الفنان شهاب القواسمي .. تعبير حي عن روح القدس الخالدة
محمد زحايكة | القدس العربية المحتلة
كانت بداية تعرف الصاحب على الفنان شهاب القواسمي أبو ماهر من خلال مجلة مشوار الاعلانية الاجتماعية وكان الصاحب يزوره في مكتبه بعمارة أبو غزالة في واد الجوز خصوصا في الفترة التي ساهم فيها الصاحب بالكتابة والنشر في مجلة مرايا الأسبوعية التي رأس تحريرها الزميل محمد صبيح في ذلك الوقت في مكتب مجاور لمجلة مشوار وبعد أن صدرت مرايا للمرة الثانية لحساب تنظيم فلسطيني أظنه الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين على حد ادعاء سلطات الخواجا شلومو لذلك جرى إيقاف وإغلاق الجريدة السعيدة بعد وقت قصير من إعادة إصدارها بثوبها الجديد .. “وأجت الحزينة تفرح ما لقتلهاش مطرح ” .
المهم.. أن الصاحب ” تباعد اجتماعيا ” عن القواسمي بعد إغلاق مرايا ولكنه بقي يتابعه من خلال هذه المجلة خفيفة الدم والتي كانت تنشر بعض المعالجات والمقالات الخفيفة لبعض الكتاب المحليين، فكان أن اقترح على الصاحب كونه فاضي أشغال ومهندس شوارع، أن يساهم بنشر بعض المواضيع والمقالات في مشوار وهو ما حصل تباعا لفترة من الزمن، ولكن بما أن اسلوب الصاحب في الكتابة يبدو احيانا مستفزا أو لا يروق للبعض طلب منه أبو ماهر أن ” يكف مغيبة ” بعد احتجاج شديد اللهجة من حضرة الباشا حجازي الرشق أبو أسامة شاهبندر التجا، الذي اعتبر أن الصاحب يغزل ناعم مع الباشمهندس سامر نسيبة الذي كان يعيش في “بيكاديللي ” في بريطانيا العظمى وجاء الى القدس ويريد أن يطل و”يتعنطز ويتفنطز” على حساب القدس وأهلها وتجارها من برجه العاجي حسب ادعاءات الرشق المرزوق بالله.
وإلى تلك الفترة من الزمن لم يكن الصاحب على وعي تام بالجانب الفني الابداعي للفنان شهاب القواسمي إذ كان الصاحب يحسبه مجرد “رسام بكعكة ” وأنه ليس أكتر من مصمم إعلانات أو ممنتج مجلة صحفية إعلانية وكفى الله المؤمنين القتال.. ولكن تبين للصاحب بعد لأيٍّ أن شهاب قواسمي فنان تشكيلي ألمعي وأنه محترف ومبدع في تصوير معالم القدس بريشته الفنية حيث يجسد هذه المعالم بحذق وحرفية عالية وبأدق التفاصيل وظهر ذلك في ألبومه الشهير الصادر قبل عدة سنوات وفيه تتجلى وتتبدى مهارة هذا الفنان في إعادة تشخيص معالم مدينته العريقة والتي عاش بين أزقتها وحواريها منذ نعومة أظفاره واكتوى بنيران أوجاعها خاصة بعد سقوطها في أيدي الاحتلال الإسرائيلي عندما هوت مدينة القدس واستوطنت الحرب في ضمير العالم طرا ..
الفنان الانطباعي شهاب القواسمي إذا جاز التعبير، فنان متألق خجول ومنطوي على نفسه لا يتباهى ولا يتشاوف بإنجازاته ومسيرته الفنية الصامتة وهو إنسان حيي دمث ليس ماديا على الاطلاق ويبذل قصارى جهده للمساعدة دون مقابل.. إنسان على خلق ومهاود، عمل مع الكثير من المؤسسات ورجال المال والأعمال وأصحاب المصالح التجارية. وهو من المؤمنين بنظرية “قدم السبت حتى تلاقي الأحد” . وأذكر أنه قبل سنوات قد احتفى بعدد من الاصدقاء من رجال الاعمال والمعلنين واصدقاء مجلة مشوار في مطعم شاليزار في الشيخ جراح اذا لم تخني الذاكرة.. وكانت امسية راقية تخللها عشاء فاخر وسحب على جوائز حيث كانت الجائزة الكبرى عبارة عن تلفزيون من ماركة سامسونج من نصيب شركة اكرم سبيتاني وأولاده الوكيلة المعتمدة ل شركة ال جي العالمية والمنافسة لماركة سامسومج، ويومها ضحكنا من هذه المصادفة المفاجئة وقرر أكرم مازن سبيتاني النائب الأول لمدير عام شركة سبيتاني االذي كان مشاركا في الحفل، منح جهاز التلفزيون للصديق والزميل مصطفى أبو سبيتان الذي اعتبرها دعما مباشرا من الصاحب اللاهب .. وأخذ يردد ذلك على الملأ؟ .
ولا ينسى الصاحب عزومة المنسف الساحوري اللذيذ برفقة القواسمي في عرين شركة مجموعة حمودة لصناعة الألبان والأجبان على ظاهر بلدة السواحرة الشرقية ذات صيف حار.
ويبقى الفنان شهاب قواسمي رمزا من الرموز الفنية في مدينة القدس يعمل بصمت ويطور نفسه باستمرار ليواكب المشهد الفني ليس على مستوى فلسطين بل في العالم العربي والعالم اجمع، باحثا باستمرار عن الأفضل والأجمل والأرقى، ونذر نفسه بالكامل لنقل معالم ورموز القدس العربية الإسلامية المسيحية بإبداع فني مدهش إلى العالم قاطبة، فهو يرى في الفن أجمل السفراء إلى الدنيا كلها.. فالفن لغة عالمية عابرة لكل الحدود والحواجز.
الفنان شهاب القواسمي.. حالة مقدسية لافتة صنعت نفسها من الصفر وصعدت رويدا رويدا لتحتل مكانتها الفنية اللامعة والمقدرة بين جمهرة الفنانين الفلسطينيين… كل الحب والتقدير لهذا الرمز الفني والإنساني الجميل