دلالات الزمان والمكان في ديوان شعر “أشواق تشرين” للكاتبة روز اليوسف شعبان

بقلم: رفيقة عثمان

صدر ديوان شعر للكاتبة روز اليوسف شعبان، بعنوان “أشواق تشرين” ، احتوى الدّيوان على مجموعة شعريّة، تتألّف من 175 صفحة من القطع المتوسّط. يُعتبر هذا الدّيوان الثّاني للكاتبة، ويتراوح عدد القصائد النثريّة 42 قصيدة؛ وتضمّن الإهداء لروح أبي الكاتبة؛ استهل الدّيوان مقدّمة من قلم الكاتب والنّاقد فريد شاكر.

 من قراءتي لهذا الدّيوان، شعرت بمتعة وسلاسة القراءة؛ نظرًا لسهولة اللّغة وجزالة الألفاظ، وتعتبر اللّغة من نوع السّهل الممتنع؛ وقصائد الدّيوان معظمها قصائد نثريّة بلغة شاعريّة منسابة. انسجمت الكاتبة (الشّاعرة) روز مع الطبيعة وتناغمت قصائدها مع الأزهار وعطرها، بكافّة أشكالها وألوانها؛ كما ورد بقصيدة “تسألينني في سهادي” صفحة 82، تمّ ذكر الأقحوان، والبيلسان، وزهر اللّوز، والسّوسن، والياسمين؛ كذلك في قصيدة “ياسمين بسطت بتلاتها برفق” صفحة 38.

  طغت على معظم القصائد النغمات الموسيقيّة، والمقامات، والتراتيل، وذكر أسماء بعض الآلات الموسيقيّة؛ ممّا يبعث على الفرح والانبساط في النّفس، وشحن الطّاقات الإيجابيّة بروح القارئ. “نهاوند ترتيلة”، “قيثارة تداعب أوتارها”. هذا الاندماج مع الموسيقى، وتغريد العصفير، وسحر الطّبيعة الخلّاب؛ ينمّ عن الرّوح الشفّافة والصفّاء الرّوحي الّذي تتمتّع بها شاعرتنا روزاليوسف. كيف لا ولإسمها نصيب من الأزهار. تعني الوردة باللّغة العربيّة.Rose

  ظهرت العاطفة جليّة وصادقة، عاطفة الفرح والانتماء للوطن، كما ورد صفحة 89 “سلام لك يا وطني” من الشّتات والمهجر، والقصيدة النثريّة “لم أرحل” صفحة 27. تغنّت كاتبتنا بالمكان، كما ورد صفحة 58 “أنا وأنت طائران في المدى”، على بساط الرّيح انتقلت ما بين بغداد، وصنعاء، ودمشق، وزهرة المدائن، وأسوار عكا. حلّقت الكاتبة عاليًا بين الدّول العربيّة؛ تقديرًا وانتماءً لعروبتها الصّادقة.

  لم تنسَ الكاتبة بتقديم نصيحة لبنات جنسها، كما ورد صفحة111 “كوني كما شئتِ” “كوني كما شئتِ أن تكوني، قيثارة.. ديمة.. نسمة.. زنبقة.. صلاة؛  لكن لن تكوني أرجوحةً لكل طائر أو عابرٍ فاتن”. هذه القصيدة اعجبتني جدّا، خاصّة بأنها تزامنت مع يوم المرأة العالمي، والّتي تساند المرأة بالحفاظ على كرامتها، وحريّتها، واستقلاليتها.

تغنّت الكاتبة بالسّلام، ونبذ العنف، كما ورد صفحة  143 بقصيدة “لا مكان”؛ لا مكان للقذائف.. لا مكان للصّواريخ والحجارة والغربان.. لا مكان للرّصاص والقتال.. لا مكان للقتل والتّدمير والإذلال… فلا مكان هنا سوى لتغريد الطّيور والعنادل.”.

    اختارت الكاتبة عنوان الدّيوان “أشواق تشرين”؛ لماذا تشرين بالذّات؟ لو تأمّلنا بعض المناسبات والذكرى؛ لوجدنا بأنّ مناسبات عديدة وهامّة تتصادف ذكراها بشهر تشرين الثّاني؛ فمثلًا اليوم الخامس من شهر تشرين الثّاني، “وهو ما يُسمّى بالأسبوع الدّولي للعلم والسّلام، أمّا اليوم السّادس من الشّهر يُعرف باليوم الدّولي لمنع استخدام البيئة في الحروب والصّراعات العسكريّة، ويوافق اليوم العالمي للعلوم من أجل السّلام والتّنمية، واليوم الواحد والعشرون  من تشرين الثّاني، يُطلق عليه اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، واليوم الخامس والعشرون يُصادف اليوم الدّولي للتّضامن مع الشّعب الفلسطيني، واليوم التّاسع والعشرون، هو يوم إحياء ذكرى جميع ضحايا الحرب الكيميائيّة” منصور، 2021.

  لا شكّ بأنّ الكاتبة اختارت هذا العنوان، لرغبتها في التركيز على المناسبات الهامّة التي تصادف في تشرين، وتتوق أن تتحقق؛ لذا تشرين يحمل في طيّاته الأمل والتحرّر من الذكرى الأليمة، والتفاؤل نحو حياة أفضل، وبأشواق لتشرين في ذكراه يحل السلام والأمان والاطمئنان.

   خلاصة القول: تعتبر قصائد الكاتبة روز اليوسف، نصوصًا نثريّة، تحمل في طيّاتها مضامين مختلفة، مفعمة بالمشاعر الإنسانيّة الصّادقة، والّتي تحاكي المشاعر والعقول، وتدخل القلب بانسياب دون تكلّف يُذكر؛ بلغتها السلسة الشّاعريّة، ومن الممكن تناول بعض النثريّات، وتلحينها ومن ثمّ غنائها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى