لا زال ترامب في البيت الأبيض
عدنان الصباح
لا زال الرئيس الامريكي ترامب يقود البيت الابيض اضعف الايمان فيما يخص القضية الفلسطينية فلم يتراجع بايدن نهائيا ولم يحاول حتى الاعلان عن التراجع عن كل ما اسسه ترامب لمستقبل القضية الفلسطينية بإجراءاته العدية ومنها اعلان القدس عاصمة لإسرائيل وهو القرار المتخذ اصلا من قبل الكونغرس ولم يقم ترامب سوى بالتوقيع عليه وادخاله حيز التنفيذ وحتى اعلان بايدن عن نيته اعادة فتح القنصلية الامريكية في القدس لم يخرج عن اعلان النية لا اكثر ولا اقل.
الفلسطينيون الرسميون رحبوا كثيرا بإدارة ترامب واعتقدوا ان الدنيا ستمطر سلاما بأيدينا على فلسطين فاذا بها تواصل مطر ترامب الاسود بشكل اكثر ايذاء فقد تمكن ترامب من اجبار القيادة الفلسطينية على سحب كل القضايا المرفوعة لدى المحاكم الدولية بهدوء وبدون ضجيج كذاك الذي رافق رفع تلك القضايا.
صحيح ان ادارة بادين اعادة الحديث عن حل الدولتين على انه خيار امريكي الا انها كغيرها من الادارات لم تحدد لا صورة ولا شكل ولا حدود لتلك الدولة وتكرت الامر مفتوحا كما غيرها على مصراعيه لتلعب به اسرائيل ما تشاء بهذا الشأن وبالتالي فان أي بناء على المواقف اللفظي البايدينية لن يغني ولن يسمن من جوع خصوصا وان هذه المواقف ظلت وستظل مجرد اقاويل في الهواء.
القدس ستظل براي بايدن ومن سياتي هي عصمة اسرائيل وهو الانجاز الذي ارادته من ادارة ترامب المجنون وقد حصلت عليه أيا كانت نهاية ذاك الرجل فإسرائيل ليس يعنيها الا النتائج ولن تبكي على ترامب كما يفعل العرب عند ذهاب رئيس ومجيء رئيس فلقد غنينا لرحيل ترامب ومجيء بايدن دون ان ندري ان الحقائق لن تتغير واننا بقبولنا ترامب سنقبل ما قبل ويقبل به ما دام لدينا اعتقاد ان امريكا سيدة الموقف ومن على منصة الامم المتحدة اعلن ترامب بوضوح لا لبس فيه “تمسك الولايات المتحدة بأمن إسرائيل لا ريب فيه. ودعمنا للدولة اليهودية المستقلة غير مشروط” وهو ما تريده اسرائيل من بايدن وغيره لا اكثر ولا اقل وبعد ذلك فليقولوا أي قول لا يخرج عن اطار اللفظ الى الفعل ابدا وفي خطابه عن سياساته الخارجية تجنب بايدن كليا ذكر القضية الفلسطينية مما يعني اهمالا علنيا متعمدا لنا ولقضيتنا.
ان الارتياح الفلسطيني لتصريحات جو بايدن واركان ادارته لن يفعل شيئا سوى ان العالم سينسى كليا حكاية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وبالجولان جزء من دولة الاحتلال ولن يعيد فتح قنصلية امريكا في القدس ابدا رغم ان اعادة فتحها لن يغير بالامر شيئا ما دام اعلان القدس عاصمة لإسرائيل لن ينتهي ولن تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة لفعل ذلك خصوصا وان سحب القضايا امام المحاكم الدولية جاء بهدف افساح المجال عادة فتح القنصلية لا للتراجع عن اعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال والجميع يعرف ان هناك اشتراطات امريكية تتطابق مع مواقف الاحتلال ومنها على سبيل المثال وقف دعم اسر الشهداء والاسرى والذي لازال شرطا قائما حتى اليوم.
صحيح ان الحالة اللفظية للإدارة الامريكية تتحدث عن السلام لكن واقع الامر يترك اسرائيل تفعل بفلسطين ارضا وشعبا ما تريد وتترك لها حرية الاستيطان بما في ذلك في الجولان المحتل وتعزيز الاستيطان في المستوطنات المقامة وخصوصا في مدينة القدس التي يجري تهويدها علنا وبشكل لافت دون ان نجد اية خطط لمواجهة ذلك من الجانب الفلسطيني وتصريحات الخبير التفكجي الاخيرة تجعلنا نضع ايدينا على افواهنا هلعا مما يجري ان صح ما قاله السيد خليل التفكجي من مركز الدراسات في القدس وهو الخبير الابرز في شؤون الخائط والاستيطان في فلسطين وتحديدا فيما يخص شؤون القدس.
لا زال ترامب في البيت الابيض واصبح نتنياهو تربيع في بيت حكومة الاحتلال في القدس بعد مجيء بينيت اليه خليفة لنتنياهو المكبل بتهم الفساد الموجهة اليه وبدل حكومة يمينية معزولة محليا ودوليا برئاسة نتنياهو جاءت حكومة اكثر يمينية بقاعدة عربية ويسارية مفرطة في دعمها ليمين اليمين ممثلا ببينت وجانتس ومن لف لفهم مما يمنح بينيت وادارته العسكرية الاكثر يمينية باللعب في مستقبل الضفة الغربية بشتى السبل مع حالة فلسطينية مغرقة بالتشرذم والانقسام والصراعات الداخلية والعجز عن الفعل وحتى النشاط المقاوم فلسطينيا لم يجد التأييد الضروري في اوساط منظمة التحرير وبدا الحديث وللمرة الاولى في تاريخ القضية الفلسطينية عن فلسطينيين معتدلين وفلسطينيين متشددين وعن عقوبات امريكية على المتشددين وحصرت اسرائيل وامريكا المقاومة في ثلاث فصائل هي حماس والجهاد والجبهة الشعبية وتتعرض هذه الفصائل مجتمعة لكل صنوف التنكيل من قبل جيش الاحتلال وقواته الامنية المختلفة.
ان بقاء الحال الفلسطيني على ما هو عليه لا يبشر الا بحال واحد فقط تعميق الانقسام والانتقال به من غزة الى الضفة الغربية لتتمكن اسرائيل من دفن حلم الدولة المستقلة بأيدينا نحن لا ببندقية الاحتلال وعادة ما نقبل جريمتنا التي نقترفها بأيدينا كما هو الحال في الانقسام الابشع بين الضفة وغزة الذي بات على ما يبدو حقيقة قائمة ولم يعد احد يتحدث على الاطلاق عن حكاية الوحدة الوطنية وكأنها صارت مهنة من لا مهنة له من الساسة الفلسطينيين فقط.