المشهد الخامس من رواية الثامنة السماء

ماهر الطردة | فلسطين

لو أكتب الشعر يوماً
سأقطع ثدي جارتنا البخيلة
وأرضِعُ قطةً في الحيّ القديم يتيمة

لو أكتب الشعر يوماً
سأشتري لأطفالٍ على ناصية الموت
حلوى كثيرة..

أقدم للجائعين قلبي
وأدفع للفرح العتيق ثمن ابتسامة
ترتديها في العيد طفلة صغيرة
سأسرق رصاصة من دعاء أمي
وأقتل بها كل أوغاد القبيلة

لو أكتب الشعر يوما
سأشتري في العيد ممحاة
وقرطاسا وشعبا من الأقلام الجريئة

سأمضي في الحانة الحمراء متنكرا
أخبز التاريخ على خصر عاهرة جميلة
اختزلُ كل فصول مأساتنا
وأمحو كل الأسماء الغريبة
سأبصق في وجوه الدُّعاة متمرداً
وأطرد الأنبياء الجدد من كل الصور البريئة

لو اكتب الشعر يوماً
سأفقأ عين الحزن
وأكسر مشيئة الشّجبِ والشكوى
لن أرفع للرب أسماء الغزاة مرة أخرى
ما ذنب الغزاة ونحن أصحاب الفكرة !

لو أكتب الشعر يوماً
سأخبر الله عن لصوص الحيّ
وحرّاس الحديقة
عن جندي كان يعمل بالأجرة
مأجورٌ يبيع الوطن ويدّعي الفطنة

عن إمام ضخم يدّعي حكمة
رأيته في الصبح
يقطع سُرَّة الشّمس خِفيَة
يطفىء القصائد قبل موعدها
ويبيع للغزاة حقول اللّوز والحنطة
ما ذنب الغزاة يا الله ونحن أصحاب الفكرة

لو أكتب الشعر يوما
سأختبىء في زوايا المقبرة بلا هوية
أخرج من جثتي قليلا
أنْبِشُ كل الجنازات القديمة
أفتٍشُ عن وجهي أمّي في رصاصة تائهة
سأبحث عن رجل رشيد يستلُ سيف القيامة
عن طفل شهيد باع دمه ليشتري بندقية

لو أكتب الشعر يوماً
سأزيد حصتنا من الغياب
وأبكي عليك طويلاً وأبكي عليّ

سوف لا أفتّش عنكِ
حتى لا تموتي قهراً على يديّ

لو أكتب الشعر يوماً
سأرفع قبعتي لامرأةٍ أنثى
سأقطع أصابع الصياد ..
وأقلّم أعشاش العصافير
وأكتب على باب قريتنا ألف قصيدة أخرى
..
.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى