قصة الأطفال “أثر الفراشة” في ندوة اليوم السابع
القدس | خاص
ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافيّة الأسبوعيّة عبر تقنيّة زووم قصّة الأطفال “أثر الفراشة” للكاتبة المقدسيّة مريم حمد. صدرت القصّة “براعم عن مكتبة كل شيء الحيفاويّة ضمن سلسلة “براعم الزّيتون. وتقع القصّة التي زيّنتها رسومات الفنّان العراقي رعد عبدالواحد، ومنتجها وأخرجها شربل الياس في 26 صفحة من الحجم الصغير.
افتتحت الأمسية مديرة الندوة ديمة جمعة السمان فقالت:
أثر الفراشة مصطلح مجازي يصف الظواهر ذات الترابطات والتأثيرات المتبادلة والمتواترة التي تنجم عن حدث أوّل، قد يكون بسيطا، ولكن يولّد سلسلة من النتائج والتطورات المتتالية يفوق حجمها حدث البداية.
بما معناه على سبيل المثال: “رفرفة جناح فراشة في الصين قد يتسبب عنه فيضانات وأعاصير ورياح هادرة في أمريكا.” ومن هنا أتت التسمية.
قصة الأطفال ” أثر الفراشة” للكاتبة المربية مريم حمد، حملت هذا المعنى بأسلوب لطيف بسيط وجهته الكاتبة للطفل من عمر (3-8) سنوات، الذي تكثر فيه أسئلته عن وجوده.
أسئلة كثيرة يتعرض لها الأبوان من طفلهما: من أين أتيت أنا؟ وأين كنت؟ وأين كان أخي الصغير قبل أن يسكن معنا؟
وإمّا أن يكون الجواب: ستعرف عندما تكبر. وإمّا أن تكون الأجوبة غير تربوية تستهين بإدراك الطفل وتؤثر عليه سلبا: على سبيل المثال: اشتريتك من الدكان، أو وجدتك في الحسبة.. وإذا استمريت بشقاوتك سأعيدك من حيث جئت.
ولا يدري الأبوان مدى التأثير السيء وتبعات هذه الأجوبة على أطفالهما.
حاولت الكاتبة معالجة الموضوع بشكل مقنع للطفل عن طريق الحيوانات.
فكل شيء يبدأ بنقطة ساكنة لا تتحرك، تنام في هدوء فترة من الزمن، ومن ثم يكبر، وبعدها يكون له الأثر.
تدرّجت الكاتبة مع الطفل بما يرضيه ويرضي تسلسل تفكيره بصورة تتناسب ومنطق سنّه، قالت حمد:
في مكان بعيد معتم في الغابة نامت نقطة في بيضة، لم تفعل النقطة شيئا غير النوم والأحلام.
ثم انتقلت للمرحلة الثانية، تشققت البيضة فخرج منها يرسوعة. أكلت وأكلت اليرسوعة حتى انتفخت وعادت للنوم بعد أن لفّت نفسها بخيوط. وفي المرحلة الثالثة، تحولت اليرسوعة إلى فراشة. وهنا بدأت الفراشة بالتأثير على من حولها. رفرفت بجناحيها حركت ورقة الشجرة، والتي بدورها أيقظت النحلة، والنحلة أيقظت الطائر الطنان، فطار إلى البحيرة. وهنا تعطي الكاتبة معلومة جديدة للطفل. في البركة أيضا يوجد بيضة، وبعد أن فقست البيضة خرج منها سمكة…الخ من تدرج في التأثير.
الكاتبة نجحت في إيصال الفكرة للطفل بامتياز، وقدمت له المعلومة بشكل سلس دون إقحام:
– اليرسوعة كانت تنام داخل البيضة فكبرت وأصبحت فراشة، إذا.. اليرسوعة هي طفل الفراشة.
– السمكة أيضا كانت نقطة في بيضة داخل الماء.
– أيام الأسبوع بالترتيب.
– كل مخلوق في الكون كان نقطة ينام في الظلام، بعدها يخرج إما يزحف أو يسبح أو يطير أو يمشي.
وهذا يفتح مجال للنقاش مع الطفل، يجيب على سؤاله، فهو كان نقطة يسكن رحم أمه، كان ينام هناك في سلام غارق في الأحلام، بعدها كبر وخرج من بطن أمه ليصيح له أثرا في الدنيا. وهو كذلك.. يجب أن يكون له أثر وحضور في الدّنيا، ويثبت نفسه.
طرح موفق بأسلوب راق تربوي، قصة جميلة ومفيدة، مزينة برسومات جميلة ومريحة للطفل، تعتبر إضافة نوعية لمكتبة الطفل العربية.
وقال جميل السلحوت:
تلخّص الكاتبة قصّتها في الصفحة الأخيرة:” كلّ المخلوقات في الكون تكون في الأصل نقطة ساكنة، وهادئة، وبعد الصّمت والسّكون تنمو وتكبر، بعضها يسبح والبعض يزحف، وأخر يطير، وآخر يمشي….”ص25.
واضح أنّ الكاتبة في قصّتها هذه تجيب على أسئلة الأطفال حول قضيّة الخلق، فالأطفال عادة يتساءلون عندما تنجب أمّهاتهم عن المكان الذي جاء منه الطّفل؟ وكيف؟
وها هي تجيب على هذه الأسئلة بحذر شديد، في محاولة منها لتثقيف الأطفال حول هذا الموضوع، فأصل المخلوقات نقطة، وهذه إشارة إلى بداية تكوّن الجنين، عندما تلتقي بويضة الأنثى بحيوان الذّكر المنويّ فيتّحدان لتكوين الجنين فيما يعرف “بالتّلقيح”. وإذا كان الجنين يتكوّن وينمو في رحم الإنثى في بعض أنواع الجنس الحيواني ومنهم البشر، ويخرج عندما يكتمل، فإنّ أجناسا أخرى تتكوّن وتنمو داخل بيض تقذفه الأنثى خارج جسمها بعد تلقيحه، مثل الأسماك والزّواحف والطيّور وحتّى الحشرات.
وفي تقديري أنّ الكاتبة في قصّتها هذه متأثّرة بالثّقافة الغربيّة، التي تثقّف الأطفال جنسيّا بالتّدريج حسب أعمارهم، من خلال المناهج الدّراسيّة. وهذا لا ينتقص شيئا من القصّة أو من قدرات الكاتبة، فالاطّلاع على الثّقافات الأخرى ضروريّ ومطلوب.
وقضيّة تكوين الجنين ليست جديدة فقد وردت في القرآن، يقول تعالى:” “وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ”.
الأسلوب واللغة: اللغة فصيحة بليغة جميلة، والأسلوب سرديّ سلس يناسب الأطفال.
الرّسومات والإخراج: واضح أنّ الفنّان رعد عبدالواحد محترف بالرّسم للأطفال بطريقة لافتة، وأنّ شربل الياس أيضا محترف بمنتجة الكتب وإخراجها بطريقة لافتة، فطوبى لهاما.
ملاحظة:عنوان “أثر الفراشة” استعمل كثيرا واستهلك بشكل كبير، حبّذا لو أنّ الكاتبة اختارت لقصّتها عنوانا آخر.
وكتبت هدى عثمان أبو غوش:
العنوان”أثر الفراشة”عنوان غامض لسّن الطفل ويحتاج إلى شرح طويل، كما أنه فلسفي، فهو مصطلح مجازي يراد به وصف سلوك ديناميكية الحياة، حبذا لو امتنعت الكاتبة عن هذا المصطلح في القصة لأنه يثقل على مفاهيم وقدرات الطفل الذهنية.
بدأت الكاتبة المبدعة مريم حمد في بداية القصة بوصف المكان والزمان للحدث، وبيّنت الزمان حين خيّم اللون الأسود على المكان تمهيدا لبداية تكوين المخلوقات وهو اللّيل” في آخر الغابة في مكان معتم وهادئ”،وثمّ تابعت بعد عدة أسطر “وفي قاع البركة المظلمة”، فالمكان هو الغابة والبركة.
تعتبر هذه القصة تعليمية وتثقيفيه ومن الملاحظ في قصص حمد هو اهتمامها بإثراء الطفل بالمعلومات، واتّخاذها الأسلوب السّردي ووصف المكان كما في قصتها”الأرجوحة”.
وفي هذه القصة التي أمامنا جاء الأسلوب السّردي الذي يعتمد على وصف المكان دون الحوار، وفيه الخيال الجميل، كما حمل السرد الطابع الهادئ والشفاف الجميل، شعرت وأنا أقرأ القصة كأنني أقرأ قصيدة، خاصة عندما ذكرت أُسلوب النفي والسّجع والاستعارة. وقد انتقلت الكاتبة بالقارئ ما بين الغابة والبحيرة، بين ما قبل الولادة وبعدها، لنشهد ميلاد الفراشة والسمكة.
استعانت الكاتبة في شرحها لفكرة ولادة المخلوقات بالفراشة والسمكة، وحبذا لو اكتفت الكاتبة بالفراشة لكي لا تشوش ذهن الطفل أو تثقل عليه.
أرادت الكاتبة أن ترسخ في ذهن الطفل المعرفة حول كيفية ولادة المخلوقات، النقطة الساكنة هي البداية ثم فيما بعد تنمو وتكبر وتتطور، وقد لخصت الكاتبة ذلك في نهاية القصة.
يتعرف الطفل من خلال القصة على أيام الأسبوع، وقد استخدمت الكاتبة بعض الأفعال بصيغة اسم الفاعل(ساكنة، هادئة،مُعتم،مظلمة) والطباق(أشرقت-غابت).
وقد سيطرت مفردات الهدوء على السّرد عدّة مرّات من أجل أن تبرز كيفية بداية ولادة المخلوقات، بأنّ المخلوقات كانت ساكنة غير متحركة قبل أن تنمو، كما واستخدمت تكرار الجمل عدة مرات بهدف التركيز على أن بداية الولادة والتكوين مشابهة لنفس المخلوقات.
وكتبت نزهة أبو غوش:
في قصّتها هذه، سبرت الكاتبة مريم حمد أغوار عقول وقلوب الأطفال الصّغار؛ حيث استطاعت أن تخلق جوّا في الطّبيعة يلائم خلق الكائنات الحيّة منذ الأزل.
السّكون والهدوء والظّلام؛ ثمّ فجأة يخرج كائنا متحرّكا يمشي ويأكل ويسبح و… هذه العناصر كلّها تولّد عند الطّفل حبّ المعرفة، وحبّ الاستكشاف، وتخلق بداخله التّساؤلات: أين؟ وكيف؟ وماذا بعد السّكون والهدوء والعتمة؟
عنصر المفاجأة يخلق لدى الطّفل عنصر التّشويق والرّغبة لمعرفة ما يوجد بهذا الشيء المغلق.
لقد استغّل المنتجون لحلويّات الأطفال هذه الفكرة، وصنعوا للأطفال بيضة من الشّوكولا بداخلها لعبة صغيرة؛ لقد تهافت الأطفال على شراء هذه البيضة؛ من أجل اكتشاف ما بداخلها.
طبّقت الكاتبة هذه الفكرة على الفراشة، وكيف فقّست البيضة، وخرجت اليرسوعة، ثمّ الشرنقة؛ ثمّ الزّحف، وأخيرا طيران الفراشة، وقد طبّقت نفس الفكرة على تفقيس بيضة السّمكة.
تعتبر هذه القصّة ضمن القصص العلميّة التّعليميّة الهادفة، وهذا النّوع من القصص يحتاجه الأطفال؛ من أجل أن تشبع معلوماتهم وتثريهم علميّا.
الأسلوب اللغوي الّذي استخدمته الكاتبة سهل جميل ومشوّق، واللغة سلسلة مريحة للأطفال: صوت التّفقيس” تشيك تشوك” وتلاحق الأحداث: حلّقت الفراشة، اهتزّت الشّجرة، سقطت الأوراق، الطائر الطّنّان أيقظ النّخلة؛ “سطح الماء” ” مالت البيضة يمينا وشمالا، ثمّ يسارا، وفجأة…..”ص12
هذا الاهتزاز والميلان، صنعا تلك الحركة الجميلة بعد سكون طويل؛ إِذ بإمكانه أن يبهر الطّفل ويخلق لديه الدهشة.
كان التّعبير عن مرور الوقت مناسبا جدّا” أشرقت الشّمس وغابت وجاء بعدها القمر ونام. مضت أيام الأسبوع، السّبت والأحد، و….” ص7
استخدمت الكاتبة كلمة” نقطة” ” وفي قاع البركة المظلمة، كانت بيضة، وبداخلها نقطة ساكنة، لا تسبح، ولا تعوم، لا تفعل شيئا سوى النّوم والاسترسال في الأحلام” ص6.
أغفلت الكاتبة هنا أن تذكر بأنّ هذه النّقطة تنمو وتكبر وتتطوّر داخل البيضة، بل جعلتها تظلّ نائمة تسرح بالأحلام.
