الموسيقي والفنان غديان القيمري .. نجمة متوهجة في محراب الفن
محمد زحايكة | القدس – فلسطين
زامل الصاحب الفنان والموسيقي غديان القيمري منذ أيام الدراسة الثانوية في المعهد العربي الأردني في أبو ديس حتى نهايات السبعينيات من القرن الماضي. وراقبه وهو يصعد درجات السلم الموسيقي والفني والحياتي ويثبت جدارته وعلو كعبه في مضمار العزف على العود الشرقي ويبدع في مداعبة أوتاره بأنامله السحرية وصوته الرخيم. ويذكر الصاحب أنه اصطحب الغديان ذات ليلة في سهرة فرح وعرس لأحد جيران الصاحب في المكبر التي امتدت حتى الخيوط الأولى من الفجر وتمكن الغديان من الاستحواذ على أجواء السهرة رغم أنه كان ما زال مبتدئا في ذلك الوقت مما أشر على ولادة نجم فني موسيقي وغنائي واعد وله مستقبل عريض .
وشخصية غديان شخصية بسيطة جدا ومرحة دائمة الابتسام ومحبة للفن كرست حياتها للإبداع الفني واحتكت برموز الفن الفلسطيني واكتسبت منهم التجارب والخبرات ونهلت من معين فنونهم وألوان فنهم الكثير حتى بلورت شخصيتها وسماتها الفنية الخاصة وجالت العالم مشاركة بصورة فردية أو جماعية في نشر نماذج وصور من الفن الفلسطيني الشعبي والوطني وحتى العاطفي ليكون سفيرا للعالم كون الفن جزء مهما من الهوية والتراث الوطني الفلسطيني الذي يعمل الاحتلال على طمسه او سرقته والحاقه بمنظومته الفكرية واعتباره جزء من مكونات تراثه وحضارته الوهمية و ” الأساطيرية ” .
والمثير للانطباع في تجربة الفنان غديان القيمري هي روح التمسك بالفن والاستمرار في أداء رسالته الفنية على مدى عقود طويلة دون انقطاع أو توقف بحيث بقي عود الفنان غديان رنان وصوته يزداد حلاوة وطلاوة على مدى الأيام وهو يقدم ويلحن أغاني خاصة ذات طابع محلي أو يغني لكبار المطربين والمطربات في العالم العربي ويجيد في ذلك من أم كلثوم وفيروز وعبدالوهاب وفريد الأطرش وعبد الحليم ووديع الصافي وناظم الغزالي وكاظم الساهر وآخرين كثيرين .
ولا ينسى الصاحب الدور الذي لعبه غديان في تعريف الصاحب بعالم ” الأفلام الثقافية ” عندما كان يصطحب الشلة إلى بيته العامر في أبو ديس ونجلس نشاهد على جهاز البروجكتر تلك الأفلام الرومانطيقية ” الساحرة ” ونحن فاتحين أفواهنا وراخين بيضاتنا كما يقول الوصف الشعبي. وكانت ذكريات وطيش شبان مراهقين لا تنسى؟.. الله لا يوطرزلك يا مسيو غديان المهم أننا اكتسبنا خبرة في هذا المجال المسكوت عنه وشبه المحرم.. وصار الواحد فينا يعرف كوعه من بوعه.. على الأقل.. يا ولداه ويا خياه وبياه؟
وتمضي السنون وما زال الموسيقار والفنان غديان يحتضن عوده بعشق وشقاوة ويترنم به في مناسبات لا تعد ولا تحصى مضفيا أجواء ساحرة على المكان. فالجو جميل وشاعري.. والصاحب جاء يمتع ناظري .. وغديان يشنف آذان المستمعين بتقاسيمه وترانيمه الهادئة الحالمة فيما الصاحب ضارب كوع يطلق لخياله العنان ولأحلام اليقظة الفلتان في أن يكون فارس الأحلام لهاتيك الجميلات الطالعات من لجة الماء كحوريات البحر وحور العين ..
الفنان غديان القيمري.. فنان شعبي ملهم.. أصبح علامة ونجمة متوهجة في سماء الفن الراقي وبات مثل أكسير الحياة الذي لا غنى عنه . فنان متميز، نشد الوصول إلى قمة الاحتراف فكان له ذلك وبذل جهدا مضاعفا ليصيغ لنفسه لونا خاصا به إلى حد ما ونجح في البقاء على قمة المشهد الفني دون كلل أو ملل او تعب .
لندق ناقوس المحبة لهذا الفنان الصامد على جبهة الفن الأصيل .