دعوى قضائية ببطلان عقود زواج “البارت تيم”
المستشار محمد خلف المحامى بالنقض _ مصر
في الآونة الأخيرة شهدت نصر انتشار مصطلح (زواج البارت تيم) وأحدث زخماً شديداً بين رواد المواقع الاجتماعية المختلفة وحظي بمناقشات وجدل كبيرين في الشارع المصرى بين من يرى أنه زواج شرعي صحيح مكتمل الأركان وتتوافر شروط صحته و رأي آخر يرى أنه نوع من الزنا ويشجع على الفسوق ويحض على النيل من كرامة المرأة التي منحها الإسلام منزلة عظيمة ويجعل منها مجرد محتوى ووعاء لإشباع رغبات الرجل الجنسية ونزواته طالما كان ميسور الحال .
و لا شك أن هذا النوع من الزواج – إن جاز تسميته بهذا المصطلح – فهو بدعة جديدة ليس لها أساس من الشريعة وخلا منها الفقه الإسلامى، حيث أطلقه البعض بقصد تحقيق أغراض خبيثة تهدم مقومات المجتمع المصرى وتمس أساسه ألا وهي الأسرة المصرية، فالزواج هو البداية لتكوين الأسرة ونشأة المجتمع القويم، ويعد الزواج أمرا مقدساً وميثاقاً غليظاً ويحقق أحد مقاصد الشريعة وهي حفظ العرض، وإطلاق مثل هذة الدعاوى المغرضة والانسياق وراءها هو بمثابة العبث بهذة المقدسات والنيل من أهم مقومات المجتمع وهو بناء أسرة سليمة، إذ يؤدى هذا النوع من الزواج إلى التفكك الأسرى و زيادة التباعد الاجتماعى وتيسير الفسق وأشباع الرغبات الجنسية لكل من يملك المال، ويجعل من المراة مجرد وسيلة رخيصة للمتعة وإشباع الشهوات و دمية تتقاذفها أيادى الرجال .
ويقوم مضمون ما يعرف بزواج البارت تيم – حسبما يقول مروجوه– على فكرة أساسية وهي اتفاق الزوجين؛ طرفى هذا العقد على اللقاء لفترة زمنية محددة كل مدة معينة بانتظام لممارسة الأمور الزوجية بينهما وإشباع رغباتهم الجنسية، بحسب ما يتفق عليه الطرفان، مثال لذلك أن يلتقى الزوجان مرة واحدة في الأسبوع يبيت فيها الرجل مع المرأة في فراش الزوجية، ثم يظل الرجل خارج مسكن الزوجية باقى أيام الأسبوع تاركاً الزوجة بمفردها، و لا يلتقيان إلا في اليوم المحدد سلفاً، و قد تكون الفترة المتفق عليها عدة أيام متواصلة كل شهر مثلا و غير ذلك بحسب اتفاق الطرفين، كما يمكن أن يتضمن العقد حق كلا الطرفين في فسخ العقد وإنهائه إذا لم تنل تجربة الزواج هذا رضاه أو حدث خلاف حاد بين الطرفين.
ويلاحظ أن موضوع زواج البارت تيم قد أثار نوعاً من البلبلة الشديدة و الفوضى العارمة وتهييج الرأى العام و التحريض على الفسق و الفجور وإشاعة الزذيلة في المجتمع، مما اضطرنى إلى اللجوء إلى حصن قضاء مصر الشامخ ليقول كلمة الفصل في هذا الموضوع لردع كل متطاول على قيم المجتمع وصد خفافيش الظلام بأفكارهم الظلامية الخبيثة لذلك فإنه يطلب حكماً تاريخياً يخلد في سجلات القضاء بحروف من نور والذى لم يتوان يوما و لم يألو جهداً في سبيل صيانة ثوابت المجتمع المصرى ومقدراته وليكون سيفا بتارا لقطع أوصال الفتنة التي تطل بوجهها القبيح على المجتمع المصرى وذلك بإبطال عقود هذا النوع من الزواج وتم إقامة الدعوى ضد الجهات المعنية ومنها وزير الداخلية بصفته، وزير العدل بصفته، و كذلك مفتى الديار المصرية، والمركز القومى للأمومة والطفولة، وغيرها من الجهات، ونطالب الحكم ببطلان عقود زواج البارت تيم لما يترتب عليها من فسوق وانتشار الرذيلة، وإلزام مفتى الديار المصرية بأن يصدر فتوى رسمية ملزمة ببطلان عقود زواج البارتيم، على أن تعمم على الجهات كافة داخل الدولة
و نستند في بطلان زواج البارت تيم على عدة أسباب قانونية و شرعية تتلخص في عدم توافر الرضاء التام للمرأة في عقد زواج البارت تيم ويسمى بـ(الرضا المشبوه)، حيث إن طبيعة الأمور تقتضى أن تسعى المرأة إلى زواج طبيعى تعيش فيه حياة طبيعية ومستقرة في كنف زوجها، وأن لجوء المرأو إلى هذا النوع من الزواج الشاذ والذى يخالف طبائع الأمور بقبولها مشاركة الزوج فترة زمنية محددة كل مدة إنما يؤكدزعن أن هناك اسبابا كامنة وراء قبولها ورضائها بهذا النوع من الزواج اضطرتها إلى قبوله مكرهة، كأن تكون امراة مطلقة وتعول أطفالا يرفض أبوهم الإنفاق عليهم و بالتالى تقبل المرأة زواج البارت تيم من رجل ميسور الحال في أن يمارس معها الجنس ويشبع رغباته، في مقابل إعطائها المال لتنفق منه على أولادها ونفسها، فهى تمنح الجنس مقابل المال، فهل مثل هذا الموقف يمكن اعتباره زواجا شرعياً قائماً على الرضا، علاوة على هذا النوع من الزواج لاشتراط التأقيت و عدم الدوام، بالإضافة إلى أن هذا النوع من الزواج يخالف أحد مقاصد الشرع وهو حفظ العرض ويؤدى إلى استغلال المرأة ماديا وجنسيا، وأخيرا فإن هذا النوع من عقود الزواج يؤدى إلى إهدار حقوق المرأة المقررة شرعا، لأن هذا الزواج لا يتم إلا عرفياً وبالتالى لا تعترف به الدولة تهدر حقوق الزوجة في مثل هذا النوع من الزواج سواء الحقوق المترتبة على انعقاد عقد الزواج كالنفقة، أو الحقوق الناشئة عن الطلاق كمؤخر الصداق ونفقة المتعة وغيرها؛ بل قد يصل الأمر إلى عدم اعتراف الرجل بالطفل ثمره العلاقة و نفى نسبه إليه .