رسائل لم تصل بعدُ.. أزاهير الحرف
ناصر أبو عون
ما أَنتَ إلا فكرةٌ تُطوِّحُ سَجَّانها في الفضاء!!
فهل ساومتَ النجوم التي حَطَّتْ على كتفيك أَمْ قايضت السّماءْ
///
في مَريولِها الأبيضِ تختبيءَ الشمسُ
يطلعُ القمرُ من نقوشِ حِناءِ كَفَّيها
الروحُ تستظلُ تحتَ شجرِ ابتسامتِها
يتدثرُ الحنينُ في أكمامِها،
تتقاطرُ الرحمةُ من جيدِها
توزّعُ نورَها السرمديّ على أَسرّة الأملِ
في البياضِ تُسَطِّرُ قصائدَ عشقِ
يرقصُ على شطِّ بحرِها الحالمون بحياةٍ جديدةٍ
في يديها أصابعُ بيانو،
وعلى كتفيها ينامُ اليمامُ
تسَّاقطُ رُطَبُ الكلام من نخلةِ شفتيها بَلسمًا
تُداوي جروحَ الليلِ
يخبيءُالمتعبون قمرَ جبينِها في قُمصانِهم
زبرجدًا مسكونًا بالأغنيات
في خطواتِها صندوقُ موسيقى،
في مِشْيتِها نوتةُ أوتارِ كمانٍ عطشى للعزف
ضحكتُها شقشقة عصفورٍ بلَّلَه المطرُ
تعريف حضنها في معجم الطفولةِ: ملفوفُ الشيكولا بزُبْدَةِ الشِّعْرِ
وإبهام يمينِها راية نصرِ
همستُها قلبُ أمِّ وعشرةُ أوطانٍ
في كفِّ طفلٍ صغير لا يلقي بالًا لتعليمات جغرافيا الأجسادِ، وأعرافِ القبيلةِ
ويخاصمُ بين ذراعيها حرّاسَ خطوط التماسِ بين الألقاب
لا يعرفُ الخطوطَ الفاصلةَ بين الحَبِ ودوائر الرفضِ
إشارتُها ترياقٌ
يسكنُ في المنطقةِ الوسطى ما بينَ القُبلةِ والقلبِ.
غضبُها خاتمُ البراءةِ من تهمةِ العشقِ المدجَّجِ بالـ”كاتيوشا”.
تجيدُ التدفقَ في بحرِ الألمِ عِشقا معجونًا بالموسيقى.
إنها ملاكُ الرَّحمةِ
///
شَهَقَاتُ الموسيقى تَنِزُّ مِن شَامَاتِ خَدودِ القمرِ
تَصَّاعَدُ إلى سِدْرَةِ قَلبِهِ المُسَجَّى
تَستيقظُ الأحلامُ منْ نُعَاسِهَا
فيرقُصُ من فَرْطِ شَوقِهِ على أَصابِعِ البيانو:
(دُو): دَمعةٌ تسقطُ في حُضنِ الكَفِّ.
(رِي) : رُوحٌ تَسرِي في بَدَنِ الحُلمِ وصُندوقِ الموسيقى.
(مِي) : مسافةٌ مُفَخَخَةٌ بالعشقِ تكشفُ مَخْبوءَ القَلبِ.
(فَا) : فَاصِلةٌ في نِهايةِ الحِكايةِ بوعْدٍ مُؤجَّلٍ باللقاءِ.
(صُو): صَوتُ ضَمَّةِ صَدْرٍ تُهَدْهِدُ الوقتَفوقَ أَسِرَّةِ الشَّغَفِ.
(لَا): لا شيءَ في عُيونِها سِوى تَنْهيدةِقَمرٍ يَخْضَوْضِرُ بالحنَّاء.
(سي): سَقْطةُ العاشقِ في بحرِ طُهْرِهَا.
لا تعتذرْ
لن تنتهي كلُّ الفصولِ هنا
فكل أحلام المدى
دارت على شفتيكَ شعرا
و الرحيلُ مبادئُ العوداتِ للحزنِ القديم
فلا تعدْ
ما أنت غير مدائن الخوف البعيدة خلف أستار الترجّي
///
أناملُ الفُرشاةِ لا ترتوي من رِضَابِ قلبِها..
