أدب

رَسَّام اللوحة

عماد أبو زيد | كاتب وقاص مصري

وددتُ مصاحبته على الرغم من فارق السن بيننا، كنتُ في سن مبكرة حين رأيته لأول مرة، وهو يرفل في جلبابه الفضفاض، يجذب نفسًا من سيجارة، يطلق الدخان في الهواء، في صورة أقرب إلى ناسك، يتأمل السماء أو فنان يرسم لوحة في الفضاء، بضربات زفيره.
قسمات وجهه المُريحة، توميء أنه ابن بلد أصيل، مشيته تُنبئ بأنه واحد من الأعيان، لديه أطيان، أو شيخ لهُ أتباعه ومُريدوه، وتحت إمرته حرس وخدم بلا عدد.
رأيته فيما بعد يُدلي الدلو في بالوعة بيت، ثم يسحبه بالحبل حتى يدنو من يديه، فيحمله، ويتحرك به بضع خطوات، يُفرغهُ في عربة الكسح.
كانت صغيرة، صُنعت من الحديد على هيئة أسطوانة، تأخذ وضعًا أفقيًا فوق عجلتين، ويجرها بغل. عندما تأخذ حمولتها، يُحكم مُرضي غطاءها الصاج، ويغسل يديه. يجلس أعلاها، ولا ينسى أن ينفث الدخان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى