ولن أحب سواها (٤)

شرين خليل | مصر

اللوحة للفنان جون وليام ووتر هاوس

وجدت أمي تنتظر أمام المنزل
_خير يا أمي قلقتيني.
_جدة بنتك توفت ولازم نكون موجودين هناك عشان بنتك ممكن أمها تستغل الفرصة وتاخدها وتسافر ومانعرفش مكانها .
_معاكي حق يا أمي إحنا لازم نكون هناك حالا ..
ذهبت أنا وأمي علي عجل وكانت المفاجأة وكأن الدنيا بدأت تبتسم لي علي الرغم من الحزن الذي يخيم علي المكان جاء بصيص أمل عندما وجدت أم إبنتي في إنتظاري وهي من بدأت معي الكلام : أستاذ هادي كويس إنك جيت لو ماكنتش جيت أنا كنت هاكلمك أو أجي لك بنفسي أنا بطلب منك تاخد شهد بنتنا معاك لأني مش هقدر أخدها معايا، مش هاوصيك عليها لأنك طيب وحنين وأنا عارفه دا كويس ويمكن عرفته أكتر لما بعدت عنك وعرفت الفرق اللي بينك وبين غيرك ، ياريت تسامحني ،وماتحرمنيش من بنتي لما أحب أشوفها ، أنا عارفه إن وجودها معاك هايكون أفضل لها وأنا فهمتها إنك أكتر واحد بيحبها وبيخاف عليها في الدنيا كلها ..
لم أصدق نفسي من الفرحة وأخذت إبنتي وأحتضنتها بشدة وهي الآخري أخبرتني أنها تحبني وذهبت إلى المنزل وأنا سعيد ومعي أمي وإبنتي وتذكرت كلمة أبي عندما قال لي : بكرة البنت هاتجيلك لوحدها..
كان شغلي الشاغل هو أن أجعل إبنتي سعيدة وأعوضها كل ما أفتقده في غيابي سافرنا إلي أماكن كثيرة وعشنا أيام في سعادة وحب ولكني لم أنسي مروة ,أتذكرها في كل لحظة وأراها حولي ،أشعر بوجودها وكأنها معي ومن وقت لآخر أتحدث مع والدتها عبر الهاتف لكي أطمئن عليها ..
قررت أن أتخذ القرار الحاسم وأنهي كل الأمور المعلقة مع خطيبتي فهي لاذنب لها في أي شئ لذا سأترك لها كل الهدايا والذهب ولكنها سبقتني كعادتها فهي شديدة الحرص علي كرامتها .
جاء أخوها وطلب مني أن أنفصل عن أخته في هدوء فهي لاتريد أن تكمل معي ،الغريب في الأمر أنها أخفت عنهم الحقيقة وأخبرتهم أنها هي من تريد الإنفصال وخاصة بعد مجئ إبنتي للعيش معي ،والأغرب أنها أرسلت لي كل شئ وتنازلت عن كل حق لها في مقابل الإنفصال ولكني رفضت هذا التنازل فيكفي مافعلته معي فهي تستحق مني كل التقدير والإحترام ..
أنهيت كل شئ في رضا وتفاهم مع أهلها وشعرت بالإرتياح فلقد أنهكني شعوري بالذنب تجاهها وإحساسي بإني سأظلمها لو تزوجتها، هي الآن حرة طليقة وأعلم جيدا أنها سترزق بزوج أفضل مني يحبها ويقدرها فهي تستحق ذلك ..
أما أنا فلا أدري ماذا أفعل ،حائر ،هل سأذهب لمروة مرة أخري وأنا وعدتها بأنني لن أفعل ذلك،أم أحاول النسيان وأعيش لإبنتي فقط ، أتهرب من نظرات أمي المليئة بالتساؤلات واللوم والعتاب..إلي أن كسرت صمتها وسألتني :هاتفضل علي الحال دا كتير ياهادي؟ ماروحتش للدكتورة اللي سيبت خطيبتك عشانها ليه؟
_مروة رافضة الزواج عشان بتربي ولاد أختها وطلبت مني أبعد عنها وأنساها وأرجع لخطيبتي.
_مش فاهمه حاجه يابني من كلامك دا !! فهمني الحكاية ،بتربي ولاد أختها ليه ؟فين أختها؟
_هاحكي لك يا أمي كل حاجه..
جلست بجانب أمي وبدأت أحكي لها الحكاية منذ البداية بداية لقائي بمروة وأخبرتها بكل شئ تعجبت أمي وقالت : معقول يابني في حد كده دلوقتي ،واضح إني كنت ظالماها وواضح إن لك حق إنك تحبها ،عموما يابني ربنا يجعلها من نصيبك ،إنت تستاهل كل خير وعشان إنت طيب أهل خطيبتك قدروا دا والموضوع إنتهي من غير زعل .روح لمروة وخد بنتك معاك وكلمها تاني أنا عاوزه أشوفك مبسوط يابني وأطمن عليك .
_حاضر يا أمي ..
وبالفعل ذهبت إلي والدتها قبل عودة مروة من العيادة حتي أسألها السؤال الذي يشغل بالي ..هل مروة ترفض الزواج مني لشخصي أم ترفض الزواج بشكل عام ؟؟وكانت الإجابة علي سؤالي أنها ترفض مبدأ الزواج ولا ترفضني لشخصي بل بالعكس هي تكن لي كل الإحترام والود ..وتتمني والدتها أن أتزوجها فهي علي حد قولها لن تجد أفضل مني زوجا لإبنتها ولن تطمئن عليها إلا وهي معي
أسعدتني هذه الكلمات وغرست بداخلي الأمل من جديد بل الحياة ،أخبرتها بأنني سأعود غدا ومعي أهلي وخرجت وأنا في طريقي قابلتها وقفت مكانها تحاول إخفاء لهفتها وفرحتها عندما رأتني ،حقا فالحب لايمكن إخفاؤه ،يظهر في بريق العيون، وفي تنهيدة القلب حتي في الصمت .
إقتربت منها وأنا أحتضنها بنظراتي حتي تشعر بالآمان وقلت لها بصوت دافئ وحنون : أنا هاجي بكرة أخطبك
ردت في خجل: إحنا إتكلمنا قبل كده وقولنا.. قاطعتها: مش هاتجوز غيرك ،مش هاسيبك إلا لو قولتي لي إنك بتحبي غيري .
_ أنااااا..أنا مش هالاقي حد أحسن منك ..أنا بس خايفة من موضوع الجواز يأثر علي علاقتي بولاد أختي..
_طالما مفيش حد تاني في حياتك يبقي خلاص أوعدك إني هاكون جنبك ومعاكي ونربي الولاد سوا ولاد أختك وبنتي شهد شفتي شهد جميلة إزاي وهاتفرح إن لها إخوات..وكانت مبسوطة معاهم ،إحنا كنا عند والدتك وأنا خطبتك منها.
إحتضنت شهد وقبلتها وقالت: نورتي ياشهد ،، بس أنا لازم أفكر مقدرش أخد قرار بسرعة كده .
_ فكري براحتك بس صدقيني إحنا شبه بعض في كل حاجه ،إحنا لازم نكون مع بعض ،كفاية اللي ضاع من عمرنا،هاكلمك بليل عشان أسمعها منك ،أسمع كلمة موافقة اللي أنا شايفها في عينيكي،،
مروة أنا عمري ما حبيت ولا هاحب غيرك ،،وإنتي ؟؟
_هادي،، أناااا،، أنا ،،موافقة…
ذهبت مسرعة من شدة الخجل ..أما أنا حملت شهد وضممتها إلي صدري ودورت بها كالفراشة وهي تضحك وتقول: خلاص يابابا أنا دوخت ..
_خلاص ياشهد أيامنا اللي جاية هاتكون كلها فرح وحب وشهد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى