شمس خوان ميرو الحمراء
بقلم: أحمد عبد الموجود الشيخ
خوان ميرو الفنان الأسباني السريالي التجريدي الذي مر بالتكعيبية، ولد في برشلونة في منطقة كتالونيا الإسبانية عام 1893 ومات عام 1983, وهو الوحيد في القرن العشرين القادر على منافسة بيكاسو, سواء من حيث تنوع أعماله واختلافها المدهش من عقد لآخر, أو من حيث غناها, أو امتدادها على نحو قرن من الزمان.
فنه دائما يتسائل عن الأرض والسماء حتى إنه يقال عنه: إن فنه يقدم لغة شعرية, وكان له العديد من الأصدقاء الشعراء والموسيقيين, وقال هو عن نفسه في هذا الشأن: أحاول تطبيق الألوان على اللوحات مثل الكلمات التي تشكل القصائد والعلامات التي تصنع الموسيقى، وقال عن الإلهام: عندما احتاج الى نقطة بداية أستلهم منها فني, فإن أصغر حبة رمل أو شعاع ضوئي يمكنه أن يحرك أشياءا غير عادية بداخلي.
وهو أشهر فناني المدرسة التجريدية, يقول النقاد عنه أن رحلته في صباه إلى أميركا الوسطى كان له الأثر الكبير على حبه لإختيار الألوان الزاهية المشرقة في لوحاته، وبدأ حياته كرسام مناظر طبيعية لاند سكيب كفنان فطري نظرا لنشأته في ريف إسبانيا, كما عمل على نطاق واسع في الطباعة الحجريةوأنتج العديد من الجداريات والمنحوتات للأماكن العامة؛ فتجد أعماله في بداياته كانت تعبر عن مظاهر الطبيعة مع السعي لتأويلها, مع التركيز على الطابع الخيالي الذي يحاول إخفاؤه بين الحين والآخر، فتفرد عن غيره نحو التبسيط والإختذال فلم يعد الواقع يظهر إلا بشكل مجزء مركز في شكل رمز, كأن يتحول جذع الشجرة الى مخروط والحقل الى وخرفة متموجة. ثم سافر إلى باريس مع عائلته عقب اندلاع الحرب الأهلية الإسبانية, وهناك تعرف على السريالية وروادها, ووقع على البيان الأول وانضم لها، كما تخلى عن خط الأفق الذي أعتاد الكلاسيكيون استخدامه لتقسيم اللوحة إلى مستويين بصريين, وتخلى عن المساحات المبنية وتحولت اللوحة عنده الى فضاء مسطح, مما يجعل العين تنحرف عن النقطة المركزية لتصبح مشدودة للفضاء الكلي.
ومن بين أعماله لوحة (الشمس الحمراء) 1972 والتي تمثل تحولا عنده فقد قامت على العفوية والتلقائية والتخلي تماما عن الدقة المعتادة, وهذا التحول نتبجة لتغييره للطريقة التي يشتغل بها من اعتماده للمسند الذي يمنح للفنان تيسرا في الإنجاز إلى جانب اشتغاله مباشرة على الأرض,في حين انه في بداياته كان يستعمل طبقات لونيه متعددة, وفي الشمس الحمراء تأثر بأعمال (كندانسكي) عبر إعادة تمثيله للزوايا والأشكال والخطوط التي تقوم بحصر اللون, وتأثر أيضا بالفنان (بيت موندريان) الهولندي عبر عودته للألوان الأولية,
فقد اعتمد خوان اللون كعنصر أساسي في تكوين اللوحة وذلك حسبما يبينه التراكب اللوني من خلال تقنية (التغطية والطمث)؛ ففي المرحلة الأولى يقوم بتهيئة الفضاء الذي سيشتغل عليه من خلال سكب الألوان الأقل كثافة على سطح الورقة, حيث يشتغل على الفضاء باللون لخلق تلك الحركة البصرية التي ستقدم له الشكل الأولى للفضاء، وكأنه تخطيط مبدئي عن طريق استعمال اللون حيث قام بوضع اللون الأحمر ثم النقطة الزرقاء ثم اللون الأصفر، وفي المرحلة الثانية أنشأ الدائرة الحمراء الضخمة الغير منتظمة من خلال صياغة حوافها بطريقة منتظمة، ثم إتبع الأسلوب الخطي من خلال التعامل من الخط الأسود لإنشاء هيكلة من نوع خاص من خلال التقاء الخطوط وتداخلها, فيختلف سمك الخط من جزء لآخر لكي يصبح متقطع متفكك في شكل شظايا , ومن ثم تأتي الألوان الأخرى التي هي بمثابة ملء لهذه التقاطعات.