خصوبة

سجى مشعل | فلسطين

ليس لدينا نحن الإناث قلبان في جوفنا لكنّا نستطيع استيعاب الكون بِكُلّيّته، ومتى ما كانت الأيّام صعبة كنّا نحمل على عواتِقِنا كلّ الأوجاع، والتّراكمات، ولحظات التّناسي، والتّجارب الصّعبة والعميقة، نحمل كلّ عواطفنا وأفكارنا وأحلامنا وشجوبنا وضعفنا السّابق وقوّتنا الّتي نرجوها، وفوقها نستوعب الآخرين ونَحِنُّ عليهم، مليئات بالعاطفة حتّى في أحلك اللّحظات.

دائمًا أتساءل كيف كانت سَتبدو الأيّام دون تلك التّجارب الّتي مرّت بها الإناث، أيّام مُثخنة بالجراح والصّعاب، أيّام مُدجّجة بالصّرخات والألم والقهر، لا أعرف كيف ستكون أيّامهنّ دون ولادات يوميّة عسيرة، ولادات الذّات الّتي تجعلهنّ يتساءلن “كم مرّة تلِدُ النّساء على مدار حياتهنّ؟”

كلّ امرأة تلد نفسها بعد إذ كُوّنت صورتها الأخيرة بوجهها ولوائحه الّتي دائمًا تشحذ القوّة وتستدعيها في كلّ موقف، كلّ امرأة تلد نفسها بعد كلّ تجربة شعوريّة نفسيّة صعبة وقاسية، وتلدها بعدما تجاوزت أيّامًا لا يتجاوزها أحد، تَلدها حينما تشقُّ الأيّام عليها وتسترسل في ولادة العواطف الّتي تحتوي الجميع، ومن ثمّ تَلِد أجنّة لا مُتناهية من النّجاة وتُهديها للعابرين على حوافّ الطّرق وأرصفتها، تَلِدُ صورًا من الإحسان للأهل والأحبّة، تَلِد أرواحًا أخرى لترى النّور في عزّ سطوعه، أرأيتم كم مرّة تلد النّساء في بلادي!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى