الاحتلال والعنصرية المهزومة

عدنان الصباح

أبدا لن تستطيع أجهزة أمن الاحتلال أن تكتشف ذلك الفلسطيني الذي سيشهر سلاحه وسط أحد أسواق تل أبيب فجأة ودون سابق إنذار مهما امتلكت من عدة وعتاد وإمكانيات فهناك الفلسطيني الملتحي واليهودي الملتحي … الفلسطيني الأشقر واليهودي الأشقر وكذا الأسمر والحنطي وما شابه فيوجد فلسطيني بعيون زرقاء كما إن هناك يهودي ببشرة سوداء فكيف إذن ستحمي دولة الاحتلال مواطنيها من الدرجة الأولى دون أن تتمكن من إيجاد آليات لاكتشاف الفلسطيني من النظرة الأولى.

على دولة الاحتلال الصهيوني أن تتذكر جيدا ماذا فعلت بهم الدول العنصرية وفي مقدمتها ألمانيا الهتلرية حين أجبرتهم على وضع إشارات على ملابسهم تدل على أنهم يهود فهل ستلجأ دولة الاحتلال الصهيوني لإلزام الفلسطيني بلبس إشارة تعريفية لتتمكن من اتخاذ الاحتياطات من نواياه وهل يمكنها ذلك بالفعل.

في فلسطين التاريخية يعيش الفلسطينيون واليهود مناصفة أي أن هناك 7 ملايين فلسطيني مقابل سبعة ملايين يهودي والفارق الوحيد والخطير بينهم أن هناك سبعة ملايين قنبلة فلسطينية موقوتة بسبب إجراءات الاحتلال وهذا الأمر لا ينطبق على اليهودي وهذه القنابل الموقوتة لأي سبب كان سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا أو دينيا أو فكريا لن تجد متنفسا لها إلا الاحتلال ومن يحميهم هذا الاحتلال.

العنصريون عميان البصر والبصيرة عادة وهم لشدة غطرستهم ينسون كل شيء ولا يدركون الحال إلا كما يتمنون واذا لم تتمكن دولة الاحتلال من التخلص من احلامها العنصرية والقبول بالدولة الفلسطينية الواحدة الموحدة كدولة مدنية ديمقراطية فإنها تحكم على نفسها ورعاياها من اليهود بالدمار اجلا ام عاجلا.

الصهيونية هي دين دولة الاحتلال وليست اليهودية أبدا والا لاعترفت هذه الدولة بحقيقة الأمر وقبلت بالعودة إلى فلسطين التاريخية التي قبل شعبها ولا زال يقبل بمشاركة اليهود أرضهم وإذا لم تتمكن هذه الصهيونية من الاعتراف باستحالة تطبيق أفكارها على أرض الواقع فعلا فإنها حتما ستقود ناسها إلى كارثة جديدة

ليس للفلسطيني ما يخسره سوى العذاب وهو بالتالي لن يعنيه أمر غيره وهي مسئولية تقع أولا وآخرا على العنصريين من حملة فكر الاحتلال الصهيوني لأرض الغير وعليهم أن لا يصغوا أبدا إلى تجربة أسيادهم في واشنطن ممن تمكنوا من إلغاء عرق عن وجه الأرض واستبداله بكشكول الشحاذين المسمى اليوم الولايات المتحدة الامريكية وهو الدرس الأخطر في تاريخهم ولولا أن أسيادهم قد استفاقوا باكرا بإلغاء العنصرية الداخلية ومحاربتها بما في ذلك تلك التي كانت موجهة ضد اليهود أنفسهم ذات يوم واعتنقت الديمقراطية مبدأ علنيا لها لما كان لها أن تواصل وجودها.

إن الرسالة الأخطر التي تركها المقاومون الفلسطينيون في النقب والخضيرة وتل أبيب هي أن لا مجال لكم للهروب منا ومواصلة قمعنا والتنكر لحقوقنا وإن السلام ممكن فقط حين يكون سلاما يمنح الفلسطيني أرضه وكرامته وحقوقه كاملة غير منقوصة بما يشمل كل أرضه من حيث عاش ولا زال يعيش وسيبقى فليس للفلسطيني من مكان يعرفه سوى وطنه ولا من مكاسب يخسرها سوى وجعه اليومي المتواصل بفعل الاحتلال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى