أثر إدراج الهوية القيمية في المنهج التفسيري للتاريخ علي البناء الحضاري للأمة الإسلامية
د. طارق محمد حامد
كما يقال بأن التاريخ يكتبه المنتصر ويتلقفه العوام بنوع من الخضوع للسلطوية الزائفة والمؤقته ومما لا شك فيه أن أمرا كهذا يغلف حقائق التاريخ بغلاف من الزييف لأن كتبة التاريخ في هذه الحقب هم في حقيقة الأمر عمال و أجراء يكتبون الأحداث التاريخية وفقا لهوي و مرجعية ما يقال عنه المنتصر إن كان له مرجعية من الأساس ، فكثيرا ما قامت خصومة بين طرفين من أطراف الصراع علي الحكم من قديم الأزل فيعمل كل طرف من الأطراف المتصارعة بشيطنة الطرف الآخر و يروج لنفسه قديما من خلال الشعراء والإصدارات الدعائية المكانية مثل دار الندوة و سوق ذي المجنة و عكاظ قديما و حديثا مثل الإعلام المرئي و المقروء و الأحدث شبكات التواصل الإجتماعي و الفن بدءا من خيال الظل و رسائل إخوان الصفا المعارضة للأنظمة الحاكمة آنذاك و الفن أو التمثيل في العصر الحديث فتارة تجد هذا الفن يقوم بحلقات مسلسلة مثلا في السينما و التلفزيون الأمريكي بالتبشير بالحاكم المحتمل و كذلك تمجيد مؤسسات بعينها مثل مؤسسات الجيش أو الشرطة أو المخابرات المركزية الأمريكية أو الانجليزية و انتهاء بمؤسسة البيت الأبيض أو الرئاسة و تحسين الوجه القبيح للإمبريالية الغربية و التغطية علي جرائمهم و عنصريتهم ضد الزنوج و الهنود الحمر و إغفال دور آلاتهم العسكرية في الإبادات الجماعية و التصفيات العرقية في فيتنام و العراق و الهولوكوست في فلسطين>
ولكن يقومون بهذا الأمر باحترافية عالية لكن الأمر مختلف عندنا نحن العرب بعض الشيء و هي البدائية الشديدة في تناول هذه الأمور فبدلا من أن يقوموا بتحسين الصورة الذهنية للساسة و المؤسسات لدي الشعوب و لكنهم يفسدون الأمر و يشوهون هذه الصورة الذهنية من حيث أرادوا أن يصلحوا مفاسدهم.
و لكي نخرج من هذا النفق المظلم في فهم و تفسير التاريخ حيث كل علي هواه وجب علينا أن نضع نصب أعيننا الهوية القيمية في تحليل و تفسير التاريخ و هذا الأخير له من الآثار الإيجابية في إقامة البناء الحضاري للأمة الإسلامية في العصر الحالي و المستقبل و كذلك البناء علي التصور الصحيح لتفسير التاريخ طبقا للهوية القيمية و ليس لشتي الأهواء و مما لا شك فيه أن قراءة التاريخ بهذا التصور لهو أقرب إلى الجادة و الصواب لأنه يفسر التاريخ بعين المتجرد لا المتحيز و الذي يعد نوعا من المرض المبني علي الغرض و الهوي و بذلك يتسق الفهم مع العمل و البناء الحضاري للأمة فيصح إحكام الفهم و إحكام البناء.