البامية بتَتقرمعِش

المحامي حسن عبادي | فلسطين

دخلت غرفة لقاء المحامين في سجن إيشيل ببئر السبع فوجدته واقفًا فقلت له: “وأخيرًا التقينا! كيفك نائل؟” فأجابني باستغراب: “كيف عرفتني”؟ أجبته: “ما أنت سِلِب!” فابتسم ساخرًا وقال: لا مشاهير ولا رموز في السجن، كلّنا أسرى ولنا أهل ينتظرونا.
كان هذا لقائي الأوّل بالأسير نائل صالح عبدالله البرغوثي، الزيارة الأولى تعثّرت بسبب نقله من سجن هداريم ليلة الزيارة المقرّرة، وحدّثته عنها وعن تلك “الفرحة المؤقّتة”، بادر قائلًا: أعدتني إلى لقاء الوداع مع والدي حين التقيته في هذه الغرفة ذاتها، يوم 12.08.2004، يرافقه حفيده صالح وكان في الرابعة عشرة من عمره واستشهد لاحقًا، وتوفّى يوم 08.10.2004.
حدّثني عن اعتقاله المتجدّد، حيث قطف البامية من حقله وخرج من بيته لصلاة الفجر، وطلب من زوجته انتظاره لطبخة البامية وكانت جملته الأخيرة: “البامية بتَتقرمعِش”، وفي طريقه من المسجد تمّ “اختطافه” واعتقاله، والعالم يتفرّج صامتًا، اعتقال تعسفّي كردّة فعل لضغط المستوطنين.
هناك قصص إنسانيّة للأسرى تُبكي الصخر، دمعات على صفحات الفن، وهناك صفقات العار في المحاكم الصوريّة التي تشكّل شراكة في جرائم حرب وكأنّها شرعنة للزنى.
دخل السجن للمرّة الأولى يوم 21.12.1978 وشعاره “هاي طريقنا واخترناها” دفعنا
ثمنًا وليس بحاجة لمقابل، ولم يعوّل على حرّاس أبواب الكازينو في أريحا ولا حرّاس المولات.
حدّثني عن شعوره حين شاهد مآذن جسر الزرقاء من شبّاك البوسطة وعن الموانئ التي تخيّلها من سجن الدامون.
تحدّثنا حول ما كُتب حوله، كتابات بسام الكعبي وجمر المحطات، ودور خالد عز الدين والإعلام الجزائري في وقفته مع الأسرى، والحجة فرحة حاضرة بيننا مع ليمونتها التي غذّتها بحفنة تراب من كل سجن زارته في أرجاء الوطن السليب.
ودّعني قائلًا: سنلتقي في حيفا!
لك عزيزي نائل أحلى التحيّات، الحريّة لك ولجميع أسرى الحريّة، نلتقي قريبًا في حيفانا كما وعدتني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى