قليلٌ مِنَ ….
سميح محسن | فلسطين
على صوتِ ذئبٍ أطالَ العواءَ
وضلّ الطريقَ إلى صخرةٍ عَلِقَت بينَ ظلّينِ
تصحو المدينةُ
تفتحُ أبوابَها بارتياب…
كعاداتِها،
في الصباحاتِ تَنفُثُ أنفاسَها
في دخانِ النراجيلِ
تبسطُ أذرعَها
فوقَ أجنحةِ الضوءِ، تكنسُ عنها
غبارَ مساءٍ تعثّرَ قبل الوصولِ إلى نجمةٍ
غرقت في الغموضِ،
وتصحو كجوقةِ عَزفٍ تغنّتْ
بأهزوجةٍ هبطت من ثنايا القباب…
لها في التقلّب أمزجةُ الرّيح،
على كتفيّها تَطايَر شالُ الحريرِ
وفاضتْ على ضفتيّها الحكاياتُ
وشمٌ توسّدَ فوقَ ذراعيّ امرأةٍ
خَلَعَت في المساءِ ثيابَ القبيلة،
غَفَتْ تحتَ غصنِ الحكاياتِ
يؤنِسُها صوتُ نايٍّ أتى من بعيد
وقطٌ يموءُ
استفاقت على روحِها
تغزلُ الصّوفَ من دمِها
خيمةً تحرسُ الضوءَ في ظلّها
من عواءِ الذئاب…
على قدمينِ من الطّينِ تمشي المدينةُ
تبحثُ عن حفنةِ الماءِ تحتَ الغبار،
وتبني قلاعاً من الوهمِ
تحرسها من عيونِ الغزاةِ
وتسقي بساتينَها من سحابةِ صيّفٍ
تخيطُ عباءَتَها من نسيجِ الهواءِ
وتسندُ قامتَها بالظلالِ
وتنتظرُ الضوءَ من نفقٍ غارقٍ في الظلام،
يضيءُ أصابعَها كي تزيلَ الظلالَ عن الظلّ،
تُعلِّقُ في ذيلِ طيّر تمائمَها
ثمَّ ترقبُ أن يُزهرَ اللوزُ
في حضنِ أرضٍ يباب…
قليلٌ من الضوءِ يشطُفُ عينَ المدينة،
قليلٌ من الودِّ يرتقُ عاداتِها في النميمة،
قليلٌ من الوردِّ يمسحُ كشّْراتِها عن وجوهٍ
تلاقَتْ مصادفةً في الطريق،
قليلٌ من الصّمتِ يغسلُ فوضى شوارعِها
كلّما اتسعتْ في الصباحِ
مساءً تضيق،
قليلٌ من الماءِ يغسلُ قلبَ المدينة،
يُخَضّرُهُ من صفّارِ التصحّر
لكنّها تهوى الضباب…