حتى يظل تعليمًا عاليًا؟!.. قراءة في مصطلح يتحرك نحو المجاز

د. حسام محمد إلهامي| أكاديمي مصري  – أستاذ الإعلام المساعد – جامعة زايد، الإمارات – مدير تحرير جريدة عالم الثقافة

hosamelhami@hotmail.com

من خلال قراءته للتاريخ طرح عالم الاجتماع البريطاني “هربرت سبنسر” أن المجتمع يشبه الكائن الحي، له مكوناته، وأجهزته التي تبقيه على قيد الحياة، وأن المجتمعات تمر بمراحل الطفولة والنضج والشباب والكهولة فالانحلال، وهو ما أكده قبله ابن خلدون، ولكن سبنسر ذهب إلى أبعد من ذلك، فقال إن للمجتمعات تناسل وإفرازات، فهى تتطور من البساطة إلى التعقيد، وكلما تعقدت أكثر، كلما انفصلت عنها أجزاء، واختفت منها أجزاء.  

خلق المجتمع الجامعة من رحمه منذ عدة قرون، وأوكل لها مهمتين؛ التعليم “العالي”، والبحث العلمي، أي نقل المعرفة، واستكشافها، حل المشكلات المستعصية بالعلم، وإعداد كوادر مؤهلة لممارسة مهنة ما عبر ما تمنحه هذه المؤسسة من شهادات.

من يُطل الآن على صورة المؤسسة الجامعية، وأدوارها الفعلية – لا المفترضة – لابد له من أن يُصاب بالدوار، ليبدأ في التساؤل: في أي مرحلة تعيش تلك المؤسسة وفق رؤية سبنسر وابن خلدون؛ الشباب أم الشيخوخة؟! فأي تفكير عميق مخلص جاد، يتحلى ببعض الصدق مع النفس يقودنا إلى الحكم بأن قسمًا كبيرًا من الجامعات انحرف عن الدور السالف، وصار يمارس أدوارًا هشةً، إن لم تكن تضر بالمجتمعات الحديثة بما “تفرزه” ليل نهار من أنصاف وأرباع متعلمين، وأشباه بحوث عبر ماكينة بحثية باتت تركز على الكم أكثر مما تولد الكيف.

لا ينكر أحد أن الجامعة كانت من العوامل الأساسية التي نقلت البشرية نقلات غير مسبوقة؛ من الدواب إلى السيارة والطائرة، من المطبوع إلى المسموع والمرئي والرقمي، من الأمراض الفتاكة إلى إطالة متوسط عمر الإنسان، من الزراعة البدائية إلى الزراعة المهندسة وراثيًا، من الخوف من الطبيعة إلى السيطرة عليها، من الخرافة والأسطورة إلى التفكير العلمي العقلاني وقوانين مكنت البشر من التحكم في الطبيعة، من مصادر المياه المحدودة إلى المطر الصناعي وتحلية مياه البحر، من الاستضاءة بالحطب إلى توليد الكهرباء بالطاقة النووية وأشعة الشمس وطاقة الرياح، من بيوت القش والحجر إلى مستوطنات الفضاء، من أرضٍ كان يُعتقد أنها مركز الكون إلى كون مساحته تقدر بـ: 93 مليار سنة ضوئية هى مساحة الكون الذي أمكن رصده فقط.

رغم كل ذلك، تجري حاليًا عملية تحول اجتماعي غير منظورة تضع الجامعة في ثلاجة الجمود، والهشاشة، والسطحية، والتهميش. ولكن كيف ومتى حدث ذلك؟!

“الجامعة” هي نبت العصور الوسطى، فقد تفتقت عقلية عصر النهضة عن إيجاد كيانات تُكرس نفسها للتعليم العالي، ومنح الشهادات، لا يقتصر دورها على تلقين العلم، بل توليده وتجديده على هيئة اكتشافات علمية يمكن الوثوق بها، عبر عقول علمية نابهة، تعمل على تشخيص المشكلات والاختلالات في الواقع، وتصحح مسارها وتصلح أحوالها وتعمل على نفع البشر والارتقاء بهم.  

وأثناء قيام الجامعة بذلك تُعد، وتشهد على إعداد مهنيين لممارسة المهن التي تحتاج إلى مجهود ذهني، وتبشر ببزوغ طبقة اجتماعية جديدة، أطلق عليهم “المهنيون”، أو ذوي الياقات البيضاء، تمييزًا لهم عن ذوي الياقات الزرقاء أو طبقة العمال.

وحتى منتصف القرن العشرين تقريبًا كانت الرؤية واضحة؛ مجتمعات أوكلت للمدرسة وظيفة “التربية” ثم “التعليم” الذي يتم عادة من خلال نقل المعرفة ومحاولات لاكتشافها، فيما تقوم الجامعة بشكل كامل على التعليم القائم على البحث والاكتشاف والممارسة التطبيقية. ومن لا يقدر على البحث يتوقف عند حد الاحتفاظ بالمعرفة التي نقلت له أثناء المدرسة، وينخرط في سوق العمل في مجال مختلف، وليس أقل شأنا كما حدث للأسف بالكثير من المجتمعات!!، والتي يتعالى فيها الحاصلون على شهادات دراسية أعلى على غير الحاصلين عليها بشكل طبقي مقيت، (يكفي أن نذكر أن الدول الصناعية المتقدمة ساعة العمل فيها للعامل أعلى من أجر ساعة عميد كلية مثلاً، لهذا يقبل غير الشغوفين بالتعليم الجامعي على الانخراط في سوق العمل)؛ هذا المنطق الطبقي المغلوط هو ما أوجد في بلداننا العربية ذلك الهوس لنيل الشهادات دون تعليم لتقليل تلك الفوارق الطبقية المزعومة، ودخول الكثيرين ممن لا يصلحون للتعليم العالي إلى جامعات ضعيفة المستوى طمعًا فقط في تقليل الفوارق الطبقية غير الإنسانية وليس شغفًا بالعلم ولا سعيًا للتعليم.

والمتأمل بصدق مع النفس لحال الجامعات العربية على وجه التحديد لابد أن يكتشف انها انحرفت بصورة أكبر عن مسارها المفترض خلال الخمسين سنة الماضية، فأفلتت الجامعة من مدار جاذبية العلم والتعليم والاكتشافات، ليسبح الكثير منها في عبثية مطلقة، أفقدت المجتمع ثقته في الجامعة كمؤسسة، وجعلته لا يكترث بمخرجاتها، وفقدت استقلالها النسبي، إما لصالح الدولة أو لصالح نماذج أجنبية مستوردة سابقة التجهيز، أو لصالح رأس مال ينظر للربح السريع.

وتنخرط الكثير من الجامعات الخاصة (التي تتكاثر يومًا بعد يوم) من أجل اجتذاب المزيد من الطلبة، لدرجة جعلت التعليم الجامعي سوقًا كبيرًا يتخطى الحدود الوطنية للدول تتنافس فيه الجامعات عبر تقديم العروض والمغريات!! ولكنها للأسف ليست عروضًا في جودة التعليم، كما تعرض في مواقعها الإلكترونية، ولكنها عروض على في شروط الالتحاق، والعمق والإجهاد الذهني، وضمان الانخراط في تجربة ممتعة لا تتفق في بعض الأحيان مع عمق العلم، وتكريس مبدأ شاع في التعليم المدرسي، ويراد له أن يقتحم أسوار التعليم العالي، مبدأ يطلق عليه بالإنجليزية (ُEdutainment)، ويترجم إلى التعليم بالترفيه، إلى جانب شيوع فكر سطحي مؤداه أن القراءة أمرٌ سيء!! ودليل على جمود التعليم، والمهم الممارسة العملية!!

وهكذا، وبعد مهاجمة الفن والإعلام والدين، بدأت “الشعبوية” والسطحية في مهاجمة العلم والجامعات الخاصة وانتقلت العدوى إلى الجامعات الحكومية، فأنت الآن – ودون مبالغة – تستطيع أن تدرس أي تخصص في أي دولة، لتحصل على أي درجة علمية، من البكالوريوس إلى الدكتوراه، بطرق شديدة المرونة والتساهل.

كان العلم، ومازال، وسوف يظل بنية عميقة، بنية مجهدة لا تقوى عليها إلا العقول الرصينة التي تأنف البساطة والتسطيح، فكما يقول المتنبي: وإذا كانَتِ النّفُوسُ كِبارًا *** تَعِبَتْ في مُرادِها الأجْسامُ.

وأخطر ما يؤدي إلى تردي العلم في مجتمع ما أن يتحول العلم إلى سلعة رخيصة المنال، متاحة لمستويات من العقول لا تحتملها، ولا تستحقها، بأرخص الشروط والجهود، ساعتها فقط يصير العلم كالمعدن الخسيس الرخيص لا قيمة له. لقد كان المطلوب إتاحة العلم بصرف النظر عن القدرة المادية، فلم يتحقق ذلك، وصار التعليم متاحًا بصرف النظر عن القدرة العقلية للأسف الشديد!!.

وبالعودة إلى فكرة سبنسر سنجد أنه مثلما أبعد الغرب الكنيسة عن السياسة، وأبعدت الديموقراطية الدولة عن التشريع والقضاء، ربما يأتي الوقت الذي يُبعد فيه المجتمع الجامعة عن صنع المعرفة وإنتاجها، لتقبع في الخندق الذي ارتضته لنفسها، وهو إعداد العمالة نصف المدربة!

وكما يؤكد ميشيل فوكو خلال مناظرته الشهيرة مع ناعوم تشومسكي عام 1971م، فإن إفراغ الجامعة من مضمونها ووظيفتها يحولها إلى أداة خطيرة، حيث تبدو في الظاهرة وسيلة لنشر المعرفة، ولكنها في الجوهر تصبح مجرد قناة للتمايز الطبقي، ومنظومة تعزز من سيطرة الطبقات المهيمنة، وممارسة ما اسماه “الغرس المنحرف”، ويقصد به تحولها إلى جهاز من أجهزة الدولة، مهمته مجرد بث القرارات، وغرس التوجهات، شأنها في ذلك شأن مؤسسات الوعظ التي سبقت الجامعة إلى الانجراف إلى هذا الطريق في بعض المجتمعات والعصور التاريخية.

وعلى مستوى آخر وأهم تراجع دور الجامعة في إنتاج المعرفة العلمية، وتراجع دورها في معاونة ومؤازرة الباحثين في ظل غياب للهدف والفعل والسياسات على مستوى البحث العلمي، والانشغال بالتعليم والجوانب الإدارية بالدرجة الأكبر، والتحجج بشح الموارد الكافية للبحث العلمي (يستوي في ذلك الجامعات الحكومية والخاصة) ليصبح البحث العلمي وظيفة روتينية، يقوم بها الأستاذ ليُرقى أو ليجدد عقده السنوي، ويستمر في الوظيفة، لا ليحل مشكلة واقعية، في سياق صار فيه الحكم على الكم لا الكيف، وسط اتفاقات مشبوهة تعقد بين بعض الأستاذة على تبادل الأسماء على البحوث، وبين الأساتذة وبعض المكاتب المنتشرة حول العالم لتسليم بحوث سابقة التجهيز معدة للنشر في المجلات العلمية ذات تصنيفات عالمية، وتكون رتبة البحث والمجلة وفق السعر الذي يدفعه الأستاذ، وأخيرًا اتفاقات مشبوهة لعقد مؤتمرات وهمية اشبه بحفلات السمر وجلسات النميمة، هدفها سياحي مادي لامتصاص بعض السيولة التي توفرها بعض الجامعات لأعضائها للسفر للمؤتمرات لا أكثر، دون جدوى حقيقية لما يعرض فيها من بحوث علمية أعدت على عجل للحاق بموعد المؤتمر.

أما البقية الباقية الجادة في البحث العلمي من الأساتذة فتصطدم بأن البحث العلمي صار مسئولية الباحث وحده يحملها على عاتقه بين مطرقة التدريس، وسندان الإداريات، وتنظيم الفاعليات والأنشطة الترويحية والمناسبات الاحتفالية لاسترضاء أطراف كثيرة وتحقيق أهداف لا علاقة لها بالعلم أو بالتعليم. 

والمعلوم أن وزارات التعليم العالي في الكثير من الدول تشترط إنفاق نسبة معينة من الميزانية السنوية للجامعة على البحث العلمي، إلا أن ذلك للأسف يتم على الورق فحسب، وتحول الأموال فعليًا لتغطي أشياء أخرى لا يكون لها علاقة بالعالم والبحث العلمي.

ولعلاج ذلك الخلل انخرطت الجامعات في محاولات للقيام من تلك الكبوة. بعض هذه المحاولات كان جادًا، ومعظمه شكلي وغير صادق، فأخذت الجامعات تبحث عن بديل لعلاج هذا الوهن المستشري، من تطبيق لبرامج لضمان الجودة، أو الانخراط في محاولات الحصول على مؤسسات للاعتماد الدولي، أو البحث عن معايير التصنيفات الدولية للجامعات، وهى خطوة جيدة بلا شك، ولكن للأسف الكثير من هذه المعالجات كان مظهري الطابع احتفالي الهوى، يوحي بأن شيئًا ما يحدث.

وتحت ذرائع الجودة، توغلت الجامعات بإداراتها على عمل الأستاذ الجامعي، وأخذ دور أستاذ الجامعة يتقلص تدريجيا، فلم يعد له إلا وجود شكلي يقوم أغلبه على ملء العديد من النماذج الادارية اعدتها مكاتب ادارية استشارية بزعم ان هذه هى أدوات ضمان الجودة، فصار التعليم العالي في العديد من المجتمعات خاليًا من الدور الفعلي للأستاذ الجامعي، الذي كلن بمثابة صمام الأمان وعقل التعليم العالي الواعي الرشيد؛ لذلك لا تستغرب ان تجد خريجًا للتعليم العالي أضعف من حملة الاعدادية منذ 50 عاما مثلا، رغم أنه تخرج من جامعة شهد لها المجتمع بتطبيق معايير الجودة.

وعلى مستوى آخر من العبثية، الأستاذ الجامعي الذي يفترض أن يقوم هو بالتقييم، صار هو من يتم تقييمه من قبل طلاب وإداريين وزملاء على نحو مبالغ فيه (لدرجة وصلت فيها التقييمات المصطنعة للأستاذ إلى عدد أكبر من التقييمات التي تعقد للطالب الذي يُدرس له!)؛ وعلى نحو أجلس الأستاذ على مكتبه أو في مكتبته أو معمله خائفًا يترقب التقييم تلو الآخر، يسترق الوقت للبحث العلمي استراقًا، وسط دوامة الأعباء والمهام والأدوار المتعارضة مع بعضها، والدخيلة على العلم التي يجب عليه أن يقوم بها ليحافظ على تقييمه مرتفعًا عند كل هذه الأطراف.

بل لعل مما عجل من شيخوخة المؤسسة الجامعية تطبيق نظم ورقية للجودة في أغلب الجامعات العربية، (لدرجة جعلت البعض يصف هذه النظم بأنها واحدة من أكبر عمليات النصب في تاريخ العالم العربي، بعدما أهدر فيها من مليارات دون عائد واضح)، خلافا لبرامج لجودة في التعليم المدرسي التي طُبقت على نحو أكثر رشدًا ونضجًا، ليتم التراجع بعد عناد طويل عن برامج الجودة الجامعية، وتبني برامج جديدة تقوم على الاعتماد الأكاديمي Accreditation من مؤسسات اعتماد دولية، أو اللهاث خلف رفع ترتيب الجامعة في تصنيفات الجامعات العالمية.

لا يمكن أن ننكر أن قلة من الجامعات كان صادقًا في تطبيق معايير الجودة و الاعتماد الأكاديمي الدولي، ويحاول اللحاق بركب التقدم واستعادة شباب الجامعة وسمعتها، إلا أن معظم الجامعات للأسف الشديد، إما عن جهل أو عمد أو طمع في الربح السريع يسير بخطى ثابتة نحو جودة شكلية، وبخطى أسرع نحو الشيخوخة، بل أن بعض الجامعات صغيرة السن، حديثة العهد ولدت حاملة لمرض الشيخوخة المبكرة، فاقدة للبوصلة وللدور الحقيقي والجوهري، تسير عكس الاتجاه وتهيم في فضاء العبثية، عاجزة حتى عن نقل العلم، ناهيك عن توليده!

البعض الآخر لجأ إلى حل أكثر رشدًا، وهو فكرة الجامعات البحثية Research Universities، التي تقوم على تهيئة الأجواء لأعضائها لممارسة العمل البحثي ونشر البحوث العلمية الرصينة، بعيدًا عن التقاتل الوهمي على منح الشهادات التعليمية، وشغل هذه العقول العلمية النابهة بتفاهات منظومة تعليمية يتم وضع ترسانة من العوامل لتكون سطحية، غير أن إنشاء هذا النوع من الجامعات البحثية مازال مكلفًا للغاية، وغير ذي عائد قصير الأجل أو ملموس، لذلك فهو مازال قليل العدد في العالم أجمع.

والسؤال الآن: كيف، ولماذا، ومتى، تحولت الجامعات إلى ساحة شعبية، العلم فيها ملقى على قارعة الطريق!! العلم لا يمكن أن يكون ملقىً على قارعة الطريق. العلم بنية شاقة جادة كالعمل، والعبادة، والثبات على الأخلاق والمبدأ. التعليم العالي بنية عميقة، تسطيحها جرمٌ، وإسراع في الركض نحو الشيخوخة المنذرة بتحول الجامعة إلى عبء على المجتمع، لا بد أن يتخلص منها، ويبحث له عن شكل مؤسسي أكثر جدية لنقل المعرفة وإنتاجها.

في العلوم الاجتماعية شيء يطلق عليه “مؤامرة الصمت”، وتعني ان يكون هناك خطأ كبير في مجتمع ما، ولكن الكل يصمت ازاءه، ولا يتحدث فيه ابدًا، بل لا يطرحه للنقاش. أيمكن القول أن شيئًا من هذا القبيل يحدث ازاء التعليم العالي؟ يعلم الكل أنه عليل، ومع ذلك الكل صامت!

يبدو الأمر كما لو أنه لا خيار؛ فإما أن يكون المجتمع العربي شجاعًا، صادقًا مع نفسه، قادرًا على إجراء جراحة مؤلمة لإصلاح الجامعات واستعادة دورها وهيبتها وانقاذها من مستنقع السطحية، أو أن يظل يخادع نفسه، محتفظًا بالجامعة بكل ما فيها من علل وأمراض، تفقدها المزيد والمزيد من الاحترام في المجتمع.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى