إشكالية وتمازج ملامح العشق نموذجًا رواية ” لو لم أعشقها ” للكاتب السيد حافظ

د. نجاة صادق الجشعمى | ناقدة عراقية تقيم في القاهرة

ربما يكون العنوان يطرح لنا قضية عشق أو مجموعة من القضايا تحت مسمى “العشق” بتناقضاته ومسمياته ويتطلب من الباحثين والنقاد والدارسين في هذا المجال بذل مجهود بفاعلية الصبر والدقة على وجه الخاص وليس العام في العنوان ” لو لم أعشقها” لو تثير كثيرًا من الاحتمالات هنا العنوان دلالة من دلالات الغوص في أغوار النص الروائي لأنه يستنطق العنوان بل مفتاح أساسي للفن شفرات النص ليتسنى للقارئ الأكاديمي أولًا والمتلقي استعماله في التعرف علي أسرار وخفايا وطلاسم الرواية وتبسيط عناصرها فالكاتب في رواية ” لو لم أعشقها ” حين كتب العنوان وهو العتبة الأولى للنص الروائي يراوغ ويخادع القارئ المتلقي ويتمشى بالسرد لكن هنا يقفز السؤال منهي المرأة التي لم يعشقها ؟ وإن عشقها ماالذي سيحدث له؟ وهل لو احتمال آخر لأنها أداة شرط ..هل الاحتمال الآخر الرمزية الصورية للمرأة ؟ تأخذنا الرواية إلى أبعاد وأغوار أعمق من العشق كما سيتضح لنا من خلال السرد للرواية والتحليل بملامح العشق وإيزاحات المبدع وإبداع المخاتلة والمراوغة لمعالجة قضايا المجتمع المشحون بالقلق والخوف والظلمة والنور والحلال والحرام وعلاقات تضادية تتطارد مع بعضها عكسياً عبر الزمان والمكان في عالم محدود ومشدود ومأزوم في ضبابية الأديان والجنسيات مابين العقاب والثواب والجنة والجحيم فالرواية”لو لم أعشقها” في مخاض عسيرولد من رحم أخمص الليل الكالح نص دغدغ بنسيج خيوطه الشمس فتخضبت الرواية بالعشق وصنعت أنساق وبدائل وبلاغة مفعمة بالرمزية والاستعارة والمفارقة متداخلة في الوقت ذاته مع التنوع في صياغة الخطاب السردي ثم يتماشى معنا الكاتب متعاقب الخطى وينتقل بنا إلى الإهداء ويباغتنا مابين العام والخاص الإهداء الأول للزناة والأهداء الآخر إلى من صُلب على الورق وتعذب من قبل خصان الأدب الموهوب المهمش إلى الكاتب محمد حافظ رجب شقيق الكاتب ثم يتوضأ الكاتب ليشرع في سرده للخطيئة مابين الورق والقلم والهمزة والياء أنفق عمره هباء…تظهر العلامة الأولى كصور فنية واستنارات لغوية استخدمها الكاتب توظيف تناسقي وتناص مع آيات القرآن والتكرار لجمالية السرد فمنذ العلامة الأولى (وأكثرهم الفاسقون) ثم تتوإلى العلامات (وأكثرهم لا يعقلون) (وأكثرهم الكافرون)إلى أن تصل إلى النهاية العلامة الثلاثون (أكثرهم محرضون) وينتهي الكاتب بالجزء السابع من السباعية بسورة الناس (قل أعوذ برب الناس ، ملك الناس ، إله الناس، من شر الوسواسالخناس ، الذي يوسوس في صدور الناس، من الجنة والناس) صدق الله العظيم.

ماهي كنوز الجنة التي مُنحت إلى فتحي رضوان ؟

أربع كنوز من الجنة منحها له الشيخ في المنام هي (كتمان المصيبة ، كتمان المرض ، كتمان الفاقة ، كتمان الصدقة) نتساءل ماذا فعل فتحي وما الذي كتمه غير البكاء والرجوع للخطيئة. وبكى فتحي جاءت تهاني بالمنديل وقالت له : سلامة عقلك لايوجد أحد أنت تحلم . أعطاه المنديل أمسكته بيدها.وقالت: الله رائحته جميلة . اشتريته من أين ؟ والعطر الذي به ماأسمه؟ ماهذه التناقضات يافتحيرضوان تعاني من الخطيئة ووجع الروح فيخيل لك النور وأنت الظلام يغشيك ..يعترف ويؤكد حبه إلى تهاني وهو الحب الوحيد الصادق والحياة المستمرة والوطن حب الأسرة والوجود (حب تهاني) و (لكن) الاستدراكيفشي حقيقة فتحي أنهمصاب بالهوس الجنسي حيث يقول:

أنا أحبك ياتهاني ولكن قلبي يفيض حبًا يكفي نساء كثر ..ويستدرك ثانية بـ (لكن) ويقول :

لكني للحين لم أفهم سر الخيانة في العشق…تهاني حب والنساء الكثر عشق ويؤكد فتحي رضوان أن عشقك فوق الطبيعه بلا منازع ياترى عشق من يكون هذا بلا منازع ؟ هل عشق امرأه ما أم عشق مصر الذي تجانس وتخالط مع جينات فتحي رضوان فعشقها حد النخاع؟

ترى ماذا تقصد تهاني بكلمة الله يقويك هل هو إيحاء على أنها تعرف أني أقمت علاقة مع حياةوتدعي البلاهة .. أم أنها تسخر مني واللبيب بالإشارة يفهم..

الكاتب يقرأ ما كتب على الورق في مخيلته الأدبية فنًا رائعًا كأنه وصف حياته وصفها على الورق وقدمها للقارئ كحضور وشخصيات تفاعل وتعايش معهمفالكاتب هنا يلعب على المشاعر والأحاسيس ويشبك طاقته الكتابية مع الشخصية فيكون شخص واحد وفرد من العائلة في الرواية فهو الذي يجذب القارئ والناقد باستخدامه الأدوات والوسائل والأحداث وتصاعدها باستمتاع ..ثم يردد الآية (وما إبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء)..كيف يكون التقرب إلى الله في لحظة المعصية والإنغماس في الخطيئة كيف استطاع فتحي أن يقيم الصلاة وهو عازمعلى الإنخراط للشهوات والجنس ..فيقول:

كنت أصلي ورأسي يدور في موعدي مع حياة ..ويسأل نفسه الأمارة بالسوء ويقول :

ترى لماذا أصلي؟ لأني أخاف الله..لأني أؤمن بيوم القيامة لا يمكن أن يُخلق الكون عبثًا..ترى هل ستحتسب هذه الصلاة لي..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى