المواطنين
– المهم سيدى المدير هذا هو اليوم الثانى لى بمصلحلتكم الموقرة لم أترك ورقة إلا وختمتها ولا إيصال وإلا سددته ولا قريب إلا أشهدته ولا لحن وإلا غنيته.. ولا شمس إلا وأحرقتنى ولا صبر إلا صبرته وما صدر إلا وسعته ولا مسأله لى فيها ضرر ولكم فيها صلاح إلا وفعلتها يا مدير زمانك ومسئول عصرك ..
– ولكن للأسف يا سياده المدير موظف عندكم افتكس من اللاشيء ما يمنعنى من الحصول على ما جئت من أجله
- فقال: تحت أمرك
- قلت الأمر أمرك ومقدرش أعارضك وابتسمت
– فنظر لى بوجوم وقال: احنا مش بنتأخر عن حد والموظف له حق !!
وراح هو الأخر بأسباب واهية لا منطق فيها ولاعقل يبرر عدم قضاء طلبى ..وقال فى النهاية عموما تعال لى كمان شهر !!
– شهر ؟
– كنت حقولك ٣ شهور
صمت وكان صمتى دليلا قويا على عجزى وقلة حيلتى وخيبة ظنى! فقمت بحركة عصبية بسحب كارتى من أمامه على المكتب وخرجت من عنده أغنى ظلموه ..
وذهبت للبحر أستجمع فتات نفسى وحسرتى على وطن يتحدث عن رقمنه وينفق المليارت من أجلها بينما حراس الروتين يعرقلون ويشددون ويخنقون المواطنين
وبعد نحو الساعة استوحيت من جورج قرداحى فكرة الاستعانة بصديق وبالفعل كلمت زميل وصديق لى عهدى به دائما الجدعنه فضلا على أن هذا المكان هو أحد مصادر عمله وبمجرد أن شرحت له ما حدث راح يعاتبنى ويلوم ذهابى بدونه - و قال لى بعشم ليه بس يا ريس متقوليش وكنت وأنت قاعد فى منزلك خلصت لك كل حاجة ..
- واستطرد: معلش اسمح لى يا ريس أنت غلطان ..
– قلت له بالفعل أنا غلطان .. غلطان عندما خيل لي أننا تغيرنا قيد أنمله !!
– فضحك وقال لى دقائق وسأتواصل معك
وبالفعل عاود الاتصال بى مشكورا وقال دلوقتى للمدير وكله تمام !!
– يعنى حيخلص
– ادخله بس
– طيب يا سيدى شكرا
وهنا ترددت كثيرا .. فكرامتى وعزة نفسى تمنعانى للدخول له ثانية كما أننى خرجت من عنده فى صمت يصرخ باستهجانى ورفضى لكلامه.. وسألت نفسى هل بعد شرحه وتبريره لى يمكن له أن يتراجع فى بضع دقائق ؟!
ولم أجد بديلا غير أن أدخل له فأنا محتاج لهذا الطلب، كما إننى سددت رسوم مبالغ فيها و لا يمكن لى استرددها بحال من الأحوال !!
المهم وجدت نفسى أمامه وقد عجز لسانى عن النطق ومن رحمه الله بى أنه خيب كل ظنونى وبادرنى
– قائلا اسم حضرتك إيه؟
وكتبه فى ورقه وقال لنائبه خلصه الآن.. وبالفعل – هذه الآن – لم تتجاوز نصف ساعة واستلمت حاجاتى !
وعندما هممت بمغادرة المكان لاحقنى أحد حراسه ليخبرنى أن السيد المدير بيستأذن حضرتك فى كارتك الشخصي!!
فناولته الكارت
وقلت له: أنتم معكم مدير عظيم !!!!!