د.هدى الإمام .. محاربة مقدسية على الخطوط الأمامية للرواية الفلسطينية الأصيلة والأصلية

محمد زحايكة | القدس – فلسطين

منذ أن التقى الصاحب من سنوات بعيدة بالدكتورة هدى الإمام وهي كما هي .. فراشة منطلقة وممتلئة حيوية وذات شخصية جريئة ومقدامة ومحبة، تهب للمساعدة دون أن تعد للعشرة.. وكان الصاحب يعجب من شخصيتها المنطلقة على سجيتها والمتمردة على المفاهيم والتقاليد المتزمتة البالية..

ولاحظ الصاحب قدرتها المدهشة على بناء علاقات دافئة  وطبيعية خاصة مع الأجانب الذين يريدون معرفة وجهة النظر الفلسطينية على حقيقتها ومن أصحابها وسرعان ما يسارع كثير منهم إلى تبني وجهة النظر الفلسطينية أو على  الأقل تفهم عدالة القضية الفلسطينية  لأن طريقة هدى  الإمام لا تعتمد على التنظير فقط وإنما اصطحاب هؤلاء إلى أرض الواقع ومعاينة وملامسة الظلم الفادح الذي حاق بشعب فلسطين على مر العقود .

ويمكن اعتبار أن الفترة الذهبية التي تألقت فيها هدى الإمام هي مرحلة عملها في جامعة القدس وعلاقتها الوطيدة مع رئيس الجامعة آنذاك بروفسور سري نسيبة  حيث كانت كالدينمو الذي لا يهدأ في تواصلها مع المجتمع المحلي والأجنبي من خلال موقعها في أحد فروع الجامعة في البلدة القديمة وأظنه حمام العين ونشاطها المتواصل والفعال الذي لا ينقطع للتعريف بالهوية الفلسطينية والمعالم الحضارية والعلمية للشعب الفلسطيني من خلال تنظيم جولات ميدانية، معظم المشاركين فيها من الأجانب  للتعرف على بعض المحطات  والمعالم والآثار الفلسطينية في القدس ومن ضمنها جولة شاركت فيها ذات مرة إلى مبنى الكلية العربية في القدس الواقعة على إحدى تلال جبل المكبر الغربية والتي حولتها سلطات الاحتلال بعد نكبة 1948 إلى مركز لاستيعاب الطلاب الأجانب واليهود القادمين من الخارج وعمل غسيل دماغ لهم ليكونوا  “صهاينة كاملين”.. حيث قدم لنا الكاتب المقدسي عزام أبو السعود شرحا مهما ولطيفا عن الكلية والمنطقة المجاورة..

وما يميز شخصية هدى الإمام عدا عن ديناميكيتها هو بساطتها وتلقائيتها وطيبتها  و”جدعنتها”  وهي فيما يبدو للصاحب إنسانة لا تميز ضد فلسطيني وآخر بغض النظر عن توجهه السياسي او أصله الجغرافي وهي إنسانة مرحة ومحبة للحياة الراقية صادفها الصاحب ذات مرة  وهي “تتغطس” في بركة  فندق الأميركان كولوني، على ما يذكر،  مع الصديقة لوسي نسيبة أم جمال، فأكبر الصاحب فيها هذه  الجراة بممارسة الحرية الشخصية بقناعة تامة، وكأنها تريد إ‘رسال رسالة إلى المراة الفلسطينية بأنه آن الاوان لممارسة أفعالنا وقناعاتنا الشخصية دون خوف طالما أننا لا نعتدي أو نصادر حرية الآخرين ونتركهم يمارسون قناعاتهم دون أن نعترض عليها.. وأعتقد أن هذا هو عين العقل والحكمة.. رغم أن الطرف المتزمت لا يوافق على وجهة النظر هذه بالمطلق ويهاجمها ويحرض عليها على حساب جوهر الصراع مع المحتل .. ومن يومها وعدها الصاحب بالدعم في 30 شباط  ويبدو أنها قد أخذت على خاطرها من الصاحب لأن 30 و 31 شباط  جاءا وذهبا في حال سبيلهما  عشرات المرات ولم يتنحنح الصاحب اللاهب ولم تر من دعمه، لا أحمر ولا اصفر  ولا أخضر ولا  حتى عورو واحد.. ومن النهفات الجميلة التي “تكتكتها ” الإمام ” هو جلبها “جمل بما حمل”، في إحدى فعاليات خاصة بإنهاء مشروع ترميم محلات تجارية في شارعي الزهراء وصلاح الدين بإشراف مؤسسة الUNDP حيث تهادى الجمل حتى موقف باصات القدس القديم في منطقة باب العمود و”ليتململ” سنامه وعنقه الطويل وتتشنف  أذناه  على أنغام  الدبكة الفلكلورية الشعبية الفلسطينية.

هدى الإمام.. شعلة نشاط لا تهدأ، متأثرة بنمط الحياة المنفتح على الحرية الشخصية بوعي تام وحرص على عدم الإساءة إلى أي كان مع احترام معايير المجتمع وان اختلفت مع بعضها، تجتهد لخدمة قضيتها الفلسطينية على طريقتها الخاصة، محبة وعاشقة للثقافة والفنون الفلسطينية، في حالة دائمة من الابتسام والابتهاج في كل الظروف  ورغم سوداوية الواقع الذي نمر به ..

هدى الإمام حالة خاصة ونموذج من المرأة الفلسطينية والمقدسية التي تدع عملها وإنجازاتها تتكلم عنها.. شخصية مثابرة ومجتهدة لا تعرف الراحة والسكون وهي كذلك راهبة وعاشقة متيمة  في محراب القدس. تحية كبيرة لهذه البنت المقدسية اللبؤة .. ولتلك المراة الزهرة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى