قراءة في “وقت آخر للفرح”.. رسائل الأديب محمود شقير و ـشيراز عنّاب
بقلم: هدى عثمان أبو غوش
كتاب”وقت آخر للفرح”هو رسائل أدبية متبادلة بين الأديب القدير محمود شقير والأديبة شيراز عنّاب ،وهذه الرّسائل موجهة للفتيان والفتيات،عن مكتبة كلّ شيء في حيفا،ويقع الكتاب في 102 صفحة من الحجم المتوسط.
رسائل أدبية بين المدن في القدس ونابلس،بين تاريخ المكان والذاكرة،رسائل تبوح بتعب المدن وآهاتها بين الماضي والحاضر في ظلّ الهزيمة والإحتلال،رسائل تبث بعض هموم المراهق،وتنير عقله بالتمسك بحكمة العقل والتأمل وتطرح الأفكار والرؤية الشّخصية في عدّة قضايا،رسائل اجتماعية في زمن الكورونا،ورسائل فيها حزن وجه المدن في انتظار وقت آت لبوح الفرح،الأمل في حق المدن أن تفرح تحت سماء الحرية ونيل حقوقها.
جاءت الرّسائل بين يزيد ابن مدينة القدس ونجلاء ابنة مدينة نابلس،وإنّ ما يميّز الرسائل هو تنوع المواضيع المطروحة في الرّسائل،في الانتقال من موضوع لآخر،ومن الذاكرة للواقع اليومي،ممّا يجعل القارئ متعطشا لمعرفة المزيد وعدم الملل.
في هذه الرّسائل تبادل الحوار ممزوج بثقافة كلّ من يزيد ونجلاء،من خلال وعيهم الثقافي وقراءة الكتب،ومدى صلتهم بهويتهم وجذورهم، فنلاحظ مدى قدرة هؤلاء الفتية على التّعبير عن هواجسهم الوطنية والإجتماعية من خلال الاستشهاد بأقوال المؤرخين أو المفكرين وسرد بعض القصص من الواقع لتفسير حكمة ما،وقد كانت الرسائل مبنية على المودة والإحترام فلا نزاع أو شجار أو ألفاظ مسيئة أو غيبة أونميمة، فمن هنا نقرأ من بين سطور الرسائل،رسالة الأديبين شقير وعنّاب إلى أهمية حسن الإصغاء والتفاهم وتبادل الحوار مع نبذ العنف اللفظي،وإلى التفريغ النفسي والسياسي والاجتماعي لدى اليافعين من خلال البوح للآخر لمشاركته همومه أو الاستماع لنصيحة أو رأيّ ما. هي رسائل فيها أيضا مضامين تربوية وتوجيه النقد للأهل والمجتمع فيما يتعلّق بخصوصية اليافعين مثل الحجاب والزواج وغيره ورسائل فيها رائحة الوطن ووجعه وهمومه تؤكد على الصمود وعدم التنازل أو نسيان القدس.
ظهرت شخصية يزيد أكثر اتزانا وعقلانية من نجلاء التي تنفعل وتصاب بحالة عدم استقرار نفسي بسبب الوضع السياسي للمدن لكنها سرعان ما تهدأ بعد تفريغها وبوحها برسائلها ليزيد.
اعتمدت الرسائل على ضمير المخاطبة بين الذكر(يزيد) وبين الأُنثى(نجلاء) وفي بعض الأحيان بضمير المتكلّم انا، وقد انتهت الرسالة الأولى بضمير المخاطبة بصيغة الجمع”يا بنات يا أولاد”.
جاءت اللّغة سلسة انسيابية،في سرد حكائي قصصي يتمتع بالحوار والوصف التصويري،كمشهد وصف شارع صلاح الدّين ومشهد الملعب والأهداف على سبيل المثال لا الحصر.تضمنت الرسائل أسلوب المناداة وبعض المحسنات اللفظية. أمّا العاطفة تسودها مشاعر الحنين والحبّ للأرض والمكان.والحزن والقهر والقلق لكنّ الرّسائل هنا تخلو من قصص مشاعر الحب بين المراهقين،فهي رسائل صداقة فقط،قد تكون نادرة بين اليافعين خاصة في هذا الزّمان الّذي أصبح فيه العالم كبسة زر.