قراءة في ديوان ديوان ” أشواق تشرين ” للكاتبة د. روز اليوسف شعبان
هدى عثمان أبو غوش | فلسطين
جاء الديوان تحت عنوان مجموعة شعرية، صادرة “عن أ.دار الهدى ع. زحالقة”،في 157صفحة من الحجم المتوسط، وهو مجموعة نصوص وأُخرى قريبة للقصيدة النثرية، تمزج شعبان عاطفتها تجاه الوطن والحبيب بالطبيعة والأعشاب والنباتات، وتحفظ الذاكرة الفلسطينية،وتستحضر الماضي والتراث،فتنزف عاطفتها بين الحنين والانتظار وبين الأشواق والغياب. فنجد في “أشواق تشرين” أن الكاتبة توظف الأعشاب للتعبير عن مدى شوقها لغياب الحبيب. تقول :“أجدلها بأشواق من النعناع والحبق”. ومن ناحية أخرى توظف الأعشاب والنباتات في علاقة الفلسطيني وتثبيته بأرضه. تقول في”لم أرحل”:
ما زال أنفي عابقا
بشذى النعناع والزعتر
ما زالت رائحة الهال
عابقة في أوردتي
وفي علاقتها مع الحبيب، تصور حالة العاطفة الجميلة التي تمتزج بالطبيعة بصورة رقيقة. تقول في “شجرة العناب”:
يجعلني فراشة تغازل الغمام
تراقص النجوم تعانق اليمام
كما وتزخر مفردات الطبيعة في أغلب النصوص وتتكرر كثيرا خاصة الجداول،وهذا يشير إلى تعلّق وحب الكاتبة للطبيعة وكيف لا والجليل يزهر بجمال فلسطين الخصب،(المطر، الورد، الغمام الغيث، السماء، الجداول، الأرض، وكروم العنب واللوز ،التفاح، البحر،البلابل،الطائر)، وتوظف الكاتبة حفظ الذاكرة الفلسطينية في نصوصها من خلال استرجاع الزمان وذكريات الرّحيل والشتات وتؤكد على مدى ارتباطه بالأرض وحق العودة بأسلوب تصويري. تقول في ” لم أرحل”:
ما زالت ذاكرتي تجوب الحقول
تقبل السنابل تقطف حبات التين.
وتقول في “ميلاد وسفر”:
هناك ضعت
وضاع مني جواز السفر.
كما نجد حضور الزمان بشكل فعّال وبكثافة،فالزمان ينتقل بين الحاضر والأمس بين لحظة النكبة وما بعدها ويحمل معه الأشواق، وهو الانتظار والقلق والوجع (الغروب، الشروق، الشمس، السحر المساء،الفجر).
والقارىء لنصوص الكاتبة يلاحظ وجود مفردات الالات الموسيقية، فهي تتناغم مع الطبيعةوالعاطفة. مثل: الرّباب، قيثارة، عزف، كمان،مزامير، النايات، ولحن. ونجد المفردات التي تعبر عن الاشتياق مثل: حنين- شوق – يتوق، كما ونجد الألفاظ الدينية – تعمّد، توضأ. كما استخدمت الكاتبة أساليب النفي للتأكيد على حق الفلسطيني وعدم نسيان بلاده وأرضه. تقول في”من قال إنني حلم”-
لم أكن قصة من قصص علاء الدّين
ولا طائرا مهاجرا
فوق الفرات والنيل
ًإنما زنبقة أنا
نبتت في أرض البرتقال الحزين”.
كما أكثرت في أسلوب الاستفهام والتساؤلات ومخاطبة الذات والغائبين المهجرين والجناة،والحكام.
وكانت الأفعال المضارعة تتحرك بغزارة في النصوص لتصف انفعالات الكاتبة وعاطفتها تجاه الوطن والحب،وقد ظهرت عاطفتها تجاه المكان(الأرض)بصورة جميلة خاصة في “جذوة المكان”حيث ظهرت صور التأنيس،فظهرت حبيبات الزيتون تهمس وتهلّل وتغني وتدثر الكاتبة. وتقول أيضا في تصوير عاطفتها الجياشة القويةتجاه المكان حيث برزت الأرض هي الأم والكاتبة هي الرضيع:
“يجذبني المكان إليه
أتثبت في جذوره
أحضنه بلهفة رضيع”
ورغم العاطفة الحزينة والحنين والأشواق نشمّ رائحة الأمل والحب والخير في بحثها عن قنديل زيت لمن يشعل وطنها،فنجد أنها أيضا تنتظر الأيائل التي تساندها وهي رمز للروح والقوة والأمل، لتبدد الحزن والقلق بالفرح.