بتوقيت المدينة المزدحمة
عبد الحكماني | شاعر عُماني
١-
الساعة الخامسة والنصف
قبل طلوع الشمس
بتوقيت المدينة المزدحمة
بالسكان والحداثة
أجلس على طاولة المقهى
منتظرا العامل
أن يجهّز شاي الصباح
ليساعدني على تحقيق أهدافي.
٢-
يأتي العامل
ومعه كوب الشاي المطلوب
فأتناوله من يده
بكل نشوة وانشراح
وأتجرّعه
وأنا ما بين
عمارة أمامي
وشارع عن يميني
وآخر عن يساري
وخلفي تاريخ المدينة وحاضرها ومستقبلها.
٣-
تمرّ الآسيويّة
أمام عينيّ
بحجمها الصغير المثير للدهشة
بالنسبة لي
وربما لغير الدهشة
بالنسبة لغيري
بينما كلب المدينة
ينبح العابرين حوله
ويتركني وشاني.
٤-
اتفقّد أفكاري القديمة
التي أتيت بها إلى هنا
هل ما زالت معي
أم فقدتها؟!
٥-
هذا الرجل
يمشي الهوينى
و ذاك الرجل
لا يمشي مطلقا
بل على ظهر راحلته
يطلب ما يحتاجه
من المقهى المقابل
وهو بكامل أناقته واستعداده
للذهاب إلى العمل
الذي لا أعلم مدى رضا الاثنين
عن بعضهما بعضا.
٦-
السباق المحموم
-على لا ادري
ما بين هذه السيارت الفاخرة
وتلك السيارات المتواضعة
لست على علم بنتائجه
إلا أنّي
من باب التخمين وليس اليقين-
تدفعه
من خلفه وأمامه
وعن يمينه وشماله
ومن فوقه وتحته
الرأسمالية المتوحّشة
والمتوغّلة في مفاصل مدن العالم
بدون إرادتها.
٧-
تغرّد الطيور التي
-لا اعتقد بأنها (فرحانة بالنور)-
على أسلاك الكهرباء
في هذا الصباح الباكر الماكر
ولا تعلم هذه الطيور المغرّدة
بأنّها مسلوبة القدرة
على الطيران
في فضاءات الله الواسعة.
٨-
على جسر عبور المشاة
هناك أنفاس تتصاعد
وأنفاس أخرى تتباعد
الأولى من وطأة الحياة
والثانية من سوء الأخلاق.
٩-
عجبي من هذه المدينة
لا تترك لزائريها حرية التفكير
خارج حدودها
وإنما تأخذهم إليها
عنوة
وبدون سابق عقل.
١٠-
تشرق الشمس
على المدينة
كما تشرق على الجالس
على طاولة المقهى
فتضيء بإشراقها
وجوه السائرين
إلى خيرهم و شرّهم.