عن الدروز و الغجر و 48
توفيق أبو شومر | فلسطين
إنه بحثٌ أكاديمي جديد لباحث فلسطيني يُحلل فيه أساليب إسرائيل في بث الفُرقة بين الفلسطينيين، وتعزيز الانقسام في الجسد الفلسطيني الواحد.
الباحث هو أستاذ جامعي فلسطيني ينتمي إلى الطائفة الدرزية والتي ظلَّ المحتلون يسعون طوال عقود ليس فقط لإلغاء انتمائهم للفلسطينيين، بل أيضا لإثارة الكراهية ضدهم!
فأغلق عليهم كل أبواب الرزق، ولم يفتح لهم سوى بابٍ واحدٍ يرتزقون منه، وهو باب الانضمام إلى الجيش الإسرائيلي، وظل المحتلون يقحمونهم في عمليات الجيش ضد إخوتهم الفلسطينيين، حتى يشتد الكره لهم في أوساط الفلسطينيين!
فالباحث د. يسري الخيزران في مركز (لير) أشار في بحثه إلى خطوات إسرائيل في تنفيذ مخطط سلخ الطائفة الدرزية عن الفلسطينيين الصامدين في أرضهم منذ عام 1948 فأشار في بحثه الذي نشرته صحيفة هارتس يوم 27/12/2012 إلى كيفية تنفيذ المؤامرة عليهم ، التي بدأت بالمناهج الدراسية، فللدروز مناهج خاصة بهم، مكتوب على أغلفة الكتب التعبيرات التالية:
التاريخ للدروز، والأدب للدروز الجغرافيا للدروز…
وبحثه العميق يتركز في مجال مناهج الأدب العربي للدروز، حيث أشار إلى أن كل النصوص الأدبية المقررة في مدارس الدروز تخلو من الأدباء غير الدروز، ولا ذكر للشاعر محمود درويش، بل هناك نصٌ مقرر للشاعر سميح القاسم لأنه درزي، وهذا النص ليس له علاقة بالوطنية، وإنما هو نص ذاتي!
كما أن النصوص الدينية فقط تشير إلى النبي شعيب وعلاقته بموسى، كذا فإن كتاب النصوص يشير إلى أن زمن هذه العلاقة يعود إلى ثلاثة آلاف سنة كما يزعم واضعو المنهج!!
وأغفلت كتبُهم أفكارَ المؤرخ والأديب الدرزي شكيب أرسلان في القرن التاسع عشر والذي قال:
“الدروز عرب أصلاء، وهم فرقة شيعية ، مؤسس الطائفة حمزة الزوزني، ونسبت الطائفة فيما بعد لأبي السعيد الدرزي!”
وكنتُ قد رصدتُ منذ شهر تقريبا كيف تمكن الإسرائيليون من سلخ طائفة الغجر عن فلسطينيتهم، واستغلَّ رئيسُ بلدية القدس الإسرائيلي نير بركات حالة فقرهم وإحباطهم فقام بزيارتهم، بتاريخ 28/10/2012 يهنئهم بعيد الأضحى، كما أن إهمالنا في حقهم أسهم في هذا الشرخ، ومما جاء في التقرير:
“يقدر عدد الغجر في إسرائيل ألفين، يعيشون في مناطق مزدحمة وضيقة حول باب الأسباط في المدينة القديمة في القدس، ويعيش جزءٌ منهم في مخيم شعفاط للاجئين الفلسطينيين، وهناك جالية أخرى صغيرة منهم تعيش في غزة، وهم مسلمون، ولكنهم لا يعرَّفون كعرب أو فلسطينيين، وهم شأن (الأقلية) العربية في القدس يحملون بطاقات الإقامة، وليس الجنسيات.
قال مختارهم عبد سليم:
“نحن نحب دولة إسرائيل، ونطالب بالاندماج فيها، ونرغب في الحصول على الجنسية الإسرائيلية.
واستطاعت المعلمة الإسرائيلية عوفرا ريغف أن تختلط بهم وتساعدهم عام 2006 ، لذلك أسموها (المختارة) وهي تدعم تدريس أبنائهم وتساعدهم في الوصول للمنح المقدمة لهم من بلدية القدس”! قليلة هي وسائل الإعلام التي نشرت خبر البحث الأكاديمي عن مناهج الدروز، وما أندر مَن حللوا هذه الظاهرة!!
لأن السياسيين الفلسطينيين مشغولون بالمناكفات السياسية والحزبية، أما الوزارات الفلسطينية فهي الأخرى لا تتدخل في هذا الشأن لأنه ملفٌ سياسي من اختصاص الجهات المسؤولة!!
سنظل في حالة الاندهاش، بدون أن نبذل يد المعونة لهؤلاء وننجيهم من الانزلاق في أحضان إسرائيل، ذات الخبرة الطويلة في تفتيت المجتمع الفلسطيني!
إن الفُرقة والتقسيم تجاوز الغجر والدروز وأصبح يطال كل الفلسطينيين،وهو بالتأكيد يؤثر سلبا على قضيتنا الفلسطينية العادلة!
فالمقدسيون غير الضفاويين، وغير الغزيين وغير الثمانية وأربعينيين وغير المهجرين وغير المغتربين….!!