“ مهاجرون نحو الشرق ” ثلاثية روائية جديدة
متابعة: لطيفة محمد حسيب القاضي
صدرت أول سلسلة روائيّة للكاتب السعودي عبدالعزيز بن حسن آل زايد – الحاصل على جائزة الإبداع في الرواية عام 2020، الصادرة عن مؤسسة ناجي نعمان الأدبيّة في لبنان – بعنوان “مهاجرون نحو الشرق”، وتقع هذه السلسلة في ثلاثة أجزاء، يروج آل زايد إلى الثقافة عبر قاعدتين، “قاعدة الأخذ أولًا”، حيث يقول: “فلنتعلم من الأطفال ثقافة الأخذ أولًا، ثم يأتي دور العطاء”، وهي القاعدة الثانية، ويقول: “قبل أن أحلم بأن أصبح كاتبًا طمحتُ أن أقرأ ألف كتاب”، ويروج لمزاولة القراءة بقوله: “اقرأ ألف كتاب لتغير بوصلة حياتك، ليس مهمًا أن تكون كاتبًا بقدر ما تكون قارئًا”. ثم يرى أنّ وسيلة إنارة العقول عبر سلاح القلم، وهي المهمة التي وَطَّن نفسه عليها، إذ يصف نفسه في مدونته “جناح ملاك” قائلًا: “كاتب يبعث بنبضه للعالم، والقلم بالنسبة له شمعة تصارع الظلام”.
في سلسلته الروائية هذه ينسج آل زايد بضاعته من أدب الرحلات، ويركز أشعة قلمه على “عالم الاستشراق”، الذي أسسه البيروقراط البريطانيّ لفهم فلسفات أديان الشرق، في أواسط القرن الثامن عشر، يربط آل زايد سلسلته الثلاثيّة بسرد حكاية الشاب الجزائريّ (جلال الفارس)، الذي يلتقي بفتاة انجليزيّة تدعى “سيسلي”، ففي الرواية الأولى من السلسلة (رواية كرائم الطيب)، يلتقي البطل جلال بالطالبة الجامعية “سيسلي” الذي يقع في حبّها ثم تغيب عن ناظريه، ولا يعثر عليها مطلقًا، الرواية تشرح الطريقة الذكية التي أسعفته للالتقاء بها مجددًا، وتحكي ما دار بينهما، ثم تُبْتَر الحكاية، ليستكمل القارئ بقيّة أحداثها في الجزء الثاني من السلسلة، رواية كرائم الطيب، تستعرض معها ثلاث حكايات لشخصيات تاريخية، هي كالتالي:
1/ سيرة الأمير عبدالقادر الجزائريّ: وهو بطل مقاوم للاحتلال الفرنسيّ، ومؤسس دولة الجزائر الحديثة، الرواية تخرج عن ربقة التوثيق التاريخيّ، لترسم صورة الفارس المقاوم للاحتلال الغاشم، منذ الولادة وحتّى أفول حكمه، بعد عراك شرس استمر طيلة خمسة عشر سنة.
2/ سيرة الليدي استر استانهوب: وهي مستشرقة أرستقراطيّة انجليزيّة نبيلة، لقبت بـ (ملكة تدمر)، في محاكاة بينها وبين الملكة التدمريّة البارزة (زنوبيا)، هذه النبيلة تعشق الترحال في سحر الشرق ورغبتها التنقيب عن كنز مخبوء في عسقلان، اتخذت من لبنان مقرا لها وقارعت الحكومة المصريّة، وناضلت كل ظلم حتّى يومها الأخير.
3/ سيرة السير ريتشارد بيرتون: وهو مستشرق مغامر يعشق الترحال، يقرر في جزء من حياته الحج متنكرًا إلى الديار المقدسة، تتوقف حكايته في لحظة بلوغه أعتاب يثرب (المدينة المنورة).
كما صدرت للكاتب نفسه رواية “رائحة العندليب”، والعندليب طائر مغرد شجيّ التلحين من رتبة العصفوريات، أدلت الدار على موقعها الرسميّ قائلة: “لنا أن نصنف هذه الرواية ضمن أدب الرحلات، بثوب تاريخيّ وصوفيّ متخيلين”، يستكمل آل زايد في رواية “رائحة العندليب” جزأه الثاني في أدب الاستشراق، ويواصل سرده لحكاية الشّاب الجزائريّ (جلال الفارس)، في هذه الرواية تعتزم فتاته الإنجليزية “سيسلي” تعلم اللغة العربيّة وتناقش فتاها جلال عن ثقافته الشرقيّة، ثم بعد خوض عدّة أحداث ومغامرات تتوقف الحكاية؛ ليستكمل القارئ الجزء الأخير في الرواية التي تليها، تستعرض الرواية ثلاث حكايات لشخصيات تاريخية، هي كالتالي:
1/ سيرة الشيخ ماء العينين: وهو شيخ وسلطان وبطل وطني مقاوم ناكف الاستعمار الفرنسيّ المسيطر على الصّحراء المغربيّة، امتازت شخصيّة الشيخ ماء العينين بمحبّة الجماهير له، تسرد الرواية سيرته ولا تتوقف في سواحل هذا الشيخ المقاوم فقط، بل تمتد إلى سيرة ابنه الشيخ أحمد الهيبة وهو بطل مقاوم ينحى منحى والده في مناكفة الاحتلال، ولا تتوقف الحكاية حتى تختم فصول أكبر مناضلين في بلاد المغرب.
2/ سيرة الحاج يوسف: وهو مستشرق انجليزي اسمه “جوزيف بيس”، الذي يزور مكة المكرمة برفقة قافلة حجاج جزائريّة، حيث يرافق سيده، ويتعرف على أبرز المناطق في مكة المكرمة، وهي رحلة استشراقيّة فريدة تستحق المطالعة.
3/ سيرة تخيليّة للكاتبة أنّا ماري ميشل: وهي مستشرقة ألمانيّة شهيرة، لقبت بـ (رائدة الاستشراق)، عرفت بكثرة التأليف، تقع هذه الكاتبة في عشق مولانا جلال الدين الرومي، والتي تربطها به علاقة وثيقة تتمازج فيها الواقعيّة بالخيال، بنكهة صوفيّة متميزة.
أما الرواية الأخيرة في السلسلة فتحمل اسم “شذا الحبيب”، إشارة إلى الحبيب المصطفى محمد (صلى الله عليه وسلم). يقول المؤلف مادحًا خير البريّة: “في قبته النّور الجميل، يا سورة الشّرح المُعطر للفؤاد، قد جاءنا النّور المبين، أكرم بوارفة الظّلال، أكرم بخير الأكرمين، يا شمعة الوهج المضاء”، وتصرح دار النشر على موقعها، قائلة: “تلامس الرواية البعد الاستشراقيّ، وأبرز إشكاليات المستشرقين على الإسلام ونبيه الكريم”. في هذه الرواية يسدل عبدالعزيز آل زايد ستائر حكاية الشاب الجزائري (جلال الفارس)، الذي ينزح في نزهة سياحيّة إلى مدينة الضباب (لندن)، ليجوب أهم معالمها، وتدور بينه وبين صاحبته (سيسلي) مطارحات نقديّة حول زيجات خاتم الأنبياء محمد، في الوريقات الأخيرة تنيخ الحكاية ركابها ويضوع في مداها قارورة المسك.
تستعرض “شذا الحبيب” في طياتها ثلاث حكايات لشخصيات تاريخيّة، هي كالتالي:
1/ سيرة لالة فاطمة نسومر: وهي بطلة جزائريّة فارسة قاومت الاحتلال الفرنسيّ، وهزمتهم في عدّة مواقع، حتّى لقبت بـ (جان دارك جرجرة)، وهو اللقب الذي رفضته بشموخ معتزة بانتمائها الإسلامي. الرواية تسرد سيرة المناضلة لالة فاطمة نسومر، منذ لحظات ولادتها حتّى اللحظات الأخيرة لشهادتها، وقبل الضلوع في سيرة هذه الماجدة الجزائريّة الخالدة؛ تستهل الرواية بسرد حكاية صاحبة اللقب المرفوض وهي القديسة المسيحيّة جان دارك ذات الشهرة السامقة.
2/ سيرة تاريخيّة تخيليّة عن كارن أرمسترنغ: وهي مستشرقة مسيحيّة محبة للديانة الإسلاميّة، يشطح الخيال بالرواية فتمور في أرجائها سرد حكاية مع رفاق متخيلين لها، هم: (إفيلا، وبهاء، وشاهناز)، ضيوف الشرف الثلاثة من ديانات مختلفة، هي: (المسيحية، واليهودية، والإسلام)، تسعى كارن أرمسترنغ لإذابة شحوم البغضاء بين الفُرَقاء، في الأثناء تتغلغل الرومانسيّة بالدواخل وتضرب أطنابها، لولا نعرة دينيّة تهب لاقتلاع الأوتاد من مكامنها، تنشده كارن أرمسترنغ أمام هذه العاصفة، فتلقي تعويذتها الفكريّة على العقول، فما عسى أن تصنع هذه التعويذة في الرفاق؟
3/ سيرة تاريخيّة تخيليّة عن ويليم مونتجومري وات: وهو مستشرق بارز، مشهور بدفاعه عن الإسلام والنبي الكريم، يلتقيه شاب مسيحيّ موهوب يدعى (سيبستيان)، الذي يتوق لمحادثة الدكتور مونتجومري؛ لخواطر تراوده عن الإسلام، يتشاطرا مائدة مستديرة ويقتاتا على مأدبة جدليّة حول أبرز القضايا التي دوّنها الدكتور حيال الديانة المحمديّة ونبي الإسلام، تطل على حلبة المجادلة فتاتان باهرتا الجمال هما (باتريشيا) و(جوليان)، تسرد الرواية حكاية هاتين الفتاتين في أجواء نبوية شفيفة .
-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-
كرائم الطيب نسخة إلكترونية
اقتباسات من الرواية:-
عشْرة جيادٍ تقدح سنابكها بالشّرر، أغارتْ على القافلة، أطلقوا في السّماء طلقتيْن كنايةً عنِ السيطرة والتّصميم. اضطربَ قلبُ اللّيدي “استانهوب”، واحتقنَ وجهُها بحُمرة قانية، إنَّهُ الموتُ الذي لا مفرّ منه.
///
نفخ بوقُ المعركة، وقُرعَت الأجراس، هجمَ المغاربة ليحتلّوا مؤخّرة السفينة، فبدأتْ العصيّ تلعب فوق الجَماجم تهشّم الرّؤوس والأكتاف. استخدمَ المغاربةُ أسلحتهم، إلّا أنّ النّبابيت أطولُ أثرًا؛ لهذا تكسّرت العظام والجماجم.
///
مسحَ جفونَه المحجوبة بالدّمع: “اللّهم صلِّ على خاتم النبيّين، عددَ نجوم السماوات وأمواجِ البحار، ورمالِ الصّحراء، يا ذا الجلالِ والإكرام، صلِّ عليْه ما نبتت حقولُ القمح، وما أثمرت النخيل”.
-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-
رائحة العندليب نسخة إلكترونية
اقتباسات من الرواية:-
أتذكّر جيدًا أنّ نومي كان في وقتِ القيلولة، وهو أفضلُ أوقات النهار، وقرأتُ في مطالعاتي أنّه وقت الرؤيا الصّالحة، وذكرتُ في كتابي (أحلام الخليفة) عنْ تأثير الزّمان في الرؤيا، حيث قلت: “الوقتُ الذي تكتسي فيه الأشجارُ بالورق يُعدّ من أفضلِ أوقات السّنة التي تحدث فيها الرّؤيا الصّالحة”. أتخطر أنّ الثلج بدأ بالذّوبان، والطيور أخذتْ تغرّد فوق الشجر، مؤذنة بقدومِ فصل الرّبيع رغمَ البرودة، كنتُ أرتدي معطفًا أسودَ، وحين غفتْ عيناي من شدة ألمي…
///
ماذا يقصد إقبالُ بماءِ زمزم؟!، فأخذتُ أفتّش عن أسرارِ ماء زمزم ورمزيّته، فطالعني كلامُ الإمام السيوطي، ذي الكتب الغفيرة، يتحدّثُ عنْ رحلته للحجّ، فتأمّلتُ النصّ الذي أمامي بعنايةٍ فائقة، إذْ كان مكتوبًا هكذا: “لمّا حججتُ شربتُ مِن ماء زمزم لأمور،…..”.
///
طوى الشّيخُ ماء العينين الخُطى لرؤية آخرِ عنقوده ومسْك ختامه، وهو يحدّث نفسه: “إنّ يوسف وُلدَ من راحيل متأخّرًا، فكان هو وارثَ يعقوب، وصاحبَ الفضل والشّرف، حتّى أنّ رؤياه انطبقتْ بسجود أبيه له إكرامًا، فهل يفْضلُ على المفضول إلّا الفاضل!؟”.
-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-
شذا الحبيب نسخة إلكترونية
اقتباسات من الرواية:-
اقتربَ الجندي يحتزّ رأسه، سدّدت لالة فاطمة نسومر بحربتها رميةً موفقة اخترقت بطنَ الفرنسي، وسقط على الأرض صريعًا يخورُ في دمائه، أخلت على الفور قدمَها من الركاب، وشقتْ منديلًا من ردائها شدّت به جرحَ الشريف.
///
شربَ الدكتور صبابة التّوت، لكنّه لم يمتْ، ليتجرّع كاسات الألم، رمق كأسَ سيسلي الذي لم ترتشفه، فأخذه وشربَه كمَن يشرب السّم، خرجَ من مكتبه بعد أن ألغى اجتماعاتِه معتذرًا، فغابَ عن عمله، وجلسَ في داره حبيسَ الفراش.
///
“اعْلمي يا ابنة العم أنّي رأيتُ في ليلةٍ سبقت ولادتك بها؛ جدّتي فاطمة الزهراء، وقد قدّمت لي فاكهة من الجنّة في منديل أحمر، لم أشمّ أزكى من رائحتها، ولا أحلى من طعمها”.. “هل قلت منديل أحمر؟!، ولم يكن أخضر!”، “نعم منديل أحمر”، “لا ريبَ أنّ الأحمر دلالة على ابن الزهراء الحسين”.
-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-
#كرائمُ_الطيب
#رائحة_العندليب
#شذا_الحبيب
#عبدالعزيز_آل_زايد
#إصدارات_دار_البشير_٢٠٢١
#دار_البشير
-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-
متوفرة | موقع جملون
متوفرة | نيل وفرات كوم
متوفرة | google play
متوفرة | دار الحلم للنشر والتوزيع
-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-