العنوان” أثر الفراشة” عنوان مثير وجميل؛ لكنّي لا أعتقد بأنّ الطّفل سيفهم مغزاه؛ لأنّه معنى مجازيّ وليس ملموسا؛ والطّفل في هذه المرحلة بحاجة إِلى الأشياء الملموسة.
كنت أُفضّل أن تستخدم الكاتبة كلمة بذرة، بدل كلمة نقطة؛ لأنّه من النّاحية العلميّة تبدأ كل الكائنات والمخلوقات ببذرة، وهذا ليس صعبا على الأطفال فهمه.
الرّسومات الّتي رافقت القصّة للفنّان، رعد عبد الواحد؛ مناسبة وأحداث القصّة، وألوانها زاهية ومتناغمة.
وقالت رفيقة عثمان:
تهدف قصّة “أثر الفراشة” الى تعليم وتوعية الأطفال، حول التكاثر بالتفقيس، للفراشات، والأسماك؛ والتطرّق إلى بعض مراحل تطوّرها، أي (الحيوانات البيوضة).
تناولت الكاتبة مريم في قصّتها، بعدين مختلفين؛ لنوعين من التكاثر، الأوّل تكاثر الفراشات، والبعد الثّاني هو تكاثر الأسماك. برأيي الشّخصي، من المفضّل تناول بُعد واحد، وليس تناول بعدين مختلفين في آنٍ واحد، حبّذا لو تمّ التوسّع في السّرد حول تكاثر الفراشة وحدها بطريقة، وأن تجمع الكاتبة ما بين الحقيقة والخيال؛ واستخدام نفس السرد الجميل اللّذي استخدمته الكاتبة.
من الممكن تقسيم هذه القصّة لقصّتين، الأولى تسرد حول تكاثر الفراشات، ومن الممكن الجمع بين الحشرات، ومن ضمنها الفراشات.
والقصّة الثّانية تسرد حول تكاثر الأسماك لوحدها؛ لأن لكل نوع من الحيوانات لديه خوّاص تختلف عن غيره؛ مع العلم بأنّ تكاثر الأسماك يحدث بطريقتين، “الأولى يمكن أن تلدهم أحياء من خلال ( تلقيح داخلي)، وتمتاز هذه الفئة بأنّها تولد وهي قادرة على السّباحة بسهولة والبحث عن طعامها؛ والثّانية: أن تضع بيوضًا يفقّس منها الصّغار فيما بعد (التلقيح الخارجي) بالتفقيس. بالإضافة لوجود أسماك تحمل بيضها في فمها (الأسماك الفمويّة) تحتفظ بالبيض داخل أفواهها حتّى يفقس” موسوعة عالم الأسماك – هذا الموضوع بحاجة للإنفراد به لوحده؛ تجنّبًا لالتباس المعلومات في ذهن الأطفال؛ خاصّة في جيل الطّفولة المُبكّرة.
استخدمت الكاتبة مريم لغة سهلة وسلسة، احتوت على بعض المفردات العلميّة الجديدة في قاموس الأطفال اللّغوي.
ورد تسلسل منطقي للأحداث، بين سبب ونتيجة في سرد القصّة: صفحة 9 ” بعد أيام خرجت من الشّرنقة فراشة، رفرفت بجناحيها؛ فهزّت ورقة الشّجر، ورقة الشّجر أيقظت النّخلة، والنخلة أيقظت الطّائر الطّنّان، فطار فطار إلى أن وصل البحيرة”. هذا النّوع من التسلسل بالأحداث محبّب لدى الأطفال، ويجدون فيه المتعة بالتفكير.
ذكرت الكاتبة مريم صفحة 8 “يبدو أنّ نقطة كانت يرسوعة”، هنا ورد خطأ في كتابة اليرسوعة، فالكلمة الصحيحة هي اليسروعة: وهي “يرقة تمثّل المرحلة الثّانية من مراحل الفراشة (ويكبيديا) “.
سردت الكاتبة بأنّ التكاثر بالتفقيس يحدث فقط في الظّلام، والسكون، وبالغابات البعيدة. هذه المعلومة، أدخلت نوعًا من التهيئة المريحة للتشويق في القصّة، بينما لا تفي بصحّتها وتقديم الحقيقة العلميّة في شرح تطوّر مراحل التكاثر لدى (الحيوانات البيوضة)، مثل: (بيضة – يسروعة أو يرقة – شرنقة – فراشة).
في نهاية القصّة، ذكرت الكاتبة: “كل المخلوقات في الكون تكون في الأصل نقطة ساكنة وهادئة، وبعد الهمس والسّكون تنمو وتكبر؛ وبعضها يسبح، والبعض يزحف، وآخر يطير، وآخر يمشي.. بعد أن كان كل شيء نقطة تنام في الظّلام، وتسترسل بالأحلام.”. هنا يبدو أنّ الكاتبة مريم لخّصت القصّة، بطريقة مجرّدة وضبابيّة، فيها نوع من التعميم لكافّة المخلوقات؛ وينقصها توضيح علمي مستندًا على المعلومات العلميّة الصحيحية والدّقيقة، حول عملية التكاثر بالطريقة العلميّة، وليست نقطة فحسب.
لو انتبهنا إلى عنوان القصّة ” أثر الفراشة” فيه تناص جزئي من قصيدة محمود درويش، “اقتفاء أثر الفراشة”: “اثر الفراشة لا يُرى .. اثر الفراشة لا يزول.. ” برأيي: إنّ “أثر الفراشة” في قصيدة درويش له معنى يحمل دلالات رمزيّة، اختارها الشّاعر درويش قصيدة لعنوان كتابه؛ وتفسيرها يخضع لمفاهيم متعدّدة.
من الصّعب على الأطفال فهم العنوان المُجرّد، وبنفس الوقت لا علاقة للعنوان بمضمون القصّة التي نحن بصدد تحليلها.
حدّدت الكاتبة حمد مستوى القصّة بملاءمته لجيل 3- 8 عامًا.
خلاصة القول: إنّ الكاتبة مريم حمد تناولت موضوعًا هامًّا للسرد، وطريقة السرد واللّغة المستعملة، يضيفان لجودة القصّة؛ بينما هنالك ضرورة لتناول نوع واحد من الحيوانات البيوضة؛ تجنّبًا للالتباس.
وكتبت رائدة أبو الصوي:
أثر الفراشة لا يرى، أثر الفراشة لا يزول، هذا الوصف يأتي كوصف مجازي لحالة ما، وليس لتفسير حالة.
عنوان القصة عبارة عن نظرية فلسفية فيزيائية تحاول تفسير العديد من الأحداث الكونية بطريقة منطقية.
العنوان أكبر من مستوى تفكير الأطفال، لكن المحتوى هادف، والسرد فيه تشويق.
الكاتبة موفقة باختيار الفراشة، فالأطفال والكبار يحبّون الفراش.
اللغة في القصة جميلة وراقية، وفيها تعليم للطفل، ومزجت الكاتبة فيها الخيال بالواقع.
الرسومات موفقة وتتناغم مع المضمون.
المونتاج والإخراج جيّدان وجاذبان للأطفال.
وكتبت فاطمة كيوان:
تحرص الكاتبة في هذه القصة على منح الأطفال فرصة للتعرف على عملية الخلق والتكاثر للرد على تساؤلاتهم بالموضوع . شأنها شأن العديد من الكتاب وخاصة الأجانب الذين يولون اهتماما لموضوع التكاثر بشكل عام لدى الإنسان والحيوان والنبات. وجاء تلخيص ذلك في الصفحة الأخيرة: ” كلّ المخلوقات في الكون تكون في الأصل نقطة ساكنة، وهادئة، وبعد الصّمت والسّكون تنمو وتكبر، بعضها يسبح والبعض يزحف، وآخر يطير، وآخر يمشي….”ص25. اختارت الكاتبة “البيضة” كما العديد من الكتاب تحديدا الأجانب لأنها شئ ملموس وقريب من عالم الأطفال، واستبدلت البذرة ب “النقطة ” الساكنة، ولكنها عندما تتحرك تهز الأشياء وتحدث تغييرات جوهرية وهاذا اختيار موفق من عالم الطفل، كذالك اختيار الأماكن، فالأول سطح الغابة في مكان مظلم، والثاني: قاع البحر . أي أن عملية التزاوج والانبات والخلق بشكل عام تحتاج الظلام والعتمة، أي الهدوء السكينة والسرية . كما أوضحت ذلك في صفحة 6. وهاذا توصيف جميل. *استخدام اليسروعه والفراشة جميل، ومن عالم الطفل ذلك أن المناهج تحتم تدريس موضوع الفصول للصغار ويخصص للتكاثر حيز كبير بالتعلم، جميل جدا أيضا توظيف النقطة لشرح أن الأشياء الصغيرة لها قيمتها، وهي أساس التغيير، فعملية الاهتزاز أدّت لانشقاق ” البيضة ” لخروج شيء جديد، وبذالك تكون قد أوضحت الفكرة المستهدفة، أي عملية التكوين والخلق بشكل جميل ورائع ومهذب ومبسط للوالدين دون المساس بالمشاعر، *الرسومات رائعة وهادفه وكأنها لوحات فنية متكاملة أضفت جمالا وحيوية للنص. *أمّا عنوان القصة أثر الفراشة فرغم أنه صعب على عالم الطفل إلا أن الكاتبة أحسنت اختيارة. فهو ملائم لمضمون القصة ؛ لشرح ارتباط الأشياء بعضها ببعض، تأثير الفراشة عبارة عن فكرة مفادها أن الأشياء الصغيرة يمكن أن تكون ذات تأثيرات متفاوتة على الأشياء، وهذا التوظيف جاء مناسبا لشرح الترابط بين النقطة والبيضة .
وقالت سامية ياسين شاهين:
عنوان القصة هو بوابتها، فله دلالة على الوجود والتكاثر والكينونة، عنصر المكان فيه الظلمة دلالة السكون وعدم الوضوح، داخل البيضة ليعطي للقارئ حافز لاكتشاف ما وراء الظلمة في المكان المغلق “البيضة”.
اللغة سلسلة واضحة، هناك مأخذ لغوي قيل عن الصوت “صغير”، بينما الصوت يقاس من حي شدته بخافت أو قوي.
الشخصيات: تعددت الشخصيات من حيث نموها وحركتها.
لم يقتصر على الفراشة” لا أعلم لماذا اختارت الكاتبة “أثر الفراشة كعنوان للقصة، وكان بلإمكانها اختيار عنوان أفضل.
خاتمة القصة كانت واضحة، جاءت العبرة فيها بوضوح دون أن تترك للمتلقي حافزا ليستنتج ليفكر وليستنتج وحده، وهذا أسلوب يحد من خيال الطفل، ولا يعطيه
مساحة للتفكير الابداعي والاستنتاج.
وقالت خولة الإمام:
حين تقرأ القصة تشعر وكأنك تنصت لموسيقى هادئة.الأثر رويدا رويدا؛ يمتد ليضفي بصمته الإيجابية على ما حوله، كلمات منمقة ومتسلسلة. توظيف العلوم بشكل سلس وربطه بالمفهوم التربوي والسلوكي لدى الطفل. تطور الأحداث بطريقة علمية منطقية ترسخ الفكرة في ذهن الطفل، تبث الروح الإيجابية لدى الطفل بأن يكون صاحب أثر في المجتمع ولو كان بسيطا، حيث أن هذا الأثر يترتب عليه ما سيكون في المستقبل.
الحلم : انتقال من مرحلة الكمون رويدا رويدا والسعي لتحقيق الحلم على أرض الواقع
طبّقت الكاتبة هذه الفكرة على الفراشة، وكيف فقّست البيضة، وخرجت اليرسوعة، ثمّ الشرنقة؛ ثمّ الزّحف، وأخيرا طيران الفراشة، وقد طبّقت نفس الفكرة على تفقيس بيضة السّمكة.
تعتبر هذه القصّة ضمن القصص العلميّة التّعليميّة الهادفة، وهذا النّوع من القصص يحتاجه الأطفال؛ من أجل أن تشبع معلوماتهم وتثريهم علميّا.
الأسلوب اللغوي الّذي استخدمته الكاتبة سهل جميل ومشوّق، واللغة سلسلة مريحة للأطفال: صوت التّفقيس” تشيك تشوك” وتلاحق الأحداث: حلّقت الفراشة، اهتزّت الشّجرة، سقطت الأوراق، الطائر الطّنّان أيقظ النّخلة؛ “سطح الماء” ” مالت البيضة يمينا وشمالا، ثمّ يسارا، وفجأة…..”ص12
هذا الاهتزاز والميلان، صنعا تلك الحركة الجميلة بعد سكون طويل؛ إِذ بإمكانه أن يبهر الطّفل ويخلق لديه الدهشة.
كان التّعبير عن مرور الوقت مناسبا جدّا” أشرقت الشّمس وغابت وجاء بعدها القمر ونام. مضت أيام الأسبوع، السّبت والأحد، و….” ص7