4 قصص قصيرة

عماد أبو زيد | قاص مصري

 

شجــرُ الزيتون

انتحى جانبًا، وقعد على كومة تراب يحدثنا. بين جملـــة وأخــرى تجري على لسانه، يجذب نفسًا من سيجارة بين إصبعيه، والجندي الإسرائيلي يتحرك بمنشار كهربائي وسط أشجار الزيتون.

دمعاتهُ المُنسابة على خديه أبلغ تعبير عن شراسة قهر يفتك بالرجولة، وخسارة نقود كان ينتظرها مع مطلع كل طرحة زيتون، وهجرة أرض يحتفظ بحجتها في جيبه، لا يشفع أنهُ أعطاها من سر وجوده الاخضرار.

حزنٌ يتجرعهُ، وهـمٌ مُقدر أن ينوء بهِ، حتى يهتدي إلى موئلٍ لإطعام أولاده.

***

 

رائحةُ الهواء ِ

أذكر أن ثمة أزمة في الدقيق حدثت منذُ بضع سنين.

وقفتُ أمام مخبز ساعات عدة، في طابور امتد بطول الشارع، أَتفصدُ عرقًا، بينما كانت زوجي وأبنائي الصغار في انتظاري. كان الشجار لا ينفك أمام شباك المخبز، ولبعض الوقت كنتُ طرفًا في هذا الشجار، ووسط رائحة العرق التي حفل بها الهواء – خاصةً التي ينشرها رجل سمين، كان وقوفه قبلي مباشرةً – كان هناك رجلٌ قصير القامة يقف خلفي، بدا أنهُ مُنشغلٌ بشيءٍ آخر، كأنه يستحضر في ذهنهِ مشهدًا مثيرًا لمومس، يدغدغ غريزته.

خرجتُ من الرتلِ خالِ الوفاض، اللهم إلا بـ…، مستاءً أسب الدين.

 

***

 

ضوءٌ خَارجيٌ

وضعتُ منديلاً على أنفي، بينما كانت يدي الأخرى تتحسس البابَ بحثًا عن مقبضهِ.

كان   مرحاضُ محطة القطار مُظلمًا، ربما هداني إلى موضع قدمي بصيص من ضوء خارجي، أَتى مُتسربًا من لمبة أحد أعمدة الرصيف، التي لا تستقر على حال.  كم أنا مَدينٌ لهُ بالثناء، فلقد أنقذني من كومات براز، غطت أرض المرحاض، رافقتها رائحة كريهة، كادتُ أن تفتك بي.

 

***

 

علاقة سيئة

أَحتفظُ في بيتي بتلفاز أبيض وأسود؛ فهو يعطيني انطباعًا حسنًا عن نجوم الفن والسياسة، ويخلق بيني وبينهم مِساحةً من الحُــب والدفء. عندما أهجره إلى الجهاز الملــون، تفسد تلك العلاقة الطيبة؛ فندبات وجوههم، والألوان، تصنعان حائلاً بيننا.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى