قراءة في “امرأة اسمها العاصمة” للرّوائي الفلسطينيّ إياد شماسنة
قمر عبد الرّحمن | فلسطين
لقد سجّلتُ مقطعًا قبل سنوات من هذه الرّواية، وما زال محفوظًا عبر قناتي على اليوتيوب، وصفحات عديدة من مجموعات الفيس بوك، ومن وقتها واسم الرّواية عالقٌ بذاكرتي، لكنّي لم أتصوّر أن أُعجَب بها حدّ الدّهشة؛ هذه ليست رواية فحسب.. إنّها موسوعة أفكار.. لوحة فسيفسائيّة من الجمال والمعرفة!!
“امرأة اسمها العاصمة” تجذبك منذ البداية، كقطعة حلوى سقطت في يد طفل، يتأمّلها جيّدًا قبل أن يبدأ بأكلها! تأمّلتُ كثيرًا اسم الرّواية قبل طلبها من الصّديق إياد شماسنة، وفكرت فيما لو كانت المرأة فعلًا عاصمة لمن تحب؟! هذا التّشبيه البليغ بين “المرأة والعاصمة” والرّبط المقصود أعتقد بين “المدينة المقدّسة والأنثى المُقدّرة” في غاية الرّوعة والإتقان.
“امرأة اسمها العاصمة” تروي ظمأ القارىء المتعطّش للجمال الحقيقيّ، وكأنّي قرأت كتابًا مفهومًا بلغاتٍ شتّى. عاتبتُ “دنيا الأنصاري” بيني وبين نفسي على ما فعلته في النّهاية، فمن المؤكد أنّها تشعر بالنّدم حتّى اللّحظة!! عَشقتُ بطل الرّواية (أحمد العربيّ) وتذكّرتُ قصيدة (أحمد العربيّ) للشّاعر الخالد محمود درويش وسمعتُها مُجدّدًا عبر اليوتيوب، هذا الاسم يجذب القارىء ويجذب المستمع، لا أعلم لماذا؟ لكنّه قريب من الذّوق.
في “امرأة اسمها العاصمة” كنت أقرأ الصّفحة ثمّ أعود إليها مرّة أخرى، وكأنّها زجاجة عطرٍ لا يُشبع من عبقِها، الذي صُنع من عشق الأرض والمرأة. وإذا كان من حقّ القارىء أن ينتمي لرواية، فأنا أعلن انتمائي لهذه الرّواية، ففي كلّ صفحة تعلّمت شيئًا جديدًا.
كما أنّ لغة الرّواية تغنيك عن القهوة! لغةٌ تخاطب كلّ شيءٍ فيك الوطن.. العشق.. الفكر.. الرّوح.. الشّعر.. التّاريخ.. الفن.. القداسة.. إنّها رواية كُتبَت لتَصنعَ من المرأة “عاصمة”
كما تَصلحُ لأن تكون ملجأً للهروب المتواصل من اللّاحياة للحياة.
تنتهي من الرّواية وأنت مُشبعٌ بالفكر النّاضج، والثّقافة العالية، والتّاريخ المُتخم بالتّعب، وكبرياء الحبّ، والدّهشة المركّزة.
جميل جدًّا أن يكون الشّاعر روائيًّا.. عندها تصبح القراءة بنكهة “كوكتيل الفواكه بالمكسرات”.
^^
الرواية صادرة عن دار فضاءات للنّشر والتّوزيع/ عمّان الطّبعة الأولى عام 2014