الدكتور أحمد محمد الطوخي .. سيرة ومسيرة

 أبو الحسن الجمال | كاتب ومؤرخ – مصر

من رواد تاريخ المغرب والأندلس

    ينتمي الدكتور أحمد محمد الطوخي إلى مدرسة جامعة الإسكندرية التاريخية التي تخرج فيها وأكمل فيها دراساته العليا وهي اشتهرت بدراساتها في تاريخ المغرب والأندلس – كما بينا في دراسات سابقة- ([1]) ثم انتقل فرع من هذه الدوحة الكريمة إلى صعيد مصر في كلية الآداب في سوهاج، وقد ساهم الدكتور الطوخي بدوره مع رفيق دربه الدكتور عبد المنعم سلطان (وهو من أبناء مدرسة الإسكندرية أيضاً) في تأسيس هذه المدرسة التي تخرج فيها العديد من  طلاب ومنهم من صار أستاذاً من أمثال: الدكتور جمال أحمد طه، والدكتور محمود، والدكتور أميمة محمد السيد، وقد أسدى الدكتور الدكتور لتاريخ المغرب والأندلس، فقد سار على نهج أستاذه الدكتور أحمد مختار العبادي، الذي قدم أطروحته عن غرناطة في عهد سلطانها محمد الخامس الغني بالله، وتأثر به وقدم رسالتيه للماجستير والدكتوراه، عن مملكة غرناطة وعن مظاهر الحضارة بها، وقد سافر في رحلات إلى إسبانيا لجمع مادة “الدكتوراه” فعكف على المخطوطات والوثائق الموجودة بالمتاحف والمكتبات، وليكون على مقربة من الأماكن التي دارات فيها الوقائع والأحداث وليشتم عبير الأندلس في هذه البلاد وهي رسالة رائدة ومازال الباحثون يقبلون عليها لما تتميز به من الدقة والشمول..

     والدكتور أحمد الطوخي من الأساتذة العصاميين، فرغم أنه لم يعين معيداً في الجامعة فور تخرجه إلا أنه كان ينتابه حنيناً جارفاً إلى البحث في التاريخ فقرر أن يكمل دراسته العليا وانتصر على اليأس حتى احتل مكانة كبرى بين أساتذة تاريخ المغرب والأندلس ليس في مصر وحدها ولكن في جميع أنحاء العالم العربي، فقد تخرج على يديه تلامذة من كل أنحاء القطر المصري ومن أقطار أخرى من الوطن العربي..

ولد الدكتور أحمد محمد محمود الطوخي في الرابع من ديسمبر عام 1941، في مدينة فوة بمحافظة كفر الشيخ في أقصى شمال غرب الدلتا، وهي مدينة أثرية يكثر بها المساجد، ([2])وتعلم في مدارسها حتى حصل على الشهادة الثانوية سنة 1959، بعدها انتقل إلى مدينة الإسكندرية ليلتحق بقسم التاريخ بكلية الآداب جامعة الإسكندرية ويتلقى العلم على أيدي نخبة من أعلام أساتذة التاريخ في كل التخصصات القديم والوسيط والإسلامي والحديث، وتخرج في يونيو سنة 1963، وقد حدث له حدث جلل أثناء امتحانه لليسانس وهو وفاة والده وقد أثر بالسلب على تقديره في هذا العام، وعمل فور تخرجه بوزارة التربية والتعليم، واستمر في هذه الوظيفة التربوية حتى عام 1977، وخلالهذه الفترة حصل على الدبلومة العامة من كلية التربية بجامعة عين شمس، ولم يكتف بهذا القدر من التعليم ولكنه قرر أن يستكمل دراساته العليا في التاريخ الإسلامي، فحصل على درجة الماجستير سنة 1975، من كلية الآداب بالإسكندرية في رسالة بعنوان “نشأة مملكة غرناطة الإسلامية في إسبانيا” بإشراف أستاذه الأثير أحمد مختار العبادي، وبعد حصوله على الماجستير تصادف أن أنشئت كلية الآداب بسوهاج جامعة أسيوط، فقدم أوراقه إلى الكلية الوليدة، وكان من المؤسسين لها وعين مدرسا مساعداً في قسم التاريخ سنة 1977، ووقع الدكتور الطوخي في حب سوهاج؛ هذه المدينة صاحبة التاريخ الحافل في كل العصور وفي أهلها الطيبيين، ثم حصل على رسالة الدكتوراه في التاريخ من كلية الآداب بالإسكندرية سنة 1978، في رسالة بعنوان “مظاهر الحضارة في مملكة غرناطة” بإشراف أستاذده العبادي ايضاً، وبحصوله على الدكتوراه عين مدرساً للتاريخ في كلية الآداب بسوهاج في نوفمبر سنة 1978، ثم رقي إلى درجة “أستاذ مساعد” في 13 مايو سنة 1984، ثم أعير إلى كلية الآداب بجامعة قطر في الفترة من 1985- 1990. ثم رقي إلى درجة الأستاذية في 11 مارس سنة 1990، وتولى رئاسة قسم التاريخ بكلية الآداب بسوهاج في الفترة من 20 أكتوبر 1991 إلى 9 أبريل 1994، ثم عين وكيلاً للكلية للدراسات العليا والبحوث في الفترة من 10 أبريل 1994 حتى 9 يوليو 1994، ثم عين عميداً للكلية في الفترة من 10 يوليو 1994 وحتى 9 يوليو 1997، ثم أعير للعمل أستاذاً بجامعة الكويت اعتباراً من 30 أكتوبر 1998 وحتى وفاته في 15 أكتوبر سنة 2015.

مؤلفاته:

     وخلال حياته العلمية قدم الدكتور أحمد محمد الطوخي العديد من المؤلفات والأبحاث وقد امتلك أدواته وسخرها بدقة ومؤلفات أضافت الكثير وسدت ثغرة في المكتبة العربية ومؤلفاته:

  • “المماليك والأندلس: دراسة في العلاقات السياسية والعلمية والاقتصادية والفنية (635-898هـ /1283-1492م)”، الإسكندرية، 1983.
  • “مدينة شلوبانية الأندلسية في عصر بني نصر من خلال المصادر العربية والقشتالية”، الإسكندرية، 1985.
  • “بنو عبد البر في الأندلس: أسرة من الفقهاء والأدباء والسياسيين”، الإسكندرية، 1987.
  • “مصر والأندلس: دراسة في العلاقات السياسية والعلمية والاقتصادية والفنية”، (91هـ – 711م/648هـ – 1250م). الإسكندرية 1988.
  • “أبناء غيطشة ويوليان في الأندلس”، الإسكندرية 1989.
  • “شرق شبه الجزيرة العربية في العصور الوسطى في كتابات الرحالة المسلمين”، جامعة قطر 1990.
  • “مظاهر الحضارة في الأندلس في عصر بني الأحمر”، الإسكندرية 1997.
  • “الطبيب الأندلسي أبو عبد الله اللخمي الشقوري وكتابه “النصيحة في الطب”، الإسكندرية 1997.
  • “حول اصطلاح “المصارة” في طبوغرافية المدن الأندلسية والمغربية”، الإسكندرية 1997.
  • “صفحات مشرقات من الطب الإسلامي في الأندلس”، 1998.
  • “بنو المفرج: أسرة من السياسيين في الأندلس ودورهم في عصر بني الأحمر”، 1999.
  • وله تحت الطبع مؤلفان: ترجمة كتاب “رحلة إلى إسبانيا والبرتغال” للرحالة الألماني خوريمو مونزر التي قام بها سنة 1494م.
  • طب العيون في الأندلس صفحة مشرقة من تاريخ الطب.

كما كتب العديد من الأبحاث ومن أهمها:

  • “القيساريات الإسلامية في مصر والمغرب والأندلس”، مجلة كلية الآداب جامعة الإسكندرية، 28، 1981.
  • “غرناطة الإسلامية في نظر الرحالة الأجانب”، مجلة أوراق، مدريد، 4، 1981.
  • “أضواء على بني كماشة ودورهم السياسي في مملكة غرناطة”، مجلة كلية الآداب، 29،1982.
  • “قراءات في رحلة أندريا نافاجيرو الرحالة الإيطالي إلى الأندلس في عام 1526م”، مجلة كلية الآداب، جامعة الإسكندرية، 29،1982.
  • “محاولة لتصوير ما كانت عليه لوشة في عهد سلاطين بني نصر من خلال المصادر العربية والقشتالية”، مجلة كلية الآداب سوهاج، 3، 1983.
  • “العلاقات بين الأندلس والمشرق الإسلامي”، بحث مقبول للنشر في كلية الآداب جامعة الإسكندرية
  • “صور من الصلات الحضارية بين شبه الجزيرة العربية والأندلس في العصر العباسي”، مجلة الخليج للتاريخ والآثار.

كما شارك الدكتور أحمد الطوخي في العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية، حيث ألقى أوراقاً بحثية، كان من أبرزها:

  • “غرناطة في كتابات المؤرخين المسلمين”، مؤتمر الرحالة في العصور الوسطى، جامعة المنيا، نوفمبر 1993.
  • “بنو عاصم: أسرة أندلسية من العلماء والسياسيين واثرهم في مملكة غرناطة في عصر بني الأحمر (635-897هـ /1238-1492م)”، ندوة الأندلس قرون من التقلبات والعطاءات، الرياض، 30أكتوبر إلى 3 نوفمبر 1993م.
  • “العلاقات الأندلسية الحفصية 635- 897هـ /1238-1492م”، ندوة الأندلس: الدرس والتاريخ التي نظمتها جامعة الإسكندرية بالاشتراك مع رابطة الأدب الجامعات الإسلامية (الإسكندرية من 2-4/11/1414هـ /13-15/4/1994.
  • “العلاقات الثقافية بين مصر المملوكية والأندلس”، بحث قدم إلى المؤتمر الدولي حول التبادل الثقافي بين شعوب حوض البحر المتوسط – جامعة بيروت العربية 1-12-1999.
  • “الوباء الأسود وأثره على الأندلس”، سينمار قسم التاريخ العام الدراسي 1999-2000.
  • “العلاقات الثقافية بين مصر والأندلس”، سينمار قسم التاريخ العام الدراسي 2000-2001.
  • “جوانب من العلاقات الحضارية بين شبه الجزيرة العربية والأندلس في العصر العباسي الأول”– الندوة العالمية الخامسة لتاريخ الجزيرة العربية- جامعة الملك سعود – الرياض مارس 2003.
  • “دمشق بعيون أندلسية”، مؤتمر تاريخ دمشق، دمشق، نوفمبر 2006.
  • “ملامح من الحياة الاقتصدادية في الأندلس في عهد بني الأحمر”- اتحاد المؤرخين العرب، القاهرة 2006.

 قام الأستاذ الدكتور أحمد محمد الطوخي بتدريس العديد من المواد والمقررات المرتبطة بتخصصه الدقيق في الكثير من المعاهد والجامعات والمؤسسات الجامعية في مصر والعالم العربي، وبالتحديد في كليات الآداب بأسيوط وجنوب الوادي والمنيا وبنها والإسكندرية وقطر والكويت وكذلك كليات التربية بأسيوط وسوهاج وقنا والإسكندرية والمنيا وبنها وبالمعهد العالي للسياحة والفنادق بالقاهرة، ومن أهم هذه المواد: تاريخ المغرب والأندلس، وتاريخ الدولة العباسية، وتاريخ الحضارة العربية الإسلامية، وتاريخ الشرق العربي، وتاريخ الغرب الإسلامي، وتاريخ مصر الإسلامية الإسلامي والوسيط، وتاريخ الدولة الأموية، وتاريخ نظام الحكم في العصر الإسلامي، وتاريخ الدولة الفاطمية ، وتاريخ الحركة الفكرية في العصر الإسلامي. وفي الدراسات العليا درس مقررات مرتبطة بتخصصه وبمناهج وطرق البحث العلمي في كليات الآداب بجامعات الكويت وأسيوط والمنيا والإسكندرية مثل: تاريخ المغرب والأندلس، ومصادر التاريخ الإسلامي، والحركة العلمية والفكرية في العصر الإسلامي، ونصوص تاريخية بلغة أجنبية، ومنهج البحث التاريخي. كما أشرف على العديد من أطروحات الماجستير والدكتوراه وشارك في مناقشات الكثير منها في جامعات الكويت وجنوب الوادي وأسيوط والقاهرة والإسكندرية.

وكان الدكتور أحمد الطوخي عضواً بالعديد من الجمعيات واللجان العلمية المتخصصة وكذلك بالهيئات الاستشارية للدوريات والمجلات، منها: اتحاد المؤرخين العرب بيالقاهرة، والجمعية المصرية للدراسات التاريخية، وجمعية الآثار بالإسكندرية، كما كان عضواً بلجنة التقرير السنوي بقسم التاريخ بكلية الآداب بالكويت، ولجنة المكتبات واللجنة الأكاديمية بقسم التاريخ بآداب الكويت، ولجنة تقييم عمل أحد رؤساء الأقسام بكلية الآداب بالكويت، ولجنة تقييم عمل أحد رؤساء الأقسام بكلية الشريعة بالكويت.

  في رحاب الأندلس:

   أغرم الدكتور أحمد الطوخي بالأندلس منذ شبابه الغض، وقد تعمق هذا الحب عندما جاء إلى الإسكندرية ليتلقى على أيدي نخبة من الأساتذة الكبار من أمثال الدكتور جمال الدين الشيال وفي فترة الدراسات العليا تلقى العلم على أيدي الدكتور: أحمد مختار العبادي والدكتور سعد زغلول عبد الحميد والدكتور السيد عبد العزيز سالم، والدكتور حلمي سالم، ودرويش النخيلي … وخلال مسيرته العلمية قام بزيارات عديدة لإسبانيا للإطلاع على أحدث البحوث في هذا التخصص وذلك بناء على دعوات وجهت إليه من وزارة الخارجية الإسبانية والمعهد المصري العربي بمدريد في الأعوام 1973، 1975، 1976، 1978، 1983، 1984، 1986، وكانت المنحة المقدمة له عام 1975 لمدة عام كامل وهي التي ساعدته على إجادته للغة الإسبانية.

وفاته:

انتقل الدكتور أحمد محمد الطوخي إلى رحمة الله تعالي في مدينة الكويت يوم الخميس الموافق 15 أكتوبر سنة 2015م أثر أزمة قلبية مفاجأة.

المراجع:

[1]أبو الحسن الجمال “أعلام مصريون معاصرون”، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2018: الفصول الخاصة بالدكتور أحمد مختار العبادي وجمال الدين الشيال، والسيد عبد العزيز سالم. وكتابنا “من مؤرخي المغرب والأندلس في مصر” قيد النشر.

[2]خالد عزب، فوة مدينة المساجد، القاهرة 1989.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى