أقسمت أن أروي.. منشور لا يموت، لشعب لا يموت، بجرائم لا تموت
د. خضر محجز | فلسطين
مشهد من السبعينات
كانوا قد جاؤوا بها من مكان ما، وهي تصرخ في وجه أحدهم وتبصق عليه، فيما هو يتفلت من بين زملائه فيطعنها بالسونكي ـ المثبت في مقدمة الكلاشنكوف ـ في بطنها الذي بدا منتفخاً، قبل أن يصلوا بها إلى مكان تنفيذ الإعدام، بركة أبو راشد.
هرب الناس وراء أبوابهم المغلقة. وبعد أن سمعوا صوت الرصاص، انتظروا هنيهة إلى أن تأكدوا من ابتعاد الفدائيين، ثم خرجوا.
لقد امتلأوا الآن حماساً لـ”الثورة” ورغبة في أن يثبتوا ولاءهم لها. وها قد حانت الفرصة.
إن الفتاة التي طخها فدائيو الثورة منكفئة على وجهها، وحين قلبوها لينظروا إلى وجهها، بدا وجهها بريئاً أكثر مما يحتمل “محبو الثورة”.
لقد بدا لهم أن استمرار ظهور البراءة على الوجه سوف يغضب الفدائيين ـ الذين رحلوا الآن، وما من أحد إلا ويعلم أنهم يعلمون ما يدور وراء ظهورهم ـ فقاموا بنبش وجهها بعود من عيدان بقايا سياج البركة الملعونة، بركة أبو راشد.
انبثق الدم من وجنتي الفتاة المطخوخة، فبدت عيناها أكثر حزناً، وأعمق براءة، فطعنوها بالعيدان في عينيها، فبدت صورتها مثل صورة الصليب وقد أغمض عينيه على العمود يبكي.
قلبوها مرة أخرى ـ فهم لا يحتملون رؤية وجهٍ بعينين كعيني الصليب ـ حتى انكفأ وجهها على الطين.
تقدم الآن صبي من “محبي الثورة” فنزع عن الفتاة التي تشبه صورة الصليب سروالها الذي كان قد بدا الآن مكشوفاً، من تحت ثوبها المنحسر؛ ثم قلبها مرة أخرى على ظهرها، ونزع سروالها، ووسع بين ساقيها، وأخذ يطعن بالعود في مكان عفتها..
وكان جمهور شعب الجبارين يهلل بصوت مرتفع.
لم يكن أحد يستطيع أن يعرف، إن كان هذا التهليل هو تهليل الفرح لموت “الجاسوسة”، أم هو تهليل الخوف لما يمكن أن يحدث لمن لا يظهر ولاءه للثورة!