سلاح القمح
توفيق أبو شومر | فلسطين
إليكم القصة التالية عن مستقبل أهم سلاح فتَّاك، وهو سلاح القمح، وردتْ القصةُ على لسان أشهر دعاة حماية البيئة في العالم، لستر براون، مؤسس معهد، وورد ووتش في واشنطن، قال: “حضرتُ اجتماعا هاما في فندق، فيرمونت، وكان يجلس في القاعة الفاخرة، تيد تيرنر رئيس السي إن إن وزوجته، جين فوندا، ومستشار الأمن القومي الأمريكي، بيرجنسكي وبعض الحائزين على جائزة نوبل، رأيت عشرات علب الكافيار بزنة كيلوغرامين للعلبة الواحدة، وفي القاعة أشهر الطهاة يُعدون وجبة العشاء الفاخرة. تداول الحاضرون خبرا خطيرا وهو؛ أصبحتْ الصين أكبر مستورد للقمح بكميات كبيرة لأول مرة في تاريخها، مما سيترك أثرا بالغا على العالم”!
أشار الخبير البيئي، لستر براون أيضا إلى اجتماع ثانٍ مع خبراء الزراعة الأمريكيين في مكان محاطٍ بالسرية، يقع في الطرف الجنوبي من وزارة الزراعة الأمريكية، وهو مكان معزول تماما عن العالم، يخضع لمراقبة مسلحة، لا يُسمح فيه بالاتصالات، محاط بستائر كثيفة، يدرس الحاضرون فيه صورَ الأقمار الصناعية، ويحللون فيض المعلومات، علَّق لستر براون على جو الاجتماع قائلا: هذا أسلوب استخباري، يشبه أفلام المافيا، أشار ت القصةُ أيضا في صفحة 71 من الكتاب إلى (مؤامرة) الهيئة الأمريكية لمراقبة الإنتاج الزراعي، والإنتاج العالمي على إنتاج وتسويق القمح، وكميات الاستهلاك، وأثر ذلك على أكثر من مائة دولة، طالبَ المسؤولُ بالتزام السرية التامة، حتى لا تتسرب المعلومات بشأن كميات القمح في العالم، فقد انخفض مخزون القمح في العالم عام 1995-1996 بنسبة حادة بحيث أصبح يكفي العالم مدة تسعة وأربعين يوما! لذا فإن حصة الفرد آخذة في النقص، بعد أن تحولت دولٌ عديدة في آسيا وأوروبا إلى دول صناعية
استنتج لستر براون أن أمريكا ما زالت تهيمن على نصف صادرات القمح في العالم، فهي بذلك لن تكتفي بالهيمنة على العالم في مجال التسلية الرقمية، والإنتاج الثقافي المعرفي، بل ستصبح القوة العظمى في العالم في مجال الغذاء، لأنها ستوزع الخبز على العالم!
أعادني ملفُ أزمة أوكرانيا في هذه الأيام إلى الكتاب الذي أورد القصة السابقة، ففي الكتاب نبوءةٌ تشير إلى ما وصلنا له اليوم وتحدد ملامح مستقبل العالم في عصر الألفية الرقمية الثالثة، كاتبا الكتاب هما، هانس بيتر مارتن، وهارالد شومان، اسم الكتاب، فخ العولمة، صدر عن عالم المعرفة رقم 238 ،
استشرف الكتاب منذ ربع قرن مستقبل العالم الذي نعيش فيه اليوم، وحدَّد آليات تسييره بخطط ذكية، ومؤامرات مدروسة، بقيادة مخططينَ بارعين مجهولي الهُوية خططوا لمستقبل العالم في ألفيتنا الثالثة!
كان ذلك كشفا لسلاح القمح القادم، وهو السلاح المتنازع عليه بين الدول الكبرى، لأن الصين وروسيا والهند وأمريكا، وأوكرانيا تعتبر أكبر منتج لأهم صادرات العالم من القمح، فهل أصبحتْ إزاحة أوكرانيا من مركز التصدير الأول للقمح في العالم هدفا تجاريا استرتيجيا بالدرجة الأولى؟!
يحتاج ملف إنتاج القمح في دول العرب إلى دراسات وأبحاث تستطلع المستقبل، فالعرب أكبر مستوردي القمح في العالم، لأنني قرأتُ كثيرا عن عددٍ من خطط ومؤامراتٍ نُشرت تفاصيلها في وسائل الإعلام منذ سنوات، تهدف كلُّها لإفشال زراعة القمح في الدول العربية، التي كان مفروضا أن تنافس دول العالم في الإنتاج والتصدير وليس في الاستهلاك، لأن مساحاتها ومناخها ملائم تماما لزراعة الحبوب، كما أنها شاسعة المساحة، مثل الجزائر والسودان والسعودية ليبيا ومصر، معظم هذه الدول كفَّت عن زراعة القمح بحججٍ عديدة، تدخل في معظمها في بند المؤامرة على المستقبل، لغاية تطويع الشعوب العربية لاستعمارٍ تجاريٍ جديد، استعمار الأفواه والبطون، وهو أبشع أنواع الاستعمار!
يبدو أن دول العالم القوية التي تملك زمام القيادة قد جرَّبتْ استخدام ألوانٍ استعمارية عديدة، منها أسلحة التكنلوجيا الرقمية، وسلاح الدواء والأمراض والأوبئة، وسلاح الكهرباء، وسلاح الماء ولم تنضج مؤامرة تطويع العالم بعد، وهي اليوم تستعد لإطلاق أخطر سلاح، القمح، هو السلاح الاستراتيجي الأول في عالم اليوم، لأنه أخطر أنواع الأسلحة وأشدها فتكا!