فرسان المسرح العربى

د. نجاة صادق الجشعمى | العراق

هذه مجموعة أراء أساتذة ودكاترة ونقاد المسرح مؤلفين ومخرجين ومدرسين وقد أرتاينا أن نجمعها بين دفتى كتاب لندرسها ونحللها ونتعرف على مشاكل وأزمات الصمت القاتل والإضمحلال الذي يعاني منه المسرح العربي.

كذلك نسعى من خلال هذه الدراسات أن نؤكد أن المسرح هو من الأماكن التي لا يستطيع الجمهور أن يستغنى عنها لأنه يتنفس ويتخيل ويكتشف ويبتكر فبطبيعة الإنسان بما أنه خلق فى كبد يسعى للتحرير والتنفس كضرورة غريزية وظيفية إنسانية.

هذا الإنسان أو المتفرج يأتي للمسرح ليعيش العالم وينطلق مع أفكار العرض المسرحي المعروض قد ينقله إلى زمان غير زمانه أو مكان كان له فيه ذكريات وأحداث فيولد لدى المتفرج القبول أو الرفض لأن ما يهم المتفرج المضمون لا الأحلام وقد يستبدل عالماَ لا يعرفه بعالم وجود مرتبط بمعاير الجمال سواء بالنص أو العرض والإخراج ممزوج بالقيمة الموضوعية وجمالية الذوق في الأختيار ستوجد لديه خبرة يستطيع من خلالها تقدير وتقييم العمل شكلاً ومضموناَ.

فالمسرح إبداع من حيث المقومات والعناصر فكل عمل مسرحي يقوم على ستة عناصر هي (الحبكة، الفكرة، اللغة ، الشخصيات، روح العمل أو إيقاع المسرحية ومدى تجانسها مع اللغة والشخصيات والحبكة، وكل ما يضمه المسرح من ديكور وأصوات وإضاءة وممثلين وغيرها) فمن خلال هذه المقومات مع التخطيط والتنفيذ بدقة للعمل المسرحي يحصل التفاعل من قبل الجمهور على سبيل المثال لا الحصر اختيار الأصوات الجميلة والأشعار إذا كان استعراض الموسيقى الرقصات و المغني أو الذي يقرأ الشعر بفن الألقاء هذا كله يخلق تفاعل ما بين خشبة المسرح والعرض والجمهور فينجح العمل المسرحي لانه لمس منابع أعماق الروح..

فالمسرح هو الضمير النابض والعمل المفكر للذات العربية وهو المفكر الداعم للأزمات .. فالمسرح رسالة بل مرآة المجتمعات والشعوب فغياب هذا الإبداع الحر الواعي مرض يستفحل بصمت وتباطأ في ظل الفساد والتمايز الطبقي وجنس الأحداث التي تجري بالعالم عامة والوطن العربي خاصة فارتبط المسرح منذ بداياته بالحياة والمشاهد المتفرح الذي يرتاد قاعات المسارح لمشاهدة عرض مسرحي يعالج الواقع ناتج عن صراع الإنسان لواقعه الاجتماعي فالمسرح روح تظهر في شكل تجليات متعددة مستوحاة من العقائد والتراث واللغة والأساطير وفي بعض البلدان الطقوس والشعائر الدينية العقائدية لذلك أطلق على المسرح أبو الفنون .. ومما لا شك فيه أن العرض المسرحي قادر أن يعطي القيمة الإبداعية مع لذة ومتعة المتفرج بالوعي الأيديولوجي والثقافي فالإبداع المسرحي ليس عرضاً ونصاً وأنما فكر وروح وجسد ..المسرح فن قبل أن يكون أداة أو بعد ميتافيزيقيا أو سياسي فهو فعل من ابتكار الإنسان ليخلق له جنة مؤقتة على الأرض وهو جهد دائم لجميع المبدعين الذين ينتمون الى المجتمع ويدخلون في بناء وتجارب المسرح.

من هنا ارتبط المسرح بالجمهور اجتماعياً وذلك بطبيعة العلاقات المركبة الموجودة والعروض المسرحية المستلهمة من التاريخ والأحداث والشخصيات …الخ

أما بعض الفرق التي تنتمي إلى عالم المسرح بعضها قادر على التعبير بمكوناتها الثقافية أن تتبنى نبضا وهموماوأحاسيس للمجتمع والشارع والتواصل معهم وبعضها غير قادر وبعيد كل البعد عن المسرح والواقع وهذا ما ينكشف من خلال الجمهور فعندما يطرح السؤال :

هل النص المسرحي في ورطة ؟

نعم في ورطة .. كيف في ورطة والعروض كثيرة والمهرجانات تعرض هنا وهناك في سائر أرجاء الوطن العربي..

يقول الدكتور يونس لوليدي في (المسرح والمدينة) في يوليو 2006 (دراسات ثقافية)

( من المعروف أن المسرح قد نشأ يعالج قضايا الصراع مع القوى الخفية المجهولة المسيطرة على وجوده وقدره وكان المسرح يحاول تفسير الحقائق الكونية المحيطة بعالم الإنسان لذلك راجت التراجيديا بللغة الرفيعة السامية الفخمة ذات العظمة والجلال ومع ظهور الكوميديا وتحول الصراع في المسرح من صراع بين الإنسان والقدر إلي صراع بين الإنسان والإنسان . أصبحت اللغة بسيطة سوقية في أكثر الأحيان بعيدة كل البعد عن فخامة وجلال لغة التراجيديا علماً بأن المجتمع اليوناني أو المجتمعات الغربية لم تملك لغة تخاطب وأخرى للكتابة بخلاف المجتمعات العربية التي تعرف بحدة أزدواجية اللغة)..

يقول: (أوجين يونسكو) كل شئ في المسرح لغة، الكلمات، الحركات والأشياء. وحتى الحدث نفسه لأن كل شئ يصلح للتعبير والدلالة ، الكل ليس إلا لغة.. (علي أحمد باكثير، فن المسرحية من خلال تجاربي ) ، (ص80).

إذن فعلى المبدعين والنقاد والدارسين والباحثين أن لا يتوقفوا عند قضية اللغة والصراع ما بين الفصحى والعامية بل يجب أن يهتموا بالاستدلال والإزدواج في لغة إضافية مستحدثة نظراَ للتقدم والامتزاج الحضاري والاجتماعي من أجل الإرتقاء بالمسرح العربي الخامل لذلك على جميع المختصين بالمسرح سواء كتاب أو نفاد أو باحثين٦وذوي الدراسات العليا تشخيص المشاكل التي أودت بالنص المسرحي إلى ورطة .

فالنص المسرحي في الوطن العربي يعاني من مرض مزمن وهي اللغة (الفصحى، العامية، و(اللهجات) اللهجات المتعددة في البلد وفي سائر البلاد العربية) إذن السؤال هنا .. هل نكتب باللغة الفصحى ونتشبث بها ؟ أم نكتب بالعامية لأنها لغة الواقع الجميلة السلسة ، أم نكتب بلغة ممزوجة ما بين هذه وتلك ؟

نعلم جيداً لكل من ما ذكرنا صفات تميزها عن الأخرى على سبيل المثال لو تناولنا (اللغة العامية) فهي ( لغة معبرة قادرة على نقل الفرح والحزن وإسعاد الجمهور المتفرج .. وهي أيضًا قادرة على مواكبة الحضارة والتطور باستطاعتها استخدام تعابير وكلمات من لغات أجنبية (عمر عباس العيدروسي ، مجلة الكتاب ، 8 ع 1974 ص63 ) مما سبق نستدل علي أن اللغة هي المرآة التي تعكس العقلية والوجدانية للذين يتكلمون بها .. هنا سؤال فضولي يطرح نفسه يا ترى الكاتب أو المؤلف هل يتكلم اللغة الفصحى في منزله مع عائلته بحياته اليومية ؟ هنا الإجابة تحمل احتمالين أما لا إذن كيف له أن يكتب النص أو الحوار المسرحي بالفصحى ويطلب ويصر على شخصياته أن تتكلم الفصحى هنا بلا شك سيقدم للمسرح نصا هزيلا يحمل صورا مزورة للحياة الواقعية من هنا أكد القسم الأكبر من الكتاب أن الكتابة باللغة العامية تجعل القارئ أو المتفرج يتمكن من تكوين فكرة عن المظاهر النفسية والإجتماعية والمادية لشخصيات العمل المسرحي .

أما الإستاذ يحيى حقي يؤكد ويقول : (أن كتابة النص المسرحي بالعامية يجب ان تكون بدقة وذوق بل يرى أن التمكن من اللغة العامية أصعب أحياناً من التمكن من اللغة العربية لفصحى وامتلاكها ( يحيى حقي نقلا عن يوسف الشاروني – دراسات أدبية ، ص 192..)

فتباينت الآراء ووجهات النظر حول النصوص المسرحية وكيفية الكتابة وبأي لغة تكتب فالرأي الثاني أو أنصار هذا الرأي قالوا الكتابة باللغة العربية الفصحى وبرروا ذاك بما يلي :

(أنها لغة القرآن ولغة الأجداد وهي إحدى مقومات وحدة العرب وقالوا أن لنا تراثاً وطنياً وظلت سليمة وخالدة على مر العصور وتمتلك كذلك طاقة كبيرة تسمح للمؤلف بالتعبير عن المذاهب الفلسفية والأفكار العميقة ورصدت الأحداث التاريخية الحميمية … وهناك رأي ثالث يناصرون الإزدواجية ما بين الفصحى والعامية ولابد من تحطيم الحاجز الوهمي بين الفصحى والعامية بما أن كليهما وسيلة جيدة للتعبير .. والمسرح يعتمد على الكلمة المنطوقة التي تختلف عن الكلمة المكتوبة وهذا يحتاج الى كاتب وممثل مقتدر ليستطيع إيصالها للجمهور.

سوف نعرض هنا بعض النماذج من التجارب لإيجاد لغة مناسبة أي أن لكل نص لغة تناسبه فمثلا.. قدم ( فرح أنطوان ) سنة 1913 من خلال مسرحية (مصر القديمة ومصر الجديدة) استطاع من خلط الفصحى واستخدمها إلى أشخاص الطبقة العليا يتكلمون بها وجعل أشخاص الطبقة الدنيا يتكلمون العامية وتفرعت لغة ثالثة لتلك السيدات وهن يتحدثن في خدورهن فهي لغة (الفصحى المخففة أو العامية المشرقة (محمد مندور، المسرح النثري ، دار نهضة مصر ، القاهرة ، ص 75)

وتأتي محاولة توفيق الحكيم حيث قدم مسرحيته ( صفقة ) قدمها بلغة بحيث يستطيع القارئ أن يقرأها بقراءتين بحسب المنطق الريفي ثم قراءة بالنطق العربي الصحيح فهو استخدم لغة ثالثة ليست غريبة عن اللغة الفصحى وإنما هي في حقيقتها لغةعربية فهو اقترب من العامية..  وكما قال (الأستاذ جلال العشري . مسرح أو لأ مسرح، ص 14 ).

(وتبقى محاولة الحكيم هي أسعد المحاولات التي قدمت حتى الآن لحل المعادلة الصعبة التي يعاني منها مسرحنا العربي المعاصر ووصفها المندور (أنها محاوله حية لا بفضل المفردات أو وسائل التعبير فحسب بل بفضل الأتجاه النفسي الذي نحسه فيها فهو أتجاه الشعب في تفكيره ومعتقداته وبذلك استطاع أن ينفذ ما يجب أن تمتلكه لغة فن شعبي كالمسرح من ظلال وإيحاءات وشحنات عاطفية وأحاسيس عملية) (محمد مندور عن مسرح توفيق الحكيم – معهد الدراسات العربية العالية ، القاهرة، 1960 ص137) أما التجربة الثالثة للكاتب والمؤلف ( ألفرد فرجفي ) الذي استنبط أسلوب جديد في مسرحيته ( حلاق بغداد ) ألا وهو بعض المفردات من اللغة الفصحى مع تسكين أواخر الكلمات فيخيل لنا أنه يتحدث اللغة العامية الطبيعية، أو أن يشكل أواخر الكلمات فيحتفظ بمقومات الفصحى حسب ما تقتضيه المواقف المسرحية أو طبيعة الشخصية وتبقى لغة القرآن ، الفصحى ، لغة العمل والنحت والروية والإمعان والدقة ولغة التفسير والتحليل ….الخ والعامية لغة الحس فجائية تلقائية انفعالية وجدانية لا تبالي بالنحو فقط تكتفي بإبراز الترسبات النفسية كما ذكره الأستاذ (كمال يوسف الحاج، في قلسقة اللغة ، دار النهار للنشر ، بيروت ، ط2 1978 ص227)

هنا أخذت هاتفي واتصلت بالكاتب المسرحي والروائي (السيد حافظ) وجهت له هذا السؤال : هل لك أستاذ أن تحدثنا عن تجربتك وبمن تأثرت من هذه التجارب الثلاث في أستخدام اللغة في كتابة النص المسرحي ؟ .أجاب قائلاً:

تأثرت بتوفيق الحكيم في تجربتين هامتين.. (الأولى) هي في المسرواية قمت بمزج وخلط الرواية بالمسرح وقدمت سبع تجارب (سباعية) مسرواية حتى أوكد هذا المشروع الهام الذي التفت اليه يوسف إدريس فكتب (نيويورك 80) وتأثر لويس عوض فكتب مسرحية بنفس الأسلوب (مسررواية) وتأثرت أنا السيد حافظ بتوفيق الحكيم أيضًا بتجربة اللغة وكان توفيق الحكيم يهدف إلى اللغة الثالثة التي تعتمد على رقي اللغة العامية إلى الفصحى . فكتبت مسرحية ( حبيبتي أنا مسافر والمطار أنت والرحلة الإنسان) وقد كتبت الفصل الأول بالعامية الشاعرية، والفصل الثاني باللغة الفصحى .. وفي مسرحية (علمونا أن نموت وتعلمنا أن نحيا) قدمت الفصل الأول بالفصحى والفصل الثاني باللغة العامية الشاعرية .. لكن لا أعرف أيهما قدمت على المسرح بل عرفت بالصدفة وأنا أزور بغداد أن مسرحيتي (حبيبتي أنا مسافر والمطار أنت والرحلة الإنسان) قد قدمت في معهد الفنون الجميلة في بغداد / العراق ولم ينتبه النقاد إلى هذا المشروع الذي أظن أنه هام وأن بعض الظن إثم … إذاً النص المسرحي منذ البداية يعاني من الإضطراب اللغوي ما بين اللهجات من جهه واللغة الفصحى من جهة أخرى حيث الإنسان العربي يتكلم بلغة ويكتب بلغة أما في الوقت الحاضر يعاني من صعوبة الكتابة لأن معظم الكتاب أو الذين مارسوا الكتابة للمسرح اعتمدوا أو انطلقوا من وهم أن المسرحية ليست أكثر من حوار (ديالوج) بين اثنين من الممثلين، وأن المسرح لا يعدو أكثر من وسيلة للتسلية وأن التجربة العربية افتقرت إلى جهود المؤلف المتخصص الذي يمتلك فهم العناصر أنفة الذكر ومكونات المسرح وطريقة معالجة أفكاره وتجسيدها على المسرح فالنص الذي يكتب لكي يجسد على خشبة المسرح لا يكتب لكي يقرأ فقط. ( الدكتور فاضل خليل ، الحوار المتمدن ، في 30/4/2007)

فغياب هذا النوع من النصوص جعل المخرجين يبحثون عن البدائل لغياب النص الذي يطمحون إليه فلجئوا إلى الاقتباس والترجمه والميديا ومقاطع كوميدية في وسائل التواصل عبر الفيسبوك وتطبيقاته الحديثة لذلك نحن الآن أمام ورطة غياب النص المسرحي والكاتب المسرحي .

فالكاتب المسرحي ليس هو خالق الكلمة وحسب. وإنما هو من يمتلك الرؤية والتصور التشكيلي والمعايشة للأفكار التي يقترح لها المعالجة بل لانها أساس عملية إبداعية ذات معيار تركيبي متصاعد عكس الأجناس الأدبية الأخرى في تأليفها مثل الرواية والقصة والشعر والصحافة بالإضافة الى اللغة وفلة التأليف الجيد وتشويه النصوص المؤلفة بتدخل المخرجين والمنتج بتغيير وحذف بتبرير التعامل مع النص إضافة إلى كل هذا فإن الترجمة للنصوص المقتبسة من الغرب قسم كبير لا تصلح للعرض على خشبة المسرح وذلك ضعف ترجمتها والتعامل مع الرؤية والفكرة .. ثم أن رحيل وغياب فرسان المسرح العربي وتهميش الكتاب والمؤلفين المسرحين المبدعين ورحيل بعضهم تسبب في ورطة للمسرح العربي ولصناع أعمالهم فمثلاً موت فاروق الفيشاوي وعزت أبو عوف وصلاح نظمي وفؤاد المهندس ومحمود المليجي والقائمة تطول وتطول وأحياناً رحيلهم بشكل مفاجئ يسبب ورطة لأعمالهم ومأزق للعمل فمن سيقوم ويحل محله فيعرض النص أو العمل المسرحي لورطة لجميع الأطراف على سبيل المثال لا الحصر وفاة الفنان والنجم فاروق الفيشاوي بعد تعرضه لأزمة صحية شديدة وهو مرض السرطان سبباً في غيابه عن العرض المسرحي في السعودية ، وقرر القائمون على المسرحية تقديمها دون الفنان فاروق الفيشاوي والإستعانة بممثل آخر أوقع المخرج والمنتج في ورطة .. كلما كان هناك وعي ساعدنا في تظهير إشكاليات الحياة ولحظ مساراتها وإيجاد الحلول والبدائل في المسرح. فالمسرح يعكس مضمون فكرنا ونحن نعيش في عصر إنحطاط في المسرح من حيث غياب النص والإخراج وغياب الاختصاصين وسائر الاختصاصات ( النقد المسرحي ، غياب المنهج العلمي الأكاديمي ،إعداد الممثل أكاديمياً) لذلك يجب أن نركز بما نقول (التركيز على أهمية الكاتب والنص لأن الكاتب صاحب فكر لأن لا مسرح بدون كاتب ومخرج يمتلك هدف لأنه لا يمكن أن يرى فكرة الكاتب بصورة حميمية إذا لم يمتلك هدفاً …لا يخفى علينا إن مسرحنا العربي للأسف مريض منذ الولادة وما زال حتى الآن في العناية المركزة يعاني من سوء التشخيص واعتمادهم على الوصفات الشعبية وبرامج للأسف منقولة أي مستنسخة طبق الأصل دون مراعاة الوعي الفكري والثقافي والاجتماعي والسياسي لهذا البلد وذاد البلد العربي . ثمة فقرة أو معلومة آخرى في بعض البلدان العربية مثل العراق ولبنان وتدخل الأجندات السياسية والمرجعيات الدينية وما بين التحريم والحلال والمغالطات لمفهوم المسرح واعتباره فن بل أبو الفنون وما بين الاحتيال وللأسف بعضهم يسمونها أو ينعتونها بالشطارة لكنها ملتوية مكراً فيذهبون إلى الالتباس وأخذ العمل المسرحي نصاً وفكرة دون تحوير أو يلجأ البعض إلى أخذ النص والفكرة معاً فقط يقوم بتغيير اسم المسرحية وأسماء الشخصيات. ناهيك عن تدخل رجال الدين المتزمتين شكلاً غير المعتدلين ويثيرون الغوغاء حول المسرح والمسرحيين وحتى غلق وتخريب المسارح كما حدث في بغداد الحضارة وما آل له المسرح الوطني الذي كان في يوم صرحً ثقافي وملتقى للإبداع العربي والعالمي لعروض مذهلة نصاً وأداءً وإخراجاً لكن مع هذا المسرح سيظل أبو الفنون وأبو الهموم وأبو السعادة والفرح وما يؤكد كلامنا هذا تجربة لبنان الشقيق في ما بعد هزيمة 1967 وأيضًا في مصر في النكسة والهزيمة وكانت هناك نصوص وأعمال مسرحية أثارت التساؤلات وراهنت على العمل البشري ومن هذه الأعمال المسرحية على سبيل المثال لا الحصر العمل المسرحي للكاتب المسرحي والروائي المصري الأستاذ السيد حافظ كتب مشروعاً مسرحياً للقضية الفلسطينية وحرب أكتوبر والاستنزاف تضمن على الأغلب خمس مسرحيات منها ( 6 رجل في معتقل، يا زمان الكلمة الكذب الكلمة الخوف الحانة الشاحبة العين ، والله زمان يا مصر ، الأقصى في القدس يحترق ، أحبك يا مصر) ففي إحدى ليالي العرض الذي استمر لعدة أيام كان عرضاً صادماً رغم الظروف والامكانيات البسيطة سواء في الديكور أو الإضاءة وقد تم عرضها على ضوء الشموع كانت هتافات قوية بحناجر صادقة محبة وعاشق لخشبة المسرح هزت العمل البشري بعمق الوجدان بعد فاجعة الهزيمة فالمسرح لن يموت ولم ينقرض بل سيحى من جديد وسينهض من السبات خطفته أضواء الميديا ووسائل التواصل الفيسبوكي والمؤتمرات والمهرجانات هنا وهناك وتلك العروض سيئة العرض تعرض دون جمهور قط للمدعوين في المؤتمرات مما يأتون من أجل غاية ما ليس الأعلى سبيل المثال لا الحصر (الاحتفالية و دعوات للاحتفال بالمناسبة التاريخية لتأكيد دور المسرح كقوة ناعمة ومرور 150 عاماً على المسرح المصري الحديث ماذا جرى وما الذي طالبوا به أساتذة المسرح مشكورين فكان للمؤرخ المسرحي الدكتور (عمر دوارة) في البوابة نيوز في يوم الاثنين المصادف 18 نوفمبر 1919 هل تم تنفيذ ما لفت إليه الانتباه والعمل حسب التوصيات للرقي في المسرح؟

قائلاً (الانتباه نحو هذه المبادرة وسط هذه الغفلة التي يعيشها المسرحيون بتنظيم احتفالية كبيرة لهذه المناسبة التاريخية القاءم على تنظيمها وزارة الثقافة بكل مؤسساتها وهيءاتها تتضمن مجموعة من الاقتراحات لكل مؤسسة أو هيئة بهدف الوصول إلى الشكل المناسب لهذه الاحتفالية وكذلك كثير من المشروعات التي يرى أهمية تحويلها من مجرد آمال وأحلام إلى إنجازات حقيقية على أرض الواقع وبالطبع يستلزم ذلك أولاً تحديد المهام المطلوبة مع تحديد الجهات المنوط بها تنفيذها ، مع ضرورة تأكيد أهمية التعاون والتنسيق بين جميع الهيبات والمؤسسات المختلفة) أما الناقدة الدكتورة ” وفاء كمالو ” قالت: (أتصور أن يضم هذا الاحتفال تقديم ريبورتوار لأهم العروض المسرحية، التي أثرت في الجمهور لأنها تضيف وعياً جديداً بالمسرح كفن وفكر وإبداع وحرية .. أما الكاتب الصحفي عبد الرزاق حسين رئيس تحرير مجلة المسرح بالمركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية ، يجب تحويل هذه المبادرة لمشروع ثقافي كبير وأشاد الدكتور (سيد علي اسماعيل) إستاذ المسرح بكلية الآداب جامعة حلوان وسيحتفل بإصدار كتابه الجديد بعنوان (الجديد في نشأة المسرح العربي في مصر) ومترجم الى عدة لغات منها الايطالية ، والعبرية ، البولندية، والفارسية) الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات .. السؤال هنا هل أحياء المسرح بكتاب أو احتفاليه أو الجلوس إلى الكتاب والمختصين الاكاديميين ودراسة واقع المسرح العربي وانقاذه من الموت البطئ للأسف هنا كل من يبكي على ليلاه أما الكاتب المسرحي (محمد أبو العلا السلاموني) أقترح عرض مسرحيته ( أبو نضارة) وما بين كتاب ومسرحية واحتفالية يطالب المخرج (محمد نور) مدير مسرح القاهرة للعرائس. أمنية هي ليست أمنيتك وحدك بل الكل يتمنى أن تفتح المسارح وتتعافى وتعود لفتح أبوابها للجمهور فى القاهرة وجميع المحافظات مجاناً لجذب جمهور جديد للمسرح ويبقى الأمل في تحقيق الحلم بالمسرح الحر وفن أدبي مكتوب كباقي الأجناس الأدبية وهنا أيضًا مبادرات إبداعية للكاتب المسرحي السيد حافظ لقد قام في كتابة مجموعة من المسرحيات القصيرة جداً بكتاب تحت عنوان (صراع الألوان) يضم بين دفتيه (35) وكتاب أخر ضم مسرحيتين هما (سندباد سواح في البلاد ، أحلام بابا نويل ) بواقع 142 صفحة والمسرحيتان للاطفال ويضم الكتاب دراسات نقدية لكل من (الدكتورة حنان حطاب ، الدكتورة نجاة صادق الجشعمي) وشهادة وضعت على ظهر غلاف الكتاب للدكتور / سيد علي أسماعيل أستاذ المسرح في جامعة حلوان مع كل ما يكتب ويقال على المسرح نبقى محكومين بالأمل فما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون غداً فالصيرورة ممكنة ما دام هناك وجود وأمل وعمل بشر وفكر مبدع متجدد مؤمن بالتجديد وتغير الأساليب والصيغ هنا ممكن النهوض بالمسرح وأنقاذه بتكثيف الورش لتعليم كيفية الكتابة للمسرح والوقوف على أصول كتابة النصوص المسرحية فليس كل من كتب أصبح كاتب مسرحي وتفعيل الاستفادة من قيام المهرجانات والاستعانة بذوي الخبرات الفنية لكتابة المسرح بكافة أنواعه ومكوناته من الستار الى المسمار فالمسرح أينما حضر حضر الفرح معه وتحضر معه رموزنا وخلق لحظة مقدسة فالمسرح مساحة أجد نفسي فيها فكيف لا أتغير وأغير فلا يأس مع الحياة المتجددة المحبة للمسرح فلا زلنا نمتلك طاقات شبابية تساهم بفاعلية في الممارسة الحياتية فالمسرح وسيلة متاحة لكل فرد في المجتمع ليقدم معاناته مشاكله أما هؤلاء الشباب فهم الأداة البشرية التي تؤكد على أنها حية على مر الأزمان فهم الروح للأجساد وهم الكلمات وسيل من الطاقات القادرة على صناعة الافكار ( فوجبت بفرقة بسيطة من مجموعة من الشباب ممن يعشقون المسرح وبامكانياتهم البسيطة الخاصة يستأجرون قاعة لعرض مسرحية بعنوان ( بوابة الميناء ) للكاتب المسرحي السيد حافظ يتلقى أتصالاً هاتفياً “أستاذ ممكن تشرفنا لنفتتح العرض” يتفاجأ الأستاذ السيد حافظ تتقافزدميعات الفرح تختلط بالحزن كأمنية وتمنيات وطموح كل كاتب أن يعرض نصه المسرحي على خشبة إحدى أكبر وأعرق مسرح من مسارح مصر العظيمة لكن الشباب أبدعو في العرض والأداء والجمهور علما١ بان المسرحية باللغة الفصحى كان الهدوء يسود القاعة للإصغاء لما ما يقول الممثلون على خشبة المسرح كان عرضاً رائعاً حقاً وإنقاذ المسرح بالتعاون مع المبدعين الحقيقيين وليس المنمقين لأجل المهرجانات هؤلاء هم من سينقذون المسرح هم النوتة للانطلاق ليس الذين همهم جمع المال والشهرة فهل سيعيش المسرح ويبقى في غرف العناية المركزة محجورا عليه أم يتعافى ويسمو للمجد من جديد ؟.

وسط هذا القبح والموت والزخم المتراكم في جميع بلاد الوطن العربي بل والعالم يجب أن يتحد الجميع تحت أي مسميات ويعملوا من أجل سحب أجهزة التنفس الاصطناعي من المسرح المرتمي في غرفة العناية المركزة لبث سحر المسرح عبر أنبوبة المغذي الفموي من على خشبات المسارح في جميع بقاع الأرض نعم يستطيع المسرح أن ينهض ويغير العالم العربي والتاريخ يشهد له بذاك فالمسرح سينتصر .. فالعالم بدون مسرح عالم كئيب وسجن كبير ….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى