لذعات الغرام (1)
هند خضر | سوريا
على أطراف الكون هناك فكر يشتعل وعاطفة تخمد ،قنوط ورجاء ،سعادة وشقاء ،دماء تدخل إلى القلب وأخرى تنبعث منه وأمّا عن الرّوح فإنّها تلهث وراء ذاك الجدار الّذي تشقّق من أفكار اهتزّت لها أعماق العمر فكيف لجدارٍ أن يقاومها ؟
كانت غادة تستريح في أمسياتها بجوار وسادتها فتوقّع على موسيقاها السّاهية ألحان أحلامها وآمالها ،تنام وفي أحداقها تغفو صورة عماد وأمّا عن إصباحاتها فكانت أوّل عين تشاهدها وأوّل روح تستجوبها ..
تستفيق على دقّات قلبها توقظها كلّ فجر تهتف باسمه فقد اعتادت على تكحيل مقلتيها برؤيته مارّاً قرب نافذتها العاجيّة ،تلتقم من وجهه الشّهيّ كرغيف خبز نضج للتوّ،
تلتقط أنفاسها من الأوكسجين المتطاير فوق عطره ومن ثمّ تطلق زفرة حارّة تخشى أن تُسرق منها وتبدأ صراع الّلذّة بين نعيم وجوده وشقاء الواقع فهي من طبقة ثريّة جدّاً وأمّا عماد من طبقة فقيرة ولكنّه الحبّ يتسلّل من ثقوب عظامهما ليستقرّ داخلهاو يطفو على سطح مخيّلتهما ليعكس إشراقته على رغباتهما لعلّه يخرج ببصيص أمل ..
على عتبة الأمنيات تقابلا ،تبادلا نظرات أخفت في أعماقها إشارات استفهام كثيرة وسؤال واحد حول المجهول الّذي سيعترضهما ما إن صرّحا بمشاعرهما ..
كان لقاءً صامتاً في بدايته ممزوجاً بالشّيء ونقيضه،اقتطع عماد حبل الصّمت قائلاً :
كيف لك يا غادة أن تحبّي رجلاً مثلي ربّما يكون عاجزاً عن تأمين أدنى احتياجاتك وأنتِ ابنة أهلك المدلّلة المحاطة بأسوار الرّفاهيّة ؟
ابتسمت غادة ابتسامة دافئة كادت أن تنتزع قلبه من بين ضلوعه وقالت :
منذ متى يتيح لنا الحبّ المجال لاختيار من نحبّ ؟
رغم أنّنا ننتظر هذا الزّائر إلّا أنّه يغافل الأزمان والأوقات ،يعبر كلّ الأماكن ويأتينا وماعلينا إلّا أن نفتح ذراعينا لاستقباله ولهذا لا تسلني كيف لي أن أحبّك فأنا أحببتك وانتهى الأمر ..
استرسل عماد في النّظر إليها ،عانقها بعينيه الهائمتين بها والحالمتين بموافقة أهلها عند التقدّم لطلب يدها ،تخيّلات بدأت تتلاطم في رأسه كأمواج البحر ،تلعثم الكلام قليلاً على شفتيه ومن بعدها قال :
ليكن حبّنا أقوى سلاح و به سنحطّم قيود الفوارق الطّبقيّة فهل أنتِ مستعدّة لخوض غمار هذه الحرب ؟
رفعت نظرها للسّماء وأجابته بكفّين مفتوحتين :ليكن الّله معنا …
يتبع