ترسمُ تحتَ جِلدِ اللوحَةِ قصيدةً غجريةً،
أغنيةً تتمرّدُ على قافيةِ الحُزنِ
تَحْسَبُ انصهارَ قَلبِهِ لُجَّةً
عبرَتْ نهْرَ عِشقِهِ ولمْ تكشفْ عَن سَاقيها القَصيدةُ
رَقَصتْ على مَاءِ وَجْدِهِ دونَ بَلَلٍ
تتبعُها خيولٌ تصهَلُ بالحنينِ
ونهنهاتُ العَذَارى صَلَبْتُهُ قِدِّيسًا مَا بينَ السُّبَابَةِ والوُسْطَى
سكبتُه حليبًا ممزوجًا بالموسيقى في كأسِ الليلِ
طبعتْ فوقَ جَبينه قُبلةً عُذْريّةً
وانْسَلَّتْ مِن خَاصِرةِ الحُلمِ.
///
الآن يبكي إصبعُ الطَّبشورِ حُزنًا على فِراق يَديكَ الحَانيتين،
كم كنتَ تبدو سعيدًا والأتربةُ المتناثرةُ من شَقاوةِ الأطفال في فسحة الظهيرة،
تصعدُ سُلَّمَ ابتسامتِكَ وتَبزغُ من عينيكَ الواسعتينِ قمرًا يضيءُ فوق جلباك الأبيض
يُزخرفُ أكتافَ كتابِكَ الصوفيّ..
يُسابِقُ الريحَ على قارعةِ الحلمِ إلى حضنك الدافيء
تنثُرَ ماءَ الحياءِ على رأسِكَ
ابتسامتُكَ تتخَلُّقُ ملاكًا
يسامر الأطفال في طرقاتهم يؤانسَهم في سويعاتِ وِحدِتهم،
يتلو عليكَ آناءَ الليلِ قرآنَه
يغني أطرافَ النهارِأناشيدَ ولاءٍ
ويتوشَّحُ بتسابيح الخلودِ
يسكبُفي عقولِنا (أكوابَ الصلاحِ) شهدًا
///
معلمي وصديقي
عندما ترحلُ
لا تنسَأن تتأبطَ أغنياتِكَ
لا تنسَ أن تُريقَ دمعًا توضأ الشمس من قطراته
ونحنُ
لن ننسى أن نوزِّعَ عصيرَ مَحبتكَ في كلماتِنا وأغنياتِنا
لن ننسى أن نسقي الشمس شَهْدَ بهجتكَ، في طرقات الله
لن ننسى أن نمسح على أقدامِ القمرِ ليهوي مُقبِّلا طرفَ جِلباك إجلالا
///
معلمي وصديقي
بقاؤُكَ نور ٌ، وصعودُكَ جوازُ سفرٍ مختومٍ بالرحمةِ
وجْهُكَ يكشفُ عن قلبٍ أبيضَ لم تُلوثه المكائد،
رُوحُكَ ترتدي ثوبًا حَاكتُه حكاياتِ (التخوت المدرسية)، وتطوفُ على عقولنا
تنثر عطر (الطباشير)، وتعزف موسيقى الكلمات المخطوطة على سبورة الحائط المدرسيّ
كم طَلَيْتَ وجهها الكالح بنور عينيك، وأحييتَ قلبَّها بحرارةِ مِعصمَيكَ
كتبتَ سيرتَكَ تعويذةً للخلودِ
وما زِلنَا
نَدَسُّها في طيّاتِ (المريول المدرسيّ)
نُعلقُّها تميمةَ حُبٍّ لا ينتهي وذِكْرى لا تغيب.
///
أيُّها الواقفُ على ناصيةِ الحياةِ
اخلَعْ (نَعْلَيكَ): النفسَ والهوى
في حَضرةِ اللهِ
غادرْ طِينةَ الجَسَدِ
لا تخشَ الدَّيُجُورْ
اسبحْ في بحرِ النُّورْ
وتَقدَّمْ
///
أيُّها الواقفُ على ناصيةِ الحياةِ
بـ(روحٍ مُتجرّدة)
اكتبْ قَدَرَك على سُبُّورَةَ الكونِ الشفيفِ
اكتشفْ بَاطنَكَ وتجرَّدْ من مَظهرَكَ
استمعْ لصوتِ اللهِ داخِلَ رُوحِكَ
وتقدَّمْ
///
أيُّها الواقفُ على ناصيةِ الحياةِ
في عَالَمِ الملكوتِ تتفتّحُ أبوابُ اليقين
تلوذُ إلى عَالَمٍ مُنصْفٍ.. فيهِ كلُّ الأضلاعِ مُتساويةْ
في عَالَمِ الملكوتِ المَرايَا غَيرُ خَادعَةْ
في نهرِ المحبّةِالمَرايا ليستْ مُحدّبةً أو مُقَعَّرةْ
فتقدَّمْ
///
أيُّها الواقفُ على ناصيةِ الحياةِ
في مَقامِ العشقِ الإلهيّ تخرجُ الروح منطِينةِ الزَّبدْ
تخترق الحُجُب، تتطهرُ من أدرانِ الجَسدْ
تعرجُ في سماءِ اللهِ بلا خَطايا
تَعِبُّ الكؤوس من خَمرةِ الإخلاصِ،
ولا تَسْكَّرْ
تستحمُ في سرائرَ من بِلُّورٍ وبِستائرِ كَعبتهِ تتدثرْ
تتوضأُ في جَداولَ منْ نُورٍ وبنوازلِ رَحمتِهِ تستبشرْ
فتقدَّمْ.
///
الحزنُ لا يتوانى
يدقُ على بَوَّاباتِ الفَرحِ،
لماذا يُفلحُ كَثيرا في مُصادرةِ ابتسامتِكَ؟،
لماذا يرسمُ الساخطونَ الفارغونَ من الأملِ
على شَفتيكَ دُعابةً سَاخرةً
لا تَدَعْهُم يَدْلُقُونَ كَؤوسَ خَيبتهم في وجْهِكَ
لا تقفْ مَكسورًا على قَارعةِ التَّمنِّي
في انتظارِ الذي لا يَجيء.
///
مع انبلاجةِ كلِّ فجرٍ غادِرْ مُترجلًا بشوشًا فِرَاشَكَ الأثيرَ
ارسُمْ على وُجوهِ النَّاسِ شجرةً؛ أغصانُها التفاؤلُ وثِمارُها المحبَّةُ
اغتسِلْ في بحارِ الوَجْدِ وتَوضأْ منْ (نورِ اللهِ)
اسجُدْ في مِحرابِ السكينةِ
ابْسُطْ شِغَافَ قَلبِكَ سُجَّادةَ صلاةٍ،
ارفعْ يديكَ وابتَهِلْ تحتَ أغْصانِ سِدْرَةٍ أوراقُها مَنقوشةٌ باسمِ الواحدِ الأحدِ،
اقْطُفْ ياقوتةَ القَلبِ واستلذْ بِطْعْمِ اليَقين..
أرسل وجهك الصبوح والطفولي بِطاقةَ بريد
وامحُ كآبات المَنْسيين في دهاليزِ التَّاريخ،
صَدِّرْ التفاؤل مدموغًا باسم (المحبة)
للواقفين على أطراف أصابعهم في طُرقاتِ الحياةِ
افتَحْ كَوَّة كبرى في جَدَارِ الألمِ،
طاردْ كوابيسَ الليلِ بابتسامةٍ
تحرَّرْ من طينةِ الجَسدِ..
اغسلْ صدرَ أحبتكَ من صدأِ الحقدِ،
انزعْ الخِنجرَ من خاصرةِ الابتسامةِ
وامضِ في عَليائكَ نحوَ الحقيقةِ
واصنعْ مصيرَكَ لا تتوقفْ
وتَعوّذْ باللهِ الأحَد
من شرِّ حاسدٍ إذا حَسَد
///
ينبتُ شجرُ الكلامِ/
في حضرة الأفكارِ المقدِّسةِ
اخلعْ نعليكَ
غادرْ أسوارَ نفسِكَ الأمَّارةِ بالعشق المجانيّ،
خاصمِ الهوى
فُضَّ بكارةَ الرُّؤى
تنتصب المشانق سدى
يغار الندى
تبت يدا
///
نضارةُ صوتِها تسابيحٌ،
فيضُ نورِها سرمديٌ،
دعاؤُهاء ياسمينُ قلبِها الطيِّبِ،
غَيرتُها سلامٌمستباحٌ،
لهفتُها حكمةُ الصباحِ..
هي الأمُ ..قَصَائِدٌ معجونةٌ بالضَّوءِ
تبحرُ في سفينةِ الألمِ وتلتحفُ السماءَ.
تلك السماءُ التي لا تبكي على السَّائرين نِيامًا فوقَ أديمِ الأرضِ،
تلك السماءُ التي تذرفُ السَّحابَ دمعًا لتروي عَطشَ الترابِ
تلك السماءُ التي تُغني للأحياءِ المرزوقينَ عندَ ربِّهم في الفَراديس العُليا.
فيَا صديقي.. الراحلَ خلفَ الحدودِ
تذكّرْ أمَّكَ الأرضَ
تذكّرْ أمَّكَ العِرضَ
تذكّرْ أمَّكَ النّائمةَ على وسائدِ الوجعِ
تذكّرْ أمَّكَ السَّائرةَ إلى اللهِ بلا جَزَعِ
لا تقعْ في غَرام الدنيا، لا تسبحْ عكسَ التَّيار
وتذكّرْ أنَّ البحرَ لا يحتفي بأقدامِ العُشَّاقِ التي تَدَلَتْ في لُجَّةِ المَاءِ،
وأنَّ البحرَ لا يتذكّر سوى أنينِ الأمّهاتِ
وأنَّ البحرَ لا يُسجِّلُ في دفاترهِ أسماءَ القَراصنة،
وأنَّ البحرَ يجهلُ هُويّة السُّفنِ العَابرة..
فقط يحتفي البحرُ بمن قرَّر اكتشاف القاعِ،
والبحثَ عن مصيرٍ آخرَ
ليس نسخةً مُكَرَّرة
///
امرأة صِيغَتْ من حنانٍ وبِـــــــرٍ، من نورٍ ونَهَرٍ
جنةٌ تحتَ قدميها جناتٌ وحُورياتٌ، وحرائر
امرأةٌ تحملُ رُوحًا بلا خَطايا وجَسدًا بلا رَذيلةٍ
صَحْنُ خدِّها: (نجمةٌ) تلمعُ في ليلِصحراءَمُوحِشَةٍ
نور جبينها: سماءٌ من بِلُّورٍ تضيءُ ليل العاشقينَ فيصيرُ نُورانيًا وربَّانيًا.
شفتاها: سماءٌ بلا غُيومٍ تمطرُ عَسلًا
تنضحُبرائحةِ تُفاحٍ مقطوفٍ تَوًا مِن جَناتِ عَدن.
شعرُها: ليلُ للعُشَّاقِ والصبَايا والقِديسين، وعندماتشرقُ شمس الله يصيرُ خيمةً من ذهبٍ، وقُبَّةًمِن مِشْمِش.
جَبينُها: محراب صلاة، ومعبد قرابين، ونهرٌ بلا خَطايا.
عيناها: كتابٌ أغنياتُ العشقِ الإلهيّ ودستورُ الفَضيلة.
شفتاها: (كرز) يحمل بين خطوطه سر الحياة
كلامها: تراتيل تنزّ خمرا معتقة ترد السكارى إلى عقولهم
يديها: تفيضُ حُبًا سائغًا لايتغير طعمُه، مقطوفًا من سِدرةِ المُنتهى
تخرجُ من بينِ أصابِعها ابتهالاتٌ تصعدُ درجَ السمواتِ السَّبع.
إنّها….. أمي….
///
قمرٌ يتربصُ بنجمةِ الليلِ
يلمعُ في أباريقَ من فضَّةِ القلبِ
أَمْ وجعٌ في دمي؟
هل تريحين صَفْصافَه على اتكاءِ الرغبَّةِ
أمْ ترتاحين لموتهِ البطيء
///
لماذا تفلتُ الكلماتُ البريئةُ من أوردتي
فتفقدُ عُذريتَها في حبرِ الكتابةِ
و تفضُّ بكارتَها في دَمي
فتغرقُ أفكاري الحزينةُ
و تبكي يَرَاعَتي في يَدِي
و أنتِ لا تحترفين!!
///
هل قلبي أدمنَ الحزنَ أم سكنته غربانُ الكلامْ
و خفافيشُ القصيدةِ
فقرَّر الصمتَ و ادَّعاءِ البلادةِ
///
اسْتَكِنْ /
الحزنُ خارجٌ منْ فمِكَ يُشبه لغةً قديمةً بلا أبجديةٍ
يوقظُ مجراتِ السمواتِ فتستفيق الأفئدة
يباعد ما بين المسافة والقنبلة
ويغني للمساءاتِ والفرحِ المُباغِتِ
لا تبتئسْ. . . !!
عند حدودِ الريحِ
ألف (قصيدةٍ ) تقفْ
و ألف مِشنقةٍ
لدماكَ التي لم تجفْ
يوميا يورق وهمكَ:
وردةً
نجمةً شاردةً
فأعلِّقُ نفسي على مشنقة الكلامْ
بقايا حطامْ!
أيها الشَّاعر لا تقف خلف أسوار الكلام
اكتبْ ذاتَكَ
ادخُلْ محرابَكَ
أطلقْ أفكارَكَ
سربَ يَمَام
///
هل فاتكَ الوجعُ/
الصافناتُ الجيادُ
أمْ أَرهقتْكَ الأسئلةُ على أرصفةِ الليلِ/
التَّسكُّعُ في شوارعِ النظرياتِ، وأزقّةِ المعادلاتِ/
تختصرُ الوقت في حِجرِ الحبيبة؟!
على حافة المدى.