في الفقه الحزبي العربي
توفيق أبو شومر | فلسطين
إن الغاية الرئيسة من تأسيس النظام الحزبي في العالم هي تحقيق الديمقراطية والعدالة في وجه الظالمين من الحكام الطغاة والحكومات المستبدة، وكذلك تسديد الثغرات التي يُهملها الحكامُ في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بخدمة أبناء الشعب!
أما أكثر أحزاب العرب فهمُّها الرئيس اليوم هو الوصول إلى الحكم لتحل محل الطغاة، وتمارس دور الحكومات المستبدة!
وإليكم هذه المقارنات:
الأحزاب الشريفة بمثابة نحلات العسل، تمتص رحيق الزهر لتبني الخلايا العسلية، لتُنتج مَلكات نحل جديدة، لغاية بناء خلايا عسل جديدة بنكهة الزهور التي تنبتُ في كل موسم من المواسم.
أما الأحزاب غير الشريفة، فتضمر أجنحتها وتنقرض بعد أن تستولي على السلطة،وتترهل أجسادها وتفقد القدرة على الطيران بفعل وزنها الزائد، وتقتل النحل الشغال في خلاياها ، بعد أن تستولي على خلايا عسل الشعب، وتجعله ميراثا خالصا لسلالتها، ثم تبيع فائضه لشعبها بأثمان باهظة!!
الأحزاب المخلصة لمبادئها تفخر بإنجازاتها في مجالات الخدمة العامة في المجتمع، وتساهم في تخفيف الأعباء عن الأهل والوطن، وتبني قواعد وركائز المستقبل بنشر الثقافة وتحسين برامج التعليم، وتصحيح المسيرة الوطنية،وتعضيد التكافل الاجتماعي.
أما الأحزاب المقعدة والعاجزة فتفخر بقدرتها على امتطاء ظهور المحتاجين وشراء ولاءات الفقراء والمقهورين بالنقود والطعام والكساء، وتحسب قوتها بعدد مَن تقتادهم لصناديق الاقتراع أو لحضور احتفالاتها ومناسباتها!!
الأحزاب الوفية هي التي تُجدد برامجها وقادتها، ولا يحتكرها مؤسسوها طوال عمرهم، بل يفرحُ مؤسسوها بتطورها الدائم وتغيير أهدافها ومساراتها وفق ظروف الوطن، ولا يكرهون تمردها عليهم، بل ينتعشون ويفرحون عندما يتركون الساحة للأجيال الصاعدة، لأن في ذلك نجاحا لأفكارهم ، وما أروع نجاح الأفكار.
أما الأحزاب القبلية والأسرية، فإنها لا تعيش إلا في حظيرة مؤسسيها، وعندما يعجز مؤسسوها عن التحكم في مسارها، يقتلونها شر قتلة ويخنقونها بأيديهم، بعد أن يمنعوا عنها أكسجين الحرية المتمثل في الكفاءات الشبابية المستقبلية!!
والأحزاب التي تنطبق عليها صفة الوطنية والأممية، لا يمكن أن تكون أحزابا قبلية وأسرية وعشائرية، بل تجمع كل فسيفساء الوطن بغض النظر عن انتماءاتهم وأعراقهم وأصولهم.
أما أحزاب القواقع القبلية فهي مستحثات أثرية تعود إلى قرون مضت، إلى عصور الغزو والسبي القبلي، هدفها النهائي هو تكوين ميليشيات عسكرية لتطويع المبدعين والمتمردين على مبادئها بالقوة، ولا تكون غايتها حفظ حدود الوطن من الغزاة الأعداء وحماية منجزات الشعب، بل الاعتداء على المنافسين وتقليم أظافرهم، بسجنهم واضطهادهم وحتى قتلهم!!