المَاتَادُور الأخير

محمد خلاد السكتاوي | المغرب


جئتُ لأراك
في هذه الليلة الأخيرة
فلا تضعي مشاعري في قدح نبيذ
باب بيتي مفتوح للرياح
ولفراشات الضوء
وبابك نقشت عليه اسمك بالهيروغليفية
وأوصدته إلى الأبد

دعيني أسترد شقائق النعمان
التي غرستها في حقل الحنطة على صدرك
لقد سئمتُ هذه المدينة
يصير فيها الإنسان ماتادور
يصارع الثيران المنهوكة بالجراح
ليخلق فرجة الفرح

من زمن بعيد
ثبَّتْتُ حُبَّك بالمسامير على يدي
وسرت في مواكب الرهبان
أحمل جسدي على الصليب
وأرتِّب وقتي لأكون من فرسان المدينة
أصارع الثيران بثوب مُوشَّى بخيوط الدم

كنتُ مكشوفا لطعنات ثور هائج
و لم يكن لي حصان
يعدو في الحلبة مسربلا بدرع
يحميني ويحميه

رفعتُ ردائي الأحمر
لوحت به في السماء
وقفت وحدي أمام الثور
ننظر إلى بعضنا البعض
وينظر إلينا الموت بسخرية

كان جسدي ينزف
وحش كاسر في داخلي ينهشني
وثور جريح أمامي
عيناه تقدحان بالشرر
وأنتِ على المدرَّج تصحين
‏Ole Ole أُولِي*
كأنّك تنتظرين من يسقط منا قتيلا

تراجع الثور خائراً إلى الوراء
وهز رأسه الدامي
ثم اقترب مني بكثير من الجلال
ضرب حوافره بالتراب واندفعَ جامحا
كان قرناه في اتجاه صدري
حينما انعطَفتُ مُتحَدِّباً
ليمرقَ سريعاً تحت إبطي
ترنّحْتُ مثل بطل إغريقي
أصابه رمح إله باطش
قبل أن أهوي على الأرض
‏Olé Olé

دفنتُ حبي بين خفقات قلبي
فقد عرفتُ أنك قايضْتِ روحَكِ
بحفلة موت رهيب
وتخلَّيْتِ عن كل شيء
وتخلَّيْتِ عني
—————
الماتادور: مصارع الثيران في اللعبة الإسبانية الشهيرة corrida de toros ، وهي لعبة دامية تنتهي بموت أحد طرفي المصارعة الثور أو الماتادور
 Olé أُولي صيْحة يطلقها جمهور ميادين مصارعة الثيران كلما انثنى الماتادور / المصارع في حركة خفيفة ورشيقة أقرب إلى الرقصة تفاديا لطعنة قرن الثور القاتلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى