قلعة التاريخ القديم.. مهداة للشيخين صالح الربخي وخميس العدوي
هلال السيابي | شاعر ودبلوماسي عماني سابق
{زرت مدينة بهلى التاريخية يوم السبت الماضي فكانت هذه الأبيات}
بي من هواك ، ومن أفواف واديك
رفارف كالأغاني في روابيك
///
حدوتُها، وهي ثكلى من صَبابتها
وسمتُها الصبرَ فانهلت تناديك
///
كأنما هي، والأيام توقظها
مكنونة الدهر قامت من حواشيك
///
فما ادعت غيرَ ما جاشَ الغرامُ به
ولا حدَتْ غير بعض من أغانيك
///
فإن تكن ساجعات الأيك قد رمقت
شدوي، فما هو إلا بعض ساريك
///
أو إن تكن نَفسَت ورقُ الهوى نغمي
بهلا، فما هو إلا من سواقيك
///
شاب الزمان، وما شابت نواصيك
بهلا، ولا جفٌ وادٍ من بَواديك
///
ولا غفت همهمات الدهر عنك، ولا
وساوس الشعر نامت عن قوافيك
///
إن لامس الدهر فرقاً منك تحسده
زهرُ النجوم فلم يلمس مرائيك
///
ما زال زهوك ريانَ الرؤى قبساً
يروي إلى الناس عن أمجاد ماضيك
///
تألق الدهر في واديك منبلجا
عن النجوم ، فما واد كواديك!
///
هذي الربوع، أراها وهي من ألق
تكاد تشرح للدنيا عواليك
///
ما طال “طماحك” العالي بذروته
ألا بهديك أو عالي معاليك
///
ولا تمدٌدَ ذاك “السور” دون هوى
أما سمعت حداه في لياليك!
///
غنى فرددت الأيام، وائتلقت
به الليالي، و بات الدهرَ يشجوك
///
فبين أيديك أيام محجلة
أواه لو علموا ما بين أيديك!
///
فالخيل والليل في “سلوت” راعفة
من الجلاد على ماضي مواضيك
///
وتحت “جبرين” كنز منك ترمقه
زهر النجوم، فما أسمى نواديك
///
وثم في “كدم” عين مكحلة
من ناظريك، وأخرى من أياديك
///
ولم تكن تلكم “الحمراء” شاخصة
إلا إليك، وإلا نحو باديك
///
هنا “بسلوت” في واديك قد سفرت
أيامنا ، وعلت أعلامنا فيك
///
وانجاب من جانبيك الليل عن وطن
في موقف بنضار التبر مسبوك
///
وهاهنا “مالك” خطت صوارمه
“إلياذة” الدهر تحدوها وتحدوك
///
رعيا “لسلوت ” أو رعيا لجارتها
“جبرين ” كم شمخا دهرا بناديك
///
وكم أنافا على الأيام أو سطعا
كالنيرين، وقالا: نحن أهلوك
///
أهلوك أهل العلى بهلا وحق لهم
فما العلى غير غرس من عواليك
///
أكاد أشعر بالتاريخ متقدا
بجانبيك، ونهرا في مجاريك
///
العلم والمجد بعض من جوانبه
والسيف والرمح بعض من حواريك
///
والمعلمون من الأعلام أعمدة
شوامخ، وسوار من سواريك
///
من كل بحر كأن الدهر ساحله
ما جاش إلا بضاحٍ من دراريك
///
أو كل شامخ أنف لا تطاوله
شهب المجرة، في عالي روابيك
///
الأكرمون مقامات وأندية
والمعلمون ملوكا دون تمليك
///
والشامخون وعين الدهر حاقدة
والباذخون بإحسان وتبريك
///
بهلا أتيتك ملتاعا فآنسني
شمائل كالشذى من نحو أهليك
///
وزاد بي ما رأت عيني وما سمعت
أذني وما بات للألباب يجلوك
///
أني وقفت على “الطماح” أنشده
عهد الألى شمخوا يوما بناديك
///
وقلدوا الدهر منهم كل فاضلة
شماء أضحت مدى التاريخ تحكيك
///
رأيت من “ناصر” في ساحه ألقا
يكاد ينفح عطرا من تجليك
///
لله من “يعرب” أقطاب مملكة
زانوا الزمان بتحرير وتحريك
///
و” ابن المظفر” لما بات من ولع
يبكي بصرحك علياه ويبكيك
///
كم صال من آله ليث، وكم خفقت
عليكِ راياتُهم شما تفدٌيك
///
حتى أتاك “أبو زيد” وفي يده
آي من الذكر بالأنوار توفيك
///
يبني ويهدم ما يدعو الكتاب له
من الشمائل من سامٍ ومتروك
///
ولست أنسى ضريحا كالشموس سنا
وكالغمام جرى يوما بواديك
///
للبهلوي و شيخ المسلمين، فقل
ما شئته بين منثور ومسبوك
///
كتابه “الجامع” المشهور ما طلعت
شمس على مثله يوما لمبروك
///
وكيف أنسى الخليلي العظيم وقد
نارت عمان به من دون تشكيك
///
“برهانه الحق” بعد ” الدامغ ” اتضحت
به “الجواهر” فوق العصبة النوك!
///
أتيت واديك بهلا هائما ولعا
بحسن آيك في أفواف واديك
///
ولي رفاق كمثل الشهب في شرف
صالوا بفضلك أمجادا وصانوك
///
كصالح وخميس، ما أجلهما
لم يألوا أبدا عن كل مسموك
///
آها خذيها تحيات منمقة
من الفؤاد، وإن لم ينبلج فيك
///
وكيف توفي حروف أو يفي كلم
لمد بحر من التاريخ مسلوك!
///
لا أحسب الشعر إلا بعض أخيلة
تقل عن أن تفي حقا بماضيك
///
فإنما الشعر أصناف وأعظمه
مالا ينال بمطروق ومحبوك
///
فلتعذرينيَ عما لست أملكه
سبحان ربك جل الله باريك
٢ مارس ٢٠٢٢