روسيا والسلاف

أ. د. أحمد الصاوي | أكاديمي مصري

في المصطلح الحديث ينظر إلى الروس باعتبارهم أكبر الشعوب السلافية ولكن من أين جاءت تلك التسمية؟
هنا لابد من العودة للمصادر العربية والشرقية الاسلامية حيث تكثر فيها الإشارات لتاريخ تلك المنطقة من شرق أوربا.
وطبقا لتلك المصادر فإن الروس استمدوا تلك التسمية من قبيلة “روس” وهي قبيلة اسكندنافية ممن يطلق عليهم الفايكنج أو غزاة الشمال وثمة خلاف حول موطنهم في أقصى الشمال فهناك من يرى أن منطقتهم هي التي تشغلها دولة السويد فيما يعتقد الدنماركيون أن قبيلة روس كانت تسكن مناطقهم الحالية.
وقد اهتم أديب دنماركي شهير هو مايكل كريستن بأحد أهم المصادر التاريخية العربية التي تحدثت عن الفايكنج لهذا السبب وهي رحلة احمد بن فضلان سفير الخليفة العباسي المقتدر بالله لملك البلغار الأتراك وألف على هديها روايته التي اقتبس منها فيلم المحارب رقم 13(عمر الشريف وانتوني بندرياس).
قام أفراد قبيلة روس بالقبض على ابن فضلان وعاش بينهم فترة وعاد ليسجل في تقريره للخليفة مشاهداته عن تلك القبائل وعاداتهم وكذلك عن قبائل الترك في بداوتهم.
نعود لقبيلة روس التي كانت تمتهن في أوطانها مهن عدة منها تربية المواشي وصناعة الأسلحة الحديدية.
أما التجارة التي اشتهروا بها فكانت تبدأ مع فصل الصيف عندما يذوب الجليد فيسلكون طريقهم عبر نهر الفولجا (نهر الإثل في المصادر العربية) وتتكون تجارتهم مما يلي:
الأسلحة المعدنية التي صنعوها
أخشاب الأشجار الجيدة وكانوا يربطونها بالحبال ويركبون فوقها مع انحدار النهر وصولا لمصابه جنوبا.
فراء الحيوانات التي يصادفونها من ثعالب ودببة وغيرها من حيوانات الفراء
الصبية والصبيات الصغار ممن يقبضون عليهم بالقرى وهؤلاء كانوا يباعوا مع ما سبق كعبيد وجواري للتجار الذين ينقلون كل تلك التجارات للولايات الاسلامية ذات الثراء البالغ ويحصل أفراد روس على الفضة وسلع الحضارة من أقمشة وحلي نظير سلعهم.
وسواء استقر بعض أفراد روس على ضفاف الفولجا لتأمين طرق تجارتهم المزدهرة كما يعتقد أو اكتفوا برحلاتهم الصيفية للتجارة فقد منحوا لتلك المنطقة تسميتها المعروفة بها لليوم “روسيا” وإن كان هناك من يذهب دون سند تاريخي إلى أن سكان روسيا الحالية ينحدرون من قبيلة روس الاسكندنافية إلا أن الغالب على الظن وفقا لمعطيات من أهمها اللغة أن سكان روسيا هم ضمن ما يعرف بالشعوب السلافية
أما تسمية تلك الشعوب بهذا الاسم فيعود غالبا لقيام روس بقنص الصبية والصبايا منهم ممن حسنت هيئاتهم وصحت أبدانهم وبيعهم بيع الرقيق.
وقد شكل هؤلاء تقريبا جل الجواري في الشرق الإسلامي وصولا للعصر العثماني كما عرف الصبيان الذين بيعوا للأندلسيين بالصقالبة ولعلها نطق عربي لكلمة جذرها. Slave التي اشتقت منها تسمية الشعوب السلافية.
وان استمرت المجتمعات الاسلامية التي استقبلت على الدوام أعداد متزايدة من الجواري الشقراوات في التمييز بينهن وفقا لمجموعاتهن العرقية الفرعية مثل الروسية والجرجية (من جورجيا).
يلاحظ أن هؤلاء الصقالبة كانوا أيضا من ضمن الجند الفاطمي وليس فقط الاندلسيين وان كانت الدولة الأموية الغربية بقرطبة هي أظهر من اهتم باتخاذ الجند من الصقالبة (التسمية كانت تضم أيضا عناصر غير سلافية حسب بعض الأقوال) وكانوا النواة الصلبة لجيش الحاجب المنصور بن أبي عامر حيث عرفوا بالفتيان العامرية ولهم دور مشهود في حماية مدن الساحل الأندلسي وجزر البليار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى