مروان عادل حمزة وتراتيل طيوره المغرّدة أبدا

عبد الرزّاق الربيعي | شاعر ومسرحي وكاتب صِحفي

عرفته من خلال أنشطته المتعدّدة التي تابعتها عبر الفضائيات، والصحف، والمجلّات العراقيّة، قبل أن يجمعني به مهرجان المربد الشعري2010 في زيارتي الأولى لبغداد بعد ١٦ سنةمن مغادرتها، ضمن من اجتمعت به للمرّة الأولى من الجيل الشعري الذي أعقب جيلنا الثمانينيّ، وسرّني فوزه بجائزة (ديوان شرق غرب) عن مجموعته (تراتيل طيور محنّطة) 2009، وماقرأته له من نصوص شعريّة، مكتوبة على النمط التقليدي، وقصيدة النثر، وأدهشتني لغته الرقراقة كماء جدول.
في بغداد، شاهدته، قبل الصعود للحافلة التي تنقل المشاركين للبصرة، وعلى الفور عرفته، وعرفني، وتبادلنا الأحضان، وكأنّنا نعرف بعضنا منذ زمن بعيد، ثمّ مضى كلّ منّا لحال سبيله، على أمل أن نلتقي خلال المهرجان، لكننا لم نتمكّن من ذلك في زحمة الجلسات الشعريّة، والضيوف، والمشاركين.
وتكرّر اللقاء في زيارتي الثانية لبغداد بديسمبر ( كانون الأوّل) 2012 خلال مشاركتي بمهرجان بغداد الشعري بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة العربية2013، وتجوّلنا معا في المتحف العراقي، وزرنا مبنى الاتحاد العام للأدباء والكتاب، لكنّ المسافة بقيت بيننا نفسها، عكس العديد من شعراء جيله، ربّما لأننا لم نجتمع في مناسبة أخرى داخل العراق، أو خارجه، ولم يجمعنا عمل واحد، أو مشروع مشترك، وحين شاهدت حسابه بالفيسبوك بعثت له طلب صداقة، فقبله فورا، وصرتُ أتابع منشوراته، ويتابع منشوراتي، مع تعليقات متباعدة، دون زيادة، أو نقصان، وكان آخر منشور شعري له قبل أسبوع، وبه يعود للشعر العمودي بأبيات جميلة:
عطشي ارتواءٌ فيكَ يرويني بما
أعطى بكَ اللهُ العِطاشَ وأنعما
شفتايَ يابِستانِ ما أحلاهما
فالشاهدانِ_على صيامِكَ_لي هما
بدوارِ رأسي واصفرارِ ملامحي
ونعاسِ عيني جئتُ أبوابَ السما
قلبي وعقلي تائقان إليكَ من
سنةٍ فيا رمضانُ لا تحرمهما
وبقيت أتابع أخباره من خلال تواصلي المستمر بأخي د.سعد محمد التميمي، وقد اعتاد ان يطلعني على أحدث المستجدّات في الساحة الثقافيّة العراقيّة، وكان آخر تواصل جرى بيني وبين الراحل مروان، عندما كلّمتني الكاتبة رجاء الربيعي ، وكان برفقتها، فأخذ الهاتف منها، وسلّم عليّ، وشكرني على موقف يخصّ العمل الثقافي، والاتّحاد نسيته الآن، واتّفقنا على لقاء يجمعنا بمناسبة ثقافيّة، لكنّ للقدر، وذئب الموت” الذي يترصّدنا” كانت كلمة ثانية!
واليوم حين سمعت خبر وفاته، وكلمات النعي الموجعة، أصبت بصدمة، صدمة فقدان صديق لم يجمعني به سوى ماذكرت، ولم تتح لي الفرصة بأن ألتقي به ثالثة، وهذه من ضرائب العيش خارج العراق.
رحمك الله أخي الشاعر مروان عادل حمزة، وأسكنك فسيح جنّاته، ولمحبّيك الصبر، والسلوان، ويقينا ستبفى تراتيل طيورك تملأ علينا المكان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى