الشاعرتان صفية الدغيم وليلاس زرزور (وجهًا لوجه)
خاص | اسطنبول
صفية عبد الحميد الدغيم؛ تاريخ ومكان الميلاد: 8 – 1- 1975 م منطقة معرة النعمان – محافظة إدلب السورية ومكان الإقامة الحالية: بلكدوزو – اسطنبول، وهي عضو في رابطة الشعراء العرب لي ديوانان مطبوعان: (صهيل القوافي وحادي القلوب)، وبصدد طباعة الثالث – إن شاء الله – تكتب الشعر الوجداني والشعر الوقومي، كما كتبت الكثير عن معاناة الأحرار والمظلومين في كل مكان، شاركت بالعديد من السجالات، نشرت لها العديد من الصحف الورقية والمواقع الالكترونية.. كان لنا معها هذا الحوار القيم الماتع..
متى اكتشفت موهبتك الشعرية؟ وهل كان للظروف التي عشتها دورها في ظهور هذه الموهبة؟ ومن كان له الفضل في اكتشاف موهبتك الشعرية؟
لم يكن الأمر بمعنى الاكتشاف ..لكنني مثل الكثيرين من محبي الأدب عامة والشعر خاصة ..كنت حريصة على قراءة كل ما هو جميل من كتابات الأدباء الذين يشار لهم بالبنان كالرافعي و المنفلوطي وجبران خليل جبران وغيرهم ومن الشعراء أصحاب المعلقات العشر من الجاهليين ثم مرورا بمن تلاهم من الكبار كجرير والفرزدق والأخطل وغيرهم ومن المعاصرين كأحمد بخيت ومحمد عبد الباري وتميم البرغوثي ونزار قباني والجواهري وغيرهم أيضا.. وقرأت الكثير من الكتب التي أرخت لنا التاريخ أدبيا… ككتاب العقد الفريد والاغاني وغيرها الكثير ..فولد ذلك في نفسي الرغبة في محاولة كتابة الشعر العمودي بشكل جاد بعد تعلم عدد من البحور في الأول الثانوي وتميزي في التقطيع السماعي للشعر فقد كنت ممن يمتلكون أذن موسيقية عالية الدقة .. وهكذا بدأت.
الشعر الحقيقي هو انعكاس لموهبة ولكن ذلك لا يكفي لانتاج ما نصبو إليه من إبداع.. ماهي العوامل التي تسهم في تشكيل هذه التجربة ؟
برأيي أن للموهبة في صناعة الشاعر 60 % من الدور فيما للاكتساب 40 % في أحسن الأحوال وأقصد بالاكتساب هنا تعلم البحور والأوزان و قراءة الشعر القديم والحديث والتمكن اللغوي والبياني.
قولوا لمن تركَ الفؤادَ خَليَّا
غِب ما تشاءُ فأنتَ في عينيّا
///
يا أنتَ يا من لستُ أعرفُ كُنهَهُ
هبني ضياكَ لكي أراكَ جَليّا
///
ودعتُ طيفكَ بالشمالِ، وأختُها
اليمنى تشيرُ :(متى تعودُ إليَّا)
///
ورجعتُ من أمَلي بِعَودِكَ خالياً
صفرَ اليدينِ مقلباً كفَيَّا
///
أحكي ، وأهونُ ما أكابدُ نزفهُ
ماكان منهُ على فمي محكيّا
///
لا شيءَ إلا الريح قالت أدمعي
لما مددتُ إلى السرابِ يَديَّا
///
كَذَّبتُّ لحظكَ حين أنزلَ آيَهُ
فبعثتَ لي من حاجبيكَ نبيّا
///
آمنتُ أنكَ واحدٌ في حُسنِهِ
مَلَكاً كريماً كنتَ أو إنسيَّا
///
يهواكَ قلبي الآنَ كهلاً مثلما
أجراكَ في مجرى دماهُ صبيَّا
///
ما ذنبُ من أهدى إليكَ فؤادَهُ
المُضنى لتكسرَ ظهرهُ المحنيّا
///
لا عيشَ لي إن غبتَ عني، لا تَغِب
حتى نغيبَ عن الوجودِ سَويَّا
كثير من الشعراء لديهم الحظ ولكن ليس لديهم المعجم اللغوي كيف تفسرين ذلك؟
نعم ربما يلعب الحظ دورا في شهرة الشاعر أكثر من تمكنه من أدواته لاعتبارات كثيرة أهمها الخط الذي يسلكه الشاعر وإذا ما كان موافقا للأداة الإعلامية المسيرة من قبل جهات معينة لغرض ما وربما يحاصر الشاعر اعلاميا لمجرد اتخاذه نهجا معارضا للسلطة الحاكمة في البلد الذي هو فيه في النهاية الحرية أساس الإبداع مع توافر الموهبة ..ولا بد أن يذهب الزبد جفاء ..ولا يبقى للتاريخ إلا ما هو جميل.
ما رأيك بالحركة الأدبية حاليا خاصة بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي السريعة؟
الحركة الأدبية ستبقى بخير ما دام المجال متاحا للمبدعين في كتابة ما يشاؤون.. أما دخول كل من ودب ممن لا يملكون المقومات الأولى للنجاح إلى مواقع التواصل.. فلن يؤثر برأيي على ما ذكرته سابقا ..وهو بقاء الأصلح.. ريما يؤثر فقط بتلويث الذائقة العامة وحتى هذه برأيي ستتغير مع الغربلة المستمرة للجيد والرديء.
هل يمكن القول إن المعلم هو الأساس لإطلاق أي موهبة أدبية؟
قد يكون للمعلم أثر في اكتشاف الموهبة أو تطويرها.. لكن ليس بالضرورة.. أو ليس هذا شرطا لنجاح الموهوبين.
ما رأيك بالنقد؟
لا بد من النقد لتقييم النصوص وتسليط الضوء على مواطن الجمال أو الانحدار فيها بيانيا كذلك تقييمها من الناحية اللغوية والعروضية ومدى الترابط أو التفكك فيها ومدى الإحكام في السبك أو الخلل والركاكة فيه.
هل ترين أن الشعر العربي حاليا يمر بحالة تقهقر؟
لا أبدا لأن لكل زمان مبدعوه ..و هم اليوم كثر لله الحمد.. وأود هنا أن أشير إلى تميز اخوتنا اليمانيين على الساحة في مجال الشعر خصوصا مع وجود مبدعين كبار من مختلف البلدان العربية.
ألا تشعرين بأن هناك تباينا بين الشعر المعاصر والشعر القديم؟
نعم بلا شك هناك تباين واضح ولكنه ليس مكروها في كل أحواله أضف إلى ذلك أن التغير في كل شيء سنة الحياة ..ولغة هذا العصر تختلف عن لغة العصور القديمة ..فلا بد للشاعر أن يكتب ما يفهمه الناس اليوم وما يساير المتغيرات في جميع المجالات والمواضيع ولكن مع الحفاظ على سلامة اللغة وجمال الأسلوب.
ما نوع الشعر المفضل لديك؟
الشعر المفضل عندي هو الجميل من الشعر المعاصر بشكل عام
أما بخصوص التعبير عن الاحساس وعلاقته بالشعر فهما برأيي كالجسد والروح ..مع العلم أن هناك من الشعراء من يبدع في كتابة حتى ما لا يحس به …كمديح البعض لسلاطينهم ..فربما يكون ذلك اتقاء شرهم وليس حبا بهم ..وهنا لا علاقة للإحساس الصدق بقيمة النص أدبيا برأيي . لكن تبقى النصوص الصادقة أقرب لقلبي .
هل الشعر صناعة؟
الشعر في الأصل موهبة كما ذكرنا سابقا… لكن عندما يلعب الاكتساب دورا لا بأس به في تطوير هذه الموهبة ..تدخل الصناعة في الموضوع دخول قوي .. ولا مشكلة في ذكر هذا المصطلح إن كانت النتيجة في النهاية مرضية.
مارأيك بقصيدة النثر التي تحررت من القافية من القافية والتفعيلة والوزن وزاحمت القصيدة العمودية؟ وهل أنت مع تصنيفها تحت خانة الشعر؟
لست مع هذه التسمية في الحقيقة.. نعم نحن نقول أن هناك من النثر ما يفوق الكثير من الشعر جمالا.. لكن لا بد من حفظ المسميات، ولا بأس بأن نسمي هذه النصوص النثرية خواطر نثرية لكن كلمة قصيدة أو كلمة شعر ..لها شروطها وضوابطها المعروفة التي لا تنطبق على النثر مطلقا.
كيف ترين الوطن في شعرك؟
الوطن له مساحة كبيرة في قلبي وشعري كما هو عند الكثير من الشعراء فحب الوطن فطرة وغريزة لا نملك وأدها
أمضيتُ عمري على شطآنه فمتى
يُلقي به اليَمُّ او تأتي به الريحُ
///
ذِكراهُ تحيي سنيني كلما ذبُلت
كأطولِ الليلِ تحييهِ التسابيحُ
///
القلبُ ينبضُ لكن حرقةً وأسى
والجسمُ حيٌّ ولكن ما بهِ روحُ
///
على الأراجيحِ أمضينا طفولتَنا
والآن أمست بنا تَلهو الأراجيحُ
///
والدّارُ من بعدِ أن ضاقت بنا هُدِمت
ماذا تُفيدُ بأيدينا المفاتيحُ
///
غرقى تُرِكنا ببحرٍ ليسَ يرحمُنا
نصارعُ الموجَ ..لا فلكٌ ولا نوحُ
ماهي العوامل التي أدت إلى الحد من انتشار الكتاب الورقي في عالمنا العربي؟
العامل الذي ذكر في السؤال ذاته هو السبب الأكبر للحد من انتشار الكتب الورقية …ثم هناك أسباب تابعة لسرعة الاحداث في هذا العصر التي تجعل القراء يسعون للحصول على المعلومة مختصرة وفي إطار أقرب لايصال الفكرة وترسيخها بأسلوب جديد كالفيديوهات التي يتم التركيز عليها اليوم في وسائل التواصل مثلا.
كيف تجدين المرأة كشاعرة؟
المرأة صنو الرجال.. وهي إنسان له مشاعره وأحاسيسه ..لكن المرأة ما زالت مقيدة بشكل عام عن التعبير عن نفسها ..هذه القيود ناجمة عن العادات والتقاليد المجتمعية التي ما زالت قائمة وحاضرة بقوة والحديث ذوشجون .
هل توافقين على مقولة إن إصدار الدواوين هو إثبات للذات أولا وأخيرا ؟
ليس بالضرورة . المهم برأيي أن يقدم الشاعر مادة قيمة لنفسه وللناس وللتاريخ…ولا ننسى أن البعض اشتهر بقصيدة واحدة ..كما أن الشعر الجاهلي لم يكن مدونا في البداية بل كان محفوظا ..ثم وصلنا مدونا لاحقا.
ما سر نجاح الشاعر؟
هناك عدة عوامل تلعب دورا في نجاح الشاعر منها الموهبة وكثرة الاطلاع والقراءة.. والاجتهاد دائما في تقديم الجديد والأفضل.. وتشجيع الدائرة المحيطة بالشاعر.. ووصوله لقلوب الناس بإبداعه وصدقه.. وتفاعله مع هموم الناس وقضاياهم.. وألا يكون مقيدا سواء من قبل الأنظمة أو من قبل من حوله من أهله في كتابة ما يريد.. فأنا مع منح الحرية للمبدعين ما لم تمس كتاباتهم مقدسا للناس.. كالطعن في الدين والعقيدة وغير ذلك.
لمن تودعين أسراك واراءك الشخصية ؟
أنا من أنصار عدم الثقة في أحد فيما يتعلق بالخصوصيات أما إبداء الرأي فواجب على الجميع وفي كل موقع وزمان ومكان خصوصا في القضايا المفصلية التي تتعلق بصراع الحق والباطل والظالم والمظلوم.
لو جلست وتساءلت حول ما أنجزته فماذا تقولين؟
أقول أنني ما زلت في بداية الطريق و لم أنجز بعد ما أريد …وما زال لدي الكثير لأنجزه إن أسعفني في ذلك العمر والوقت والظرف .
ماهي كلمتك لجيل اليوم؟
كلمتي لجيل اليوم كونوا أهلا لحمل إرث عظيم خلفه لنا أجدادنا . .واقرأوا كثيرا وتعلموا واعملوا ولا تنسوا أن أول كلمة أنزلت على نبينا الكريم هي كلمة اقرأ .
كلمة تحبين توجيهها إلى القراء؟
رسالتي لهم مختصرة اقرأوا بعقولكم وقلوبكم وليس بأعينكم فقط.. دمتم بود …