الخزيُ والعار
محمد أسامة | الولايات المتحدة الأمريكية
اللوحات الكلاسيكية (إدوارد لامسون هنري) 1841
لله أشكو ديارًا مسَّها العَفَنُ
بئسَ الدِّيارُ وبئسَ الشَّعبُ والوَطَنُ
لا عدلَ لا أمنَ لا إحسانَ في شرفٍ
فيها الضَّياعُ وفيها القَهْرُ والوَهَنُ
إنَّ الحياةَ بدنيا الغدرِ قد وُصِمَتْ
بالخزي والعار فيها يُعْبَدُ الوَثَنُ
ما العيشُ فيها إذا الإذلالُ طابعها
تُعلي السَّفيه وذو الأحلام يُمْتَهَنُ
وما الحياة بدون العدلِ في بلدٍ
يؤوي الضِّباعَ وكم طافت به الفِتَنُ
إنَّ البلاد التي لا عدلَ يصحبها
تبقى بذُلٍّ وفي أرجائها الدَّرَنُ
كيف الحياةُ بلا أمنٍ يزيِّنُها
كم شانها الذُّلُّ حتى شفَّها الزَّمَنُ
هَذِي بلادٌ غزاها الظُّلْمُ فانبطحت
والعدلُ في كافةِ الأصقاعِ مُنْدَفِنُ
بئسَ الديار وقد شاعت قذارتها
من طبعها الجَهْلُ والإقفارُ والعَفَنُ
قد حُورِبَ العِلْمُ فيها صار منقصةً
وعُلْمِنَ الدِّين في أرجائها دَخَنُ
وأصبحَ الجُرْذُ منذ الآن سيِّدَها
في وجهه القبحُ والترويعُ والمِحَنُ
في وجهه القبحُ والترويع كم سَقِمَتْ
منه البلادُ وفيه النَّاس قد دَهِنوا
في أجمعِ الأرْضِ قد بانت بشاعتُهُ
يبدو شنيعًا ومن أصدائه حَزَنُ
بالقهرِ والعُهْر والترويع مُتِّسِخًا
يُسقى مرارًا وفي أعماقِه الدِّمَنُ
والشَّعْبُ منبطِحٌ يهوى مذلَّتَه
بالجهلِ متَّصِفٌ إذ ليس يُؤتَمَنُ
أمسى دنيئـًا وكم ينسى كرامته
فيه الرَّذِيلةُ طَبْعٌ مسَّهُ الدَّرَنُ
يرضى المهانة في أعماقه نَجَسٌ
حتى بكيتُ وجُنَّ العاقِلُ الفَطِنُ
بالقهرِ والخترِ والإذلالِ متَّصِفٌ
بالخِزي والعارِ والإجرامِ كم يَهِنُ
سُحقًا لشعبٍ أضاع اليومَ غايَتَه
بئسَ القرارُ وبئسَ الرِّفْدُ والسَّكَنُ
فيه الدناءةُ كم خارت عزائِمُه
ويلمَحُ اليوم في أحلامِه الكَفَنُ
عذرًا بلادي فإنِّي اليوم مرتحِلٌ
عن سطوةِ الجَهْلِ في دار بها الوَسَنُ
هذا فؤادي أراه اليومَ منتحبًا
يبكي جراحي وهذا دمعه هَتِنُ
يبدو أسيرًا ومنه النُّورُ مستلَبٌ
القلبُ يشكو بأيدي الدَّهْرِ مُرْتَهَنُ
يأبى الكريمُ حياةَ الذُّلِ يرفضها
يأبى القيودَ فكم ترقى به القِنَنُ
ربَّاهُ ربَّاهُ قد طاش الفؤادُ فهل
تلك النهايةُ ما تمضي بها السُّنَنُ؟
حتَّى المودة والإيمان قد سُلِبَا
من البلادِ وفيها الكُفْرُ يُحْتَضَنُ
هذه بلادٌ أراها قد يضل بها
شعبٌ ذليلٌ وحتى أهلها جَبُنوا
تثاقَلَ الصَّبحُ والإظلامُ أحسبُهُ
يبقى سنينًا وفيه الغَمُّ والدَّجَنُ
لن يطلُعَ الفَجْرُ ما دامت بغفلتها
عن رؤيةِ الحقِّ لن تجدي لها المِنَنُ
ذلَّتْ بلادي لضَيْمٍ يستبِدُّ بها
يبكي الفؤاد وتبكي حالَه المُدُنُ