بوادر الحرب الروسية الأوكرانية .. الرسالة واضحة
محمـد علوش
إننا نتابع بقلق كبير وباهتمام الوضع المتطور في أوكرانيا، والموقف واضح بضرورة حماية سيادة وسلامة أراضي جميع الدول، وهذا موقف مبدئي وثابت، وينبغي التمسك بأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة بشكل مشترك .
نلاحظ في الوقت نفسه أن ” قضية أوكرانيا ” متجذرة في شبكة معقدة من العوامل التاريخية والحالية ، وقد أدى تفاعل هذه العوامل إلى دفع الوضع إلى هذه النقطة وارتفاع وتيرة الحرب واتساع مداها وحدودها مما يتعين على جميع الأطراف المعنية ممارسة ضبط النفس ، وتجنب القيام بأي إجراء قد يؤدي إلى تفاقم التوتر وخلط الأوراق بما يسبب حرباً شاملة تلقي بظلالها على العالم ككل ، ومن هنا يتطلب من كافة الأطراف إلى الاعتراف بأهمية تطبيق مبدأ ” الأمن غير القابل للتجزئة ” ، ومواصلة الحوار والتشاور ، والبحث عن حلول معقولة تعالج مخاوف بعضنا البعض من خلال الوسائل السلمية على أساس المساواة والاحترام المتبادل ووفقاً للشرعية الدولية وبعيداً عن تلك الأجندات التي تحاول فرض وقائع بعيدة عن رغبة المجتمع الدولي خدمة لمصالح تحالفية ضيقة والتي عبرت عن نفسها من خلال التصريحات الأمريكية والغربية .
تتسع حدة الصراع حول الأزمة الروسية – الأوكرانية في ظل تصاعد الأحداث وحشد القوات وارتفاع صوت المدافع وصفارات الانذار التي تعبر عن قلق حقيقي ازاء اشتعال فتيل حرب لا تحمد عقباها . . حرب كل العالم بغنى عنها .
لقد رفض الناتو اتفاقية “مينسك” التي طالبت روسيا الاتحادية بتطبيقها كل الفترة الماضية ومن حقها أن تطالب اليوم بذلك ، فما معنى وجود النفوذ الأمريكي في هذه المنطقة من العالم .
هذه المنطقة لم تعد خاصرة رغوة ، والاتحاد الروسي يدافع عن حدوده وعن أمنه القومي والاقليمي ، ولا يمكن أن يهادن بهذا الخصوص وأن يقف موقف المتفرج في ظل التمدد والانتشار غير المعقول للناتو وللوصاية الأمريكية في أوكرانيا.
قرع طبول الحرب والنزوح الكبير الذي يجري في المناطق الحدودية تتحمل حكومة كييف وحدها المسؤولية ، فمن حق روسيا الاتحادية المطالبة بضمان أمنها ومنع تهديد حلف الناتو الذي يشكل تهديداً للأمن القومي الروسي.
أن التفرد والهيمنة الأمريكية التي تحاول فرض سيطرتها على النظام الدولي ومقدرات الشعوب وحقها في تقرير المصير حان الأون أن تنتهي.
ومن المهم أن نتحدث قليلاً عن الرسالة التي وجهها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الشعب الروسي بمناسبة إطلاق العملية العسكرية الخاصة ، حيث قال : ” أوجه الآن بعض الكلمات المهمة جداً إلى الذين قد تسول لهم نفسهم التدخل في الأحداث الجارية .. أيا كان من سيحاول الحيلولة دون إجراءاتنا ناهيك عن تشكيل خطر على دولتنا وشعبنا ، يجب عليه أن يعلم أن رد روسيا سيكون فوريا وسوف يؤدي إلى نتائج لم تواجهوها أبدا في تاريخكم .. نحن مستعدون لأي تطورات وقد تم اتخاذ كافة القرارات المطلوبة في هذا الخصوص ، وآمل أن يُسمع كلامي “.
اذن الرسالة واضحة والقرار تم اتخاذه ولا رجعة عنه بالنسية للقيادة الروسية ، والتي قدمت انذارات من قبل ، وحذرت من مغبة التدخل الأمريكي وتماهي الحكومة الأوكرانية في تبعيتها للغرب .
وقد اتخذ الرئيس بوتن سلسلة من القرارات والاجراءات ومنها الاعتراف بجمهوريتي دونيتسك الشعبية ولوهانسك الشعبية ، متجاهلاً التحذيرات الغربية بأن مثل هذه الخطوة ستكون غير قانونية وستقضي على مفاوضات السلام .
وكذلك حدد الرئيس الروسي موقفه من الوجود الأجنبي معتبراً مراكز التدريب لحلف الناتو في أوكرانيا ترقى الى مستوى القواعد العسكرية للحلف ، وان موسكو تعتبر انضمام كييف المحتمل الى الحلف تهديداً مباشراً لها .
الشعب الفلسطيني الذي يعاني من الدعم الأمريكي للاحتلال ، يتمنى السلام لكافة شعوب العالم وإنهاء الحروب والصراعات الدولية ، ويتمنى للشعبين الروسي والأوكراني السلام بعيداً عن الهيمنة الأمريكية التي تغذي كافة الصراعات في العالم.