اختفاء رئيس وزراء مصر !!.. يوميات كورنيش الاسكندرية (١٣)

محمود عبد المقصود | نائب رئيس تحرير الأهرام

كان يوم إجازة رسمية كنت يومها مسئولا عن مكتب الأهرام بالإسكندرية ..وقلت فى نفسى  النهاردة (أنتخة) فتحررت من البدله ورابطة العنق وأرسلت بطلب سندوتش  من عربه الفول بجوار المؤسسة وبينما اتناول الشاى والسيجارة ..كلمنى الأستاذ  مدير تحرير الأهرام وهو من الشخصيات التى كانت لها هيبة وقوة شخصية قليل الكلام  ..
ازيك يا محمود
.. الله يسلم حضرتك يا ريس
رئيس الوزراء عندكم النهارده ..شوفه فين
.. حاضر يا ريس
حجزت لك مانشيت بكره .. وخد مصور معاك
..تمام يا ريس
وعلى الفور اخبرت السائق للاستعداد واخبرت زميلى المصور
وجلست اتواصل بمصادرنا لأعرف خط سير الزيارة
..تواصلت  بالمحافظة
وجد المحافظ موجود فى استراحته !!
.. تواصلت بحرس الوزراء
قالوا لا يوجدلدينا إخطار  خدمات!!
.. تواصلت بالنجده
قالوا من قال لك هذا  يا استاذ ؟!
وفجأه وجدت زميلى المصور يقف امامى  بكاميرته  للتحرك سويا .. هنا بدأت أشعر بتوتر وحيره الى أين نذهب وأين هو رئيس الوزراء ؟!
كل من تحدثت معهم ينفى الزيارة!!
ولكن فليذهبوا جميعا للجحيم  عندما يقول مدير تحرير الأهرام !..نعم
ولكن أين هو ؟!
فالعودة لسؤال مدير التحرير معناها فشلى فى تنفيذ تكليفه وأيضاً تشكيك ضمنى فى معلومات رجل رشيد يعكس رصانه مؤسسة فى الصحافة لها الباع والتاريخ !!
كانت مؤشرات الساعة تقترب من الثانية عشر  وكل دقيقة تمر كانت تزيدينى قلقاً وتوتراً أين اختفى رئيس وزراء مصر ..
.. ضاقت بى السبل فقلت  فلنذهب عند بوابة رسوم الإسكندرية نعسعس و نستكشف الأمر .. وبالفعل ولكن دون جدوى..  قالوا لى لم يدخل اى موكب رسمى للمحافظة !!
وهنا تفتق ذهنى للاتجاه فى طريق النوبارية لعل الزيارة لقرى الخريجين ورمقنا بعيوننا جانبى الطريق لعلنا نعثر على  لافتة ترحب بدوله الرئيس فلم نعثر .. فقصدنا مركز مدينة االنوبارية فوجدناه مغلقاً  .. وأثناء سيرنا (فاقد الوجه والهدف) .. لفت نظرى طريق ترابى تبدو عليه عمليات تسوية قريبه وفى نهره آثار متداخلة لكاوتش سيارات ترك آثارا عميقة على تفاصيله .. الأمر الذي يعكس فى تقديرى حداثة الكاوتش وعملقة السيارات التى مرت عليه قلت فى نفسى لا بأس من تتبع هذه الآثار
وبالفعل بعد نحو الكيلو متر  تقريبا وجدت أسوارا عالية تلف مكان مجهول ليس له بداية ولا نهاية وفى نقطة من هذه الأسوار اختفت الآثار أمام بوابة ضخمة اشبه ببوابة قصر المنتزة فاتجهنا نحوها وطرقنا الأبواب وجعلت سائق السيارة يرفع كلاكساته حتى فتحت أبوابها وقلنا لحراسها سلام الله عليكم
فمنعونا من الدخول
فسألتهم ألم يأتكم الرئيس
قالوا بلى لم يات بعد
قلت إذن هو قادم إليكم
قالوا نعم هو فى الطريق
قلت من أنتم
قالوا هذا الخيال الذى تراه ملك سلالة من البشر تدعى أولاد (ط. م  )
قلت أين إذن رئيس الوزراء
قالوا نحن فى انتظاره  هو فى زيارة  مجاورة  لنا لسلالة مثلنا من البشر تدعى  (م .أ)
فتحركنا نحو المكان  حسب وصفهم لنا اياه
لنجد على أبواب المدينه حراس يعترضون دخولنا
فقلت لهم محتدا اعلموا يا أنتم أنكم  تعطلون عملى وأحملكم المسئوليه كاملة فى متعى من الدخول
واستطرد قائلت أنا مدعو شخصيا من دولة الرئيس
أخبروه أن فلان بالباب وانظروا ماذا يفعل؟
(كان رئيس الوزراء هو عاطف عبيد وكانت تربطنى به علاقة جيدة عندما كان يشغل منصب وزير قطاع الأعمال وعزز هذه العلاقة بيننا المرحوم الربان عاطف مارونى رئيس الشركة القابضة للنقل البحري)
المهم أن الحراس تشاورا وقرروا السماح بدخولى ولكن بصحبة سيارة مصفحة كنت أظنها تابعة لرئاسة الوزراء وعرفت فيما بعد انها تابعة لرئاسة اصحاب المكان  ..
وفى طريقنا للداخل وجدتنى أعيش لحظات استثنائية من الذهول والاندهاش والتعجب ونحن نمر بسيارة تسير بسرعة ٥٠كيلو فى الساعة على طرق اسفلتيه تترامى على جانبيها مزارع النعام واليمام الأغنام والبقار والدواجن النادرة والرومى و مساحات شاسعه من النخيل والرومان والعنب والتين والزيتون و و و…. وبعد نحو النصف ساعة وصلنا لقصر يتوسط هذه المملكة حيث يوجد عاطف عبيد وبصحبته يوسف والى فى ضيافة خاصة  لنور العين صاحب المكان!!
ونزلت من السيارة يلتف حولى  الحرس وقد انتابنى شعور غريب نعم لقد ذهب عقلى وحاولت جاهدا وللحظات استجمع  شتات نفسى ولم انتبه الا وأنا فى حضرة دوله الرئيس الذى نظر لى مبتسما وقال لى انت عرفت منين ومد يده يصافحنى؟!!
واكسبتنى  هذه المقابلة شرعية وسط هذا الحشد من الحضور
وتراحع الخرس عنى وتقدمت نحو رئيس  الوزراء وتحدثت معه ومع نائبة  بعدها دبت حركه غير عادية بالمكان استعدادا
لموائد طعام لا يظرك البصر مداها  ولكننى اعتذرت عنها  وسالت عن فاكس قريب
قالوا نعم بالمبنى الادارى
فتوجهت ناحية سيارتنا  وبمجرد ان رآنى السائق قال لى يا ريس حصل حاجة والله انا مالى ذنب فيها وحاولت امنعهم
ولكن معرفتش ..وعلى فكره ده حصل مع كل السيارات
قلت له : خير
قال :  طلبوا فتح شنطة السيارة  ووضعوا فيها فواكه كثيره من خيرات الله
واستطرد السائق قائلا شوف يا ريس تحب نرجعهم او اجيب لحضرتك الناس تتكلم معاهم ..
قلت له صبرا ..نكتب الشغل ونتكلم فى الموضوع ده بعدين  وبالفعل ذهبنا للنبنى الادارى كتبت وارسلت الشغل لمدير التحرير
وخرجت للسائق فواصل حديثه معى ولسان حاله عايز يقولى متعقدهش وتحبكها يا افندينا
وفوجئ بى اقول له حلال عليك يا عم السواقين هذا رزقك ساقنا الله اليه ..
وغادرنا المكان وذهب بى يوصلنى لمنزلى وعند مغادرتى السيارة قال لى يا ريس الحاجات كثيرة خذ منها للاولاد دى مفيهاش حاجة والله
قلت له الحاجة دى فى تقديرى  مش حرام وليس فيها شبهه
لانها ليست لها مقابل وكل ما فى الامر اننى لن احب اكل مالا احبه فهل تعلم يا زميلى السائق اننى لم اتناول الغذاء معهم وحتى الان على سندوتش الفول بتاع الصبح !!
وهنا الح على  وفتح لى الشنطة يستحلفنى ان أأخذ معى لاولادى فلمحت عينى سباطة بلح احمر مائل للسواد يسر الناظرين فقلت له لا بأس اعطينى شوية بلح ..
حلاوة عثورنا على رئيس وزراء مصر  !